من قديم الزمان وقبل بدء التاريخ, يثبت التاريخ أن المقاتل المصري قوي وأصيل.. كما أن قوميته واعتزازه بوطنه واضحا علي امتداد العصور والأزمان.. وهذه الأصالة وهذا الانتماء للوطن يتجليان ويتضحان في العصر الإسلامي حيث أمرنا الله تعالي باعداد القوة للاعداء, كما اعتني الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بالتخطيط السليم لتنظيم واعداد صفوف الجيش وبث روح الإيمان بالله عز وجل والتوكل عليه سبحانه. وما من شك في أن ما اتبعته دولتنا الحبيبة, وما سلكه قادتنا العظام في الإعداد والتنفيذ لحرب العاشر من رمضان المجيدة انما استمدوه واستوفوه من دستورنا العظيم القرآن الكريم وتعاليم الرسول صلي الله عليه وسلم من الاعداد الروحي والديني للمقاتلين ولمن خلفهم من أفراد الشعب, واعداد ما في الاستطاعة من قوي بشرية ومادية وتخطيط علمي سليم وتدريب شاق متواصل علي أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا صناعة الأسلحة في العالم, مع تنويع مصادر السلاح وتصنيع بعضها محليا. ومع إيمان المقاتل المصري واخلاصه لوطنه وتمتعه بالروح المعنوية العالية وتدريبه التدريب الجيد وصبره ومثابرته, ومع جبهة داخلية صلبة قوية صامدة تحمي ظهره.. كان نصر العاشر من رمضان الذي حطم الأسطورة وأزاح كذب العدو الذي لا يقهر, بل مسح عار الهزيمة وأعاد لنا أرضنا كما أعاد لنا ثقتنا بأنفسنا ومجدنا وفخارنا بين الأمم بعد أن كشف الله عنا الغمام والضيق ومر كأنه سحابة صيف ما لبثت أن انقشعت وتبددت بنزول هذه السكينة الربانية علي المؤمنين. ولقد ورد عن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم انه قال: أن مصر كنانة الله في أرضه والكنانة هي جعبة أو مخزن السلاح.. كما ورد عنه صلي الله عليه وسلم انه قال: إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جندا كثيفا فانهم خير أجناد الأرض, قالوا: ولم يا رسول الله؟ قال: لأنهم في رباط إلي يوم القيامة. نعم! فالمقاتل المؤمن لا يهاب الموت في المعركة, بل يعده شرفا, ولا تصيبه الغفلة مع احتماله الأذي والبلاء, كما أن قدرته علي الصبر تفوق الخيال.. وهذا تبين لنا في حرب العاشر من رمضان, حيث كان المقاتلون صائمين, فكان ذلك رغبة منهم في أن يقابلوا اعداءهم وهم في عبادة.. فان انتصروا كان لفضل الصيام وبركته فلا غرور يركبهم, وان استشهدوا كان وقوفهم أمام الله تعالي ومحاسبته سبحانه لهم علي دم الشهادة وعبادة الصيام التي هي التقوي والصبر اللذين ليس لهما ثواب إلا الجنة. وقد وعد الله تعالي بنصر جنده من العلماء المخلصين والمجاهدين المرابطين والهداة الصالحين, حيث يقول تعالي: وان جندنا لهم الغالبون, بما في ذلك من تأكيد لفظي ومعنوي ونسبة عزيزة شريفة إلي الذات العلية.. فجند الله هم الملتزمون بشرع الله تعالي المتبعون لانبيائه ورسله, المدافعون عن حدود الله سبحانه.. فانتصارهم وغلبتهم مضمونة من الله تعالي بما أقاموا من صروح عدل ومحبة بين الناس وبحفظهم لحقوق الله واستجابتهم لأوامره سبحانه وابتعادهم عن نواهيه, فشاع الأمن وعم السلام والحب بين أفراد المجتمع, ومصر, وجند مصر.. هم الذين دافعوا عن الإسلام وأرضه.. وهم الذين عنه سيدافعون دائما إلي يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها.