في مشهد أعاد للأذهان ملحمة ثورة 30 يونيو، خرج ملايين المصريين إلى الميادين والشوارع فى مليونية "لا للعنف والارهاب"، واكتظ ميدان التحرير وقصر الاتحادية وميادين الثورة المختلفة، استجابة لدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي الشعب للنزول لإعطائه تفويض من أجل مواجهة العنف والإرهاب. ففي الوقت الذي رحبت فيه القوى الثورية والشبابية والأحزاب السياسية، المعارضة للرئيس السابق محمد مرسي بالدعوة، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية، اعتبرتها دعوة صريحة لحرب أهلية، وهو ما يتنافى مع تأكيد القوات المسلحة، أن الدعوة لا تحمل أي تهديد لأطراف سياسية بعينها، وأنها جاءت كمبادرة وطنية لمواجهة العنف والإرهاب، الذي لا يتسق مع طبيعة الشعب المصري ويهدد مكتسبات ثورته وأمنه المجتمعي. وجسد المصريون مشهدا للوحدة الوطنية، تمثل في انطلاق أذان المغرب من المساجد، تزامنا مع دقت أجراس الكنائس في مختلف انحاء مصر، إيذانا بانتهاء صيام المسيحيين الذي قررته الكنائس تحت شعار من أجل مصر، وهو ما يدل على أن المصريين صف واحد لا يستطيع احد شقه، ورسم الشعب لوحة فنية عبرت عن طموحات وتطلعات الشعب نحو تحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. ولكن.. أعتقد أن تلاحم الشعب المصري وجيشه، له مدلولات تفرض على العالم الخارجي التعامل مع القضايا المصرية بحذر شديد، فمع التكاتف الشعبي الذى ظهر جليا، خلال مليونية تفويض الجيش، يعقد من أي محاولات للهيمنة على إرادة الدولة المصرية وشعبها، ويحرم أصحاب الاطماع فى الخارج والداخل من فرصة لتحقيق أهداف دنيئة. إن نزيف الدم المصري فى ربوع الوطن، لن يقف الا بإقامة دولة العدل والقانون، وإنزال القصاص بمن استهان بالدم المصري، هو السبيل الوحيد لردع كل من تسول له نفسه، مستقبلا الاعتداء على أي مواطن بغض النظر عن انتمائه السياسى أو الديني أو الفكري. ما يحدث في الشارع المصري حاليا يتعارض مع الشرائع والأديان كافة، وليس له علاقة بالدين والعقيدة، فمصر الآن في مفترق طرق، تحتم على الجميع إدراك أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وأن إستمرار حالة الإستقطاب الحادة ستبقى كل الأطراف خاسرة خاصة فى ظل مخططات تكدير الأمن القومي. إذا لا حاجة لمؤيدي المعزول بالنزول، ولا لمعارضية بتفويض الجيش، فالرئيس مرسي لن يعود لسده الحكم، ولا الجيش يحتاج إلى تفويض، للقضاء على الإرهاب، لان ذلك منصوص عليه في خارطة الطريق، وبحكم أن العمليات الإرهابية تدخل ضمن الأمن القومي .. فلابد من ضرورة مراجعة النفس، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية أو الانتماءات السياسية .. فهل من مصلحة البلاد وقوف أبنائها في مواجهة بعضهم البعض بالسلاح واستخدام العنف؟ [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر