الاجتماع التاريخي المتمثل في موجة استرداد الثورة كتب تاريخا جديدا وحرر مصر من عملية اختطاف غالبا كانت ستنتهي بمحاولة تصفيتها بالكامل, واستجابة القوي الوطنية والجيش تمت بحنكة وترو أسهم في انجاحها أيضا خطايا وجرائم الطرف الإخواني. لعل افتضاح أمره وإصراره علي معاداة الجميع والإقصاء والضرب في أساسات الدولة في هذا الوقت القصير علامة من السماء. وفي البداية التحية واجبة للشعب العظيم الملهم الذي أصدر أمرا وتكليفا وجب علي الجميع الانصياع له والمقصود بالاجتماع هو الجمعية العمومية لشعب مصر فهي السلطة العليا في أي وطن أو مؤسسة.. تمنح توكيلا فقط لتحقيق رغباتها فإذا رأت اعوجاجا أو بيعا للأصول, تجتمع بشكل طارئ ويكون اكتمالها نفسه الغاء للتوكيل, فهي التي تصدر أي قرارات وهي الأصل.. بدأ تصحيح مسار25 يناير باسترداد الميدان رمز الثورة, وتنبه شوارع وحواري مصر لقدر الكذب والفشل وبالتالي الخطر, وبثقة غير عادية وإرادة فولاذية لم ينتظر المواطن من يأتي له بالحل, وذهب هو ليصنعه بنفسه وسار خلفه الجميع, وفرض علي الجميع احترام ارادته بعد أن استقالت جموع المصريين من حزب الكنبة ونزلت هادرة تطالب بتحرير الوطن. مع خالص التقدير لطليعة تحملت أعباء ومخاطر كبيرة وفضحت وقامت بدور رائد في التنوير من أجل التغيير. ولقوات مسلحة أدارت الأزمة بوطنية وحنكة وكانت تأمل منذ الدعوة للمصالحة في القرية الأوليمبية أن تفيق القيادة الإخوانية من غيبوبتها دون جدوي. وطبعا الأحزاب المدنية وحزبا النور ومصر القوية والأنصار والمستشارون والوزراء الذين انفضوا من حول جماعة الكذب والفشل. نجاح المد الثوري في30 يونيو في تصحيح المسار فتح في اللحظة نفسها نوافذ عريضة علي أكثر من صعيد, ولعل النافذة الأولي منها ترتبط بآمال عريضة تتوازي مع حجم هذه الهبة التي تجاوزت أعدادها من خرجوا في الموجة الأولي من الثورة بمراحل. وهو ما يتطلب تواصلا دائما من المسئولين مع الشارع وفي مقدمته الشباب. وتخطيط وإرادة تضع في الحسبان الفرص والمخاطر.. والنافذة الثانية ترتبط بالمصالحة الوطنية التي كان بيان القوي الوطنية موفقا للغاية عندما منحها أولوية وهو يقدم خارطة طريق تحرير مصر من التطرف والجهل, فباستثناء العصابة التي ستحاكم جنائيا.. لا يجوز أن تكون هناك مظاهر شماتة في الأهل والأحباب والزملاء الذين نختلف معهم سياسيا أو انساقوا في غيبوبة تمنينا أن يستيقظوا منها في أسرع وقت.. وهنا نبحث بعد فترة انتقالية قصيرة عن تمصير روح غاندي السلمية وسياسة مانديلا التصالحية ونبحث عن الحلول والمخارج مع عقلاء في الإخوان لا يتشبثون بإقصاء ذاتي واعدام سياسي بالإصرار علي عدم تقليل خسائرهم وخسائر مصر من جراء سياساتهم بالعمل خارج القانون. النافذة الثالثة يمكن تلمس أبعادها في حديث رئيس الجمهورية عدلي منصور عن استمرار الثورة في القلوب والعقول وعن دخول مصر مرحلة جديدة لن يتم فيها دون الله عبادة صنم أو رئيس. هو ما يمكن ترجمته لجهود منظمة تمارس دورا رقابيا شعبيا مستمرا يهدف لتحسين الأداء وتلاقح الأفكار وإلزام الجميع بالتوافق في هذه المرحلة الانتقالية لأنه ليس من المقبول أن يتم التنافس والتناحر بدون أن يتم رسم حدود الملعب بطريقة نزيهة واعتماد قوانين اللعبة بتجرد حقيقي. وهذا لا يمكن تحقيقه دون تعاون كامل مع مؤسسات الدولة وعلي رأسها الحكومة باعتبارها القائم الفعلي علي تسيير أمور البلاد. النافذة الرابعة بشأن مواقف الولاياتالمتحدة والغرب بشكل عام وإسرائيل بشكل خاص المتشنجة إزاء تصحيح مسار الثورة فقد جاءت متحيزة للإخوان بشكل سافر وتجاهلت الحراك الشعبي الذي( سد عين الشمس) والهبة العارمة الرائعة للشعب, وتحدثت عن انقلاب عسكري, ومخاطر في سيناء(!) متجاهلة أن التصويت تم العام الماضي في خضم أزمة سياسية ضخمة واتهامات بالتزوير المباشر بجانب التلاعب ومنع الناخبين عن التصويت. وهو ما يمكن تفسيره بأن هناك( فواتير انتخابية) لم يدفعها الإخوان بعد للغرب ولإسرائيل, علي غرار نواب مجلس شعب2010 الذين قاوموا الثورة بشراسة لكونهم لم يستردوا بعد ما دفعوه للحصول علي مقاعدهم. صحيفة معاريف لخصت المخاوف والمواقف الإسرائيلية بقولها: ليس من قبيل الأسرار أن التنسيق والتعاون العسكري والاستخباراتي بين إسرائيل ومصر تعاظم في فترة حكم الإخوان المسلمين ومصر لعبت دورا مهما في اتفاق وقف اطلاق النار مع حماس. وتحدثت عن زيارات لمسئولين ومحادثات هاتفية في عهد حكم الإخوان, وذكرت في المقابل أن إسرائيل بعد30 يونيو طلبت تأكيدات بشأن الوضع والسيطرة في سيناء. وهنا يجب علينا لأقصي حد أن نتنبه ونكون موحدي الصفوف, مع اتباع اجراءات مراقبة غير تقليدية من خلال المؤسسات التي تتابع المصادر العلنية في إسرائيل وتسهم في دوائر صنع القرار علي أسس علمية. قبل كل هذا يجب فورا علي المسئولين اطلاق سراح المعتقلين السياسيين فلا يجوز أن يتم استمرار اعتقال أحمد دومة مثلا لمجرد انه معارض وقال علي مرسي عبارات جاءت بعد ذلك بالنص في حكم محكمة الاستئناف التي نظرت قضية سجن وادي النطرون. ولا يجوز أن يظل مصابو الثورة يعانون ذلا ومهانة.. تحيا مصر وشكرا لكل من فتح معنا باب الأمل من جديد. لمزيد من مقالات د. احمد فؤاد انور