إذا أردت قراءة المستقبل فعليك الإنصات لشباب العلماء. تلك كانت الحكمة من المكتسبة من متابعة فعاليات الملتقي السنوي السادس والثلاثين للعلماء الفائزين بجائزة نوبل وشباب الباحثين من مختلف أقطار العالم بجزيرة لينداو بألمانيا. ولعل ما يثبت أهمية الملتقي تخصيص مجلةScientificAmerican لسلسلة حوارات علي موقعها الإلكتروني بعنوان' ثلاثين تحت الثلاثين' حيث يتم الاستماع لأفضل30 باحث شاب من مختلف دول العالم حول رؤيتهم للثورات العلمية المرتقبة خلال السنوات القادمة. وعلي مدار ستة عقود تحول هذا الملتقي السنوي من مبادرة لإذابة التوترات التي خلفتها الحرب العالمية الثانية من خلال دعم التواصل بين شباب العلماء في ألمانيا وأقرانهم بدول أوروبا, إلي أكبر ملتقي لشباب الباحثين من مختلف أقطار الأرض بالعلماء الفائزين بجائزة نوبل لمحاورتهم والاستفادة من خبراتهم ومناقشتهم في أهم التحديات العلمية التي يواجهوها. ويقول البروفيسور ولفجانج شورر رئيس مؤسسة ملتقي علماء نوبل بلينداو إن تلك المشاركة لا تمنح لشباب الباحثين إلا مرة واحدة في العمر, وسعيا لإتاحة الفرصة لمشاركة أكبر عدد من الباحثين من الدول النامية حرصنا علي العمل مع عدة مؤسسات دولية لتمويل منح لباحثين بإفريقيا وأمريكا اللاتينية. أما علي مستوي جنوب شرق آسيا, فبمرور السنوات أدركت عدة دول مثل الهند والصين وباكستان لأهمية الملتقي وأصبحت تنظم مسابقات قومية لانتقاء الأفضل والأجدر من بين علمائها للمشاركة في ملتقي لينداو. وفي دورة هذا العام تشارك كل من الهند والصين ب38 من خيرة علمائها. كل هذه الأمور أدت لارتفاع نسبة حضور الدول النامية إلي25% من مجمل الباحثين والذين يقدر عددهم هذا العام ب620 باحثا. وبالنسبة لإسرائيل فحجم مشاركتها السنوية يصل إلي12 باحثا يمثلون مختلف الجامعات والمراكز البحثية هذا بالإضافة لحضور علمائها الفائزين بجوائز نوبل مثل البروفيسور آرون سيتشانوفر الحاصل علي جائزة نوبل في الكيمياء عام2004 والذي أدار هذا العام جلسة حول فاعلية الأجيال الجديدة من الأدوية المصنعة بتقنية النانوتكنولوجي. باحث من أسيوط من النماذج المشرفة التي مثلت مصر بالملتقي, د.محمود الصبحي مدير مركز أسيوط لطب النانو بجامعة أسيوط والمدير المساعد لمختبر الأبحاث بجامعة تكساس بالولايات المتحدة والذي يعمل حاليا تطوير جسيمات نانو متناهية الصغر محملة بعقارات مضادة للسرطان يمكنها الوصول للخلايا المصابة مباشرة والفتك بها بأقل ضرر ممكن علي الخلايا السليمة. ويضيف د. محمود أنهم صمموا جسيمات اسطوانية في حجم نانو محملة بعدة عقارات وتحمل علي سطحها بعض الجزيئات الموجهة التي تسمح لها بدخول الخلايا السرطانية بكميات أكبر من التي تدخل الخلايا الطبيعية وأثبتت الأبحاث أن جسيمات النانو الاسطوانية يمكنها أن تستمر في الدورة الدموية بعد الحقن لفترة أطول مما يسمح لها بالتراكم في أماكن وجود الأورام بكمية أكبر وبالتالي علاج الأورام بشكل أفضل. لينداو والعرب وفيما يتعلق بمشاركة الباحثين العرب بالملتقي, أوضح البروفيسور شورر إلي أنه بالرغم من توافر المنح الدولية لتعزيز المشاركة العربية وحرصنا علي مخاطبة الوزارات المعنية بدول المنطقة إلا أن مشاركة الباحثين العرب ضعيفة للغاية وفي انخفاض مستمر عام بعد الآخر. ويكفي للتأكيد علي ذلك, ملاحظة انخفاض المشاركة من12 باحثا عربيا في عام2010 إلي باحثان فقط هذا العام كلاهما من مصر وحاصلان علي منحة من أكاديمية البحث العلمي. وتقول الدكتورة مروة رجب المدرس بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية إن ترشيحها للمشاركة في ملتقي لينداو جاء عبر إدارة الجامعة وقبل أيام قليلة من غلق باب الترشيحات, حيث لم تجتاز أي اختبارات لكونها المتقدمة الوحيدة عن جامعتها, كما أنه بعد فوزها بالمنحة لم تتلقي أي معلومات من الجهة المنظمة بمصر عن طبيعة الملتقي والقضايا التي سيتم مناقشتها. وتضيف الدكتورة مروة إن من أسباب عدم إقبال بعض الباحثين في مصر علي المشاركة بملتقي لينداو عدم التعريف الكاف به, هذا بالإضافة إلي عدم تصنيفه إداريا كمؤتمر علمي سيعرض من خلاله المشاركين أبحاثهم, وبالتالي يعتبره بعض الباحثين غير مجد في الترقي الإداري بالنسبة لهم. وحول تفسيره لضعف المشاركة, يوضح البروفيسور شورر إنه عادة يتم مخاطبة الوزارات المعنية بالدول لانتقاء وترشيح أفضل علمائها لحضور ملتقي لينداو, وكما يبدو فإن حجم التواصل ببعض الدول العربية مابين الجهات التنفيذية والجامعات وشباب الباحثين ضعيف للغاية. ويضيف شورر إن منظمة الأوبك توفر25 منحة سنويا لمشاركة باحثين من الدول الأعضاء بالمنظمة بملتقي لينداو, ونظرا لغياب المشاركة العربية فإن هذه المنح تذهب لدول أخري. وسعيا للتغلب علي تلك المشكلة, أعلن شورر عن تخصيص ملتقي لينداو منحا للباحثين العرب عبر الموقع الإلكتروني للملتقيwww.lindau-nobel.org واختيار أفضل المتقدمين, كما دعا شورر الأهرام لمعاونته في التعريف بالملتقي نظرا للمكانة الكبيرة التي تتمتع بها الصحيفة علي مستوي العالم العربي. إضافة لذلك, أكد شورر أن يتمني مشاركة مكتبة الإسكندرية في مشروع لترجمة محاضرات علماء نوبل والذين شاركوا بملتقي لينداو خلال العقود الماضية, حيث تم مؤخرا تحميل المحاضرات علي الموقع الإلكتروني للملتقي وإتاحتها مجانا, ومن الممكن أن تسهم هذه المبادرة في تعريف المصريين والعرب بالكنوز العلمية الذي يتم مناقشتها بالملتقي.