لا يخفي علي أحد, أن تشكيل حكومة جديدة وسط هذه التحديات التي تمر بها البلاد عقب ثورة30 يونيو, يلقي علي عاتقها بمهام صعبة, ومسئوليات كبيرة. من أبرزها عودة الأمن, ومواجهة العنف بكل أشكاله وصوره بالقانون,.. والتصدي لجنون الأسعار, وجذب الاستثمار الأجنبي, وتنشيط السياحة, وإعادة دوران عجلة الانتاج, وسد منافذ التهريب, وتطهير سيناء من الإرهاب, وفرض السيادة المصرية عليها. صحيح أن المهمة ليست سهلة, لكن الجميع يعقدون الآمال علي حكومة كفاءات تتمتع بالخبرة في تحقيق أهداف الشعب, ومطالبه بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. سألنا الخبراء عن أهم أولويات الحكومة الجديدة.. فماذا قالوا؟ هناك العديد من الأولويات- علي حد قول أبو العز الحريري المرشح الرئاسي والبرلماني السابق- وتشمل ضرورة صنع مناخ سياسي موات لالتفاف الجميع حوله, ومخاطبة الرأي العام المحلي, والعربي, والدولي, بشأن حقيقة الإرادة الشعبية التي تجلت في ثورة الشعب علي النظام في30 يونيو, وكذلك يجب العمل علي إعادة توزيع موارد الدولة بشكل صحيح, وإعادة النظر في منظومة دعم الوقود للقطاع الصناعي, ووقف تهريب السلع المنافسة للمنتجات الوطنية. ومن الأهمية- والكلام مازال ل الحريري- إعادة المصانع المتعثرة, التي توقفت عن العمل خلال الفترة الأخيرة, كما يجب وقف احتكارات السلع, وتحديد سعر تكلفة وهامش ربح حقيقي للسلع, بما يسهم في تخفيض أسعارها بنسب لا تقل عن60%, ووقف تحصيل المديونيات المقررة علي الحرفيين, والمزارعين, وأبناء الطبقة المتوسطة بشكل عام لمدة5 سنوات, وإعادة العمال المفصولين إلي أعمالهم. وعلي المستوي الأمني, فإنه من الضروري القضاء علي مظاهر العنف في الشارع, وتحقيق الاستقرار, مواجهة الفوضي, مشيرا إلي أن ماكينة العنف سوف تستمر لفترة قصيرة, لكنها لن تكون واسعة النطاق, ولن تؤتي ثمارها. ضبط الاسعار ومن أبرز الأولويات التي يجب أن تضعها الحكومة الجديدة علي أجندتها كما يقول نبيل زكي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع إعادة فرض الأمن في الشارع بكل الوسائل, وإلغاء جميع خطوات الأخونة التي تم اتخاذها خلال الفترة الأخيرة لزرع أعضاء جماعة الإخوان في كل مؤسسات الدولة, للتأثير علي نتائج الانتخابات البرلمانية لمصلحة جماعة الإخوان. ومن أبرز مهام الحكومة الجديدة, ضرورة ضبط أسعار السلع الضرورية, والعمل علي إعادة دوران عجلة الانتاج, وتنشيط الحركة السياحية,ووقف العمل بجميع القوانين التي صدرت في ظل النظام السابق, ومراجعتها من خلال لجنة قانونية تنشأ بقرار جمهوري, وأخيرا تطهير سيناء, وفرض السيادة المصرية عليها بعد أن أصبحت مرتعا للتنظيمات الإرهابية المتطرفة, التي أصبحت تهدد الأمن القومي المصري بشكل قاطع,وعلي المستوي الدولي, فإنه يقع علي عاتق وزارة الخارجية في الحكومة الجديدة, مهمة التواصل مع العالم الخارجي, لتأكيد أن ما حدث في30 يونيو هو ثورة شعب وليس انقلابا عسكريا كما يزعم البعض. جذب الاستثمارات والحال كذلك, فإنه علي المستوي الاقتصادي- والكلام ل محمد البهي عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات و رئيس لجنة الضرائب بالاتحاد- لابد من تغيير الاستراتيجية الحالية تجاه رجال الأعمال, والعدول عن الاجراءات التي تم اتخاذها ضدهم وكان من بينها استباق لأحكام القضاء, لاسيما أن تلك الاجراءات تعطي مؤشرات سلبية للاستثمارات الوافدة.. ومن الأهمية, تطوير البنية التشريعية, وتعديل المواد التي تسمح بالتأميم من اجل المصلحة العامة للوطن, وهو إجراء غير مسبوق في اي دولة في العالم, ومن ثم فإن الدولة يجب أن تتعهد بحماية الاستثمارات, وعليها أيضا إجراء تعديلات تشريعية تبعث برسائل إيجابية للمستثمرين, بهدف جذب استثمارات مباشرة. ضبط السوق الموازية. وإذا كانت الدولة تبذل جهودا كبيرة للبحث عن موارد جديدة لتمويل احتياجاتها سواء للاجور او الخدمات, فإن الحل الذي يتبادر للأذهان هو أن ذلك ممكن من خلال وسيلتين اساسيتين الأولي هي زيادة الضرائب والثانية هي الاقتراض المحلي والخارجي, ولكن الحل غير التقليدي والكلام مازال لعضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات يكمن في تحصيل المستحقات الكبيرة للدولة من السوق الموازية, التي تضم ملايين العاملين في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات, وهم ليسوا بالضرورة ملتزمين بالنظم والقواعد والقوانين, ولايخضعون لرقابة الاجهزة المختصة التي تلتزم بها قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات الشرعية, مشيرا إلي أن المؤشرات توضح أن حجم السوق الموازية في مصر قد