رحلت جماعة الإخوان عن السلطة, ولكنها لاتزال قلبا صلبا يصعب تجاوزه. راهنت القوي السياسية والمجتمعية علي مرشح الجماعة في إنجاز أهداف ثورة25 يناير. لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن, أربكت تصرفات الجماعة المشهد, فعادت العناوين الخلافية بين الفرقاء إلي الساحة, وفقد الرئيس الإجماع الوطني حين ماطل في تنفيذ تعهداته. غير أن المروءة لا تقتضي البحث والتفتيش في أخطاء الجماعة وذراعها السياسية الحرية والعدالة, فالجماعة مجروحة. لذلك يفضل الآن أن ننظر للمستقبل وأن نضمد الجروح لا أن ننكأها, وأن نوحد الصفوف لا أن نعيد إحياء الفتنة, والنزعة الانتقامية والبحث عن الأخطاء والخطايا لتقطيع الرقاب. وفي سياق متصل فإن ثمة إجراءات تبقي ضرورية أولها تحقيق المصالحة الوطنية ولم الشمل دون إقصاء أو استبعاد لهم, فهم قوي منظمة وفاعلة في عموم المجتمع. أما الاجراء الثاني فيرتبط بضرورة كشف الغطاء عن الإجراءات الاحترازية التي تم أخذها بشأن عدد كبير من قيادات التيار الإسلامي, وضمان عدم تعريضهم لمحاكمات استثنائية أو عسكرية, فربما يخلق ذلك حالة من التوتر وانفلات الأعصاب لدي جموع الإسلاميين, ويغذي رغبات الجناح الراديكالي وسط هؤلاء, ومن ثم الدخول في دوامة من الفعل ورد الفعل قد لا يحمد عقباها. وراء ما سبق يكون من المهم التعامل بقدر كبير من ضبط النفس مع التظاهرات الرافضة للإجراءات الأخيرة, والتأسيس لتفاهمات جديدة تنهي هذه الاعتصامات وتجاوزها. أما الاجراء الرابع, فهو ضرورة إعادة إرسال القنوات الفضائية ذات المرجعية الإسلامية, في إطار الالتزام بميثاق شرف إعلامي يحترمه الجميع, ويرسي خطاب سياسي واجتماعي غير مؤدلج ويعلي من القيم الوطنية والمصالح العليا للبلاد. القصد أن لحظات الانكسار التي يمر بها الإسلاميون بعيدا عن التفتيش في أسبابها تقضي من القيادة الجديدة طمأنة هؤلاء, والتأكيد علي أنهم طرف فاعل وشريك وطن لا يمكن الاستغناء عنه, وبذلك ربما تراوح الأزمة مكانها, لنفتح صفحة جديدة. لمزيد من مقالات كرم سعيد