تضخم خلال السنوات الماضية, حيث وصل حجم نشاطه إلي تريليون جنيه أي الف مليار جنيه وقيمة الضرائب المستحقة عليه وغيرالمحصلة سواء كانت ضرائب مبيعات أوعامة في حدود مائة وخمسين مليار جنيه علي الاقل طبقا لنسب التحصيل الحالية, وبالتالي فإن حجم نشاط هذه السوق غيرالمرئي علي الخريطة الرسمية يمثل رقما هائلا ويعتبر بالفعل جزءا كبيرا من إجمالي النشاط الاقتصادي في مصر, خاصة إذا ما قارناه بحجم السوق الرسمي المنتظم والطبيعي والملتزم بالقواعد والقوانين والذي تبلغ قيمة نشاطه التريليون ونصف التريليون جنيه اي ألف وخمسمائة مليارجنيه وقد وصل حجم الضرائب المحصلة علي السوق الرسمي بالفعل اكثر من مائتي مليار جنيه أي أن نسبة تحصيل الضرائب تقل عن15% علما بأن متحصلات الضرائب بالدول التي تتماثل دخولها مع مصر تصل الي27%.. وبالنسبة للسوق الموازية فإن من أهم مكوناته الصناعة المصرية غير الرسمية والمعروفة بمصانع بيرالسلم ويصل عددها إلي نحو أربعين الف مصنع غير شرعي طبقا للمدون بالسجل التجاري, وتلك المصانع تتهرب من الضرائب والرسوم بغطاء من الشرعية, حيث تتبع اساليب احتيالية كعدم اصدار فواتير ضريبية وعدم امساك سجلات ودفاتر محاسبية, وذلك في إطار دائرة مغلقة لشراء خاماتها ومستلزماتها من شركات اخري دون إصدار فواتير وبالتالي تقوم بالبيع لأسواق منتشرة بأنحاء الجمهورية لا تتعامل بموجب مستندات رسمية غالبيتهم العظمي مصانع صغيرة ومتوسطة ويصل حجم إسهامهم في السوق الموازية الي نحو أربعين في المائة من اجمالي نشاط هذه السوق في حين أن النسبة الباقية التي تمثل ستين بالمائة تسهم بها التجارة غير الشرعية سواء المحلية او المستوردة. عودة الأمن وبالنسبة للمجال الأمني, فإنه كما يقول الدكتور عادل عامر الخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية يجب تحقيق الأمن, الذي يعد حجر الزاوية في جذب السياحة, والاستثمارات الخارجية والداخلية, وتطبيق القانون بحسم علي المخالفين, وإعادة هيكلة الجهاز الأمني من خلال العمل علي وضع مجموعة السياسات والبرامج التي تؤدي إلي تطوير مرفق الأمن ليصبح أكثر قدرة علي أداء واجباته بما يتماشي مع المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان ومتطلبات التحول الديمقراطي, وفرض قيم العدالة وإعلاء دولة القانون والتركيز علي قيم المواطنة لرفع كفاءة القطاعات الأمنية وانضباطها ضمن الإطار القانوني الذي يحدد صلاحياتها, لا سيما أن استعادة الأمن والأمان في الشارع هو السبيل لإنقاذ الاقتصاد المصري من أزمته الحالية, ومن ثم فإن عودة السياحة والاستثمار الأجنبي والمحلي والإنتاج لن يتأتي إلا بعودة الاستقرار للشارع. الإصلاح الاقتصادي وعلي الرغم من خطورة الوضع الاقتصادي لمصر حاليا, إلا أن هناك بارقة أمل من الممكن أن تتحقق, إذا ماعادت عجلة الإنتاج, والأمن, وساد الاستقرار في المجتمع, وانتهت المظاهرات الفئوية التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر, و من الضروري إرسال رسالة واضحة من قبل جميع المسئولين في مصر للمستثمرين في الداخل والخارج بأن مصر تشجع الاستثمار وتهتم به وتعمل علي تنميته, والعمل علي تحسين المناخ الجاذب للاستثمار, والسعي جديا لجذب استثمارات جديدة وبعثت تطمينات للاستثمارات الموجودة فعليا والعمل أيضا علي إقامة مشروعات عملاقة كثيفة الإنتاج والعمالة, مع أهمية التركيز علي عودة عجلة الإنتاج في شتي القطاعات الاقتصادية, وعودة التصدير, وإنتاج السلع الأساسية والغذائية, حتي لا يحدث نقص في الأسواق. العدالة الاجتماعية والحال هذه, يجب أن تعمل الحكومة علي تحقيق العدالة الاجتماعية, من خلال إقامة مجتمع الكفاية والعدل, مجتمع العمل وتكافؤ الفرص, مجتمع الإنتاج ومجتمع الخدمات, وجميعها تقوم علي تبني مشروعات وطنية, ودعم وخلق قطاع عام قوي وقادر علي قيادة التقدم في جميع المجالات وتحمل المسئولية الرئيسية في خطة التنمية فضلا عن ضرورة مشاركة القطاع الخاص في التنمية في إطار الخطة الشاملة من غير استغلال, وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص وخاصة في نطاق الخدمات الأساسية اللازمة لحياة الإنسان, وتنمية قدراته مثل حق كل فرد في التعليم, والرعاية الصحية, والتأمينات الاجتماعية, والعمل, وتحديد حد أدني وأعلي للأجور حرصا علي السلام الاجتماعي, وإعادة هيكلة نظم التعليم, والتدريب, والصحة, والإسكان, واتخاذ الإجراءات الصارمة لحماية موارد الدولة عبر إلغاء الاتفاقيات غير القانونية التي أهدرت الثروة المصرية ولاسيما التي صدرت بشأنها أحكام مثل اتفاقيات تصديرالغاز, بينما تعاني مصر من أزمة أنابيب الغاز.