سبقتنا بولندا في التحول الديموقراطي والاصلاح الاقتصادي بنحو20 سنة, لذا تصبح دروس تجربتها مهمة خاصة أنها ترتبط مع مصر بعلاقات قديمة ترجع الي عام.1927 والي مصر جاءت بولندا ومعها التشيك والمجر وسلوفاكيا والتي تشكل معا مجموعة دول( الفايسجراد) لعرض تجارب تلك الدول في التحول السياسي والاقتصادي. وفي هذه المناسبة كان الحديث مع السيد بيوتر بوختا سفير بولندا في القاهرة بدءا بسؤال عن المجموعة والمؤتمر. وكانت الاجابة: ان توقيت المؤتمر مهم حيث يأتي في فترة رئاسة بولندا للمجموعة في يوليو2012 وقد تلقينا موافقة مصر التي اهتمت علي المستويين الرسمي والشعبي علي عقد المؤتمر مما يعبر عن الرغبة في والاهتمام بدراسة التحول السياسي والاقتصادي كما يجسد المؤتمر حرص المجموعة علي دعم مصر في المرحلة الراهنة. والتحول الاقتصادي في تلك البلدان هو موضوع المؤتمر الذي شهدته القاهرة يوم الأربعاء(19 يونيو) تحت عنوان الاصلاح الاقتصادي في فترات التحول الديموقراطي دروس مستفادة من مجموعة الفايسجراد كي تسترشد بها خطط الاصلاح الاقتصادي الحالية في مصرو تجربة التعاون بين القطاعين العام والخاص والاندماج في الاتحاد الأوروبي ودور الطاقة في دعم عملية التحول. وأعتقد أن الوضع الاقتصادي في مصر يعطي أهمية بالغة لدراسة تجارب الدول في التعامل مع المشكلات للوصول الي تحول ناجح. ماهي فكرة انشاء المجموعة التي تضم4 دول هي أصلا أعضاء في الاتحاد الأوروبي؟ في أعقاب التغييرات التي شهدتها دول وسط أوروبا في بداية التسعينيات من القرن الماضي تأسست مجموعة دول( الفايسجراد) والتي تعرف اختصارا ب( في4) وتضم بولندا والتشيك والمجر وسلوفاكيا. تجسدت في المجموعة جهود الدول الأعضاء في العمل المشترك في مجالات ذات اهتمام مشترك مثل الاقتصاد والثقافة والتعليم والعلوم وتبادل المعلومات انطلاقا من عناصر التشابه بين تلك الدول المنتمية لوسط أوروبا في اطار عملية اندماج اوسع في المحيط الأوروبي. فقد كانت تلك الدول جزء من حضارة واحدة ذات جذور مشتركة مع تعددية دينية, وسعت إلي عضوية الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي تحقق في الأول من مايو عام2004 وبالتالي فان هذا التجمع ليس بديلا عن عضوية الاتحاد الأوروبي ولا ينافس الهياكل الإدارية للاتحاد. ماذا فعلت دول المجموعة لكي تعبر الي النجاح؟ تبنت تلك الدول إصلاحات جعلتها في عداد الدول مرتفعة الدخل وتمتعت بمعدلات ثابتة من النمو الاقتصادي وتمثل الان مجتمعة سابع أكبر اقتصاد في أوروبا ورقم15 علي مستوي العالم كما تعد هذه البلدان معا سابع أكبر اقتصاد في أوروبا والخامس عشر علي مستوي العالم. نود التعرف علي تجربة بولندا في التحول؟ تحول الاقتصاد البولندي من التخطيط المركزي الي الاقتصاد الحر ومن الشركات الكبري الخاسرة التي تم التخلص منها الي المشروعات المتوسطة والصغيرة. وكنتيجة لذلك أصبح في بولندا5,3 مليون مشروع صغير ومتوسط تنج67% من الدخل القومي وتوظف ثلثي قوة العمل وتدل مؤشرات القوة الشرائية علي زيادتها أربعة اضعاف. وقد مكنت تلك التغييرات كل مواطن من فتح مشروعه في سوق مفتوحة مما أثار موجات من الابتكارات وساعد البولنديين علي تحقيق طموحاتهم أو فلنقل انهم أخذوا الاقتصاد بأيديهم. وقد أفضي التقدم الاقتصادي الهائل بعد20 عاما إلي ارتفاع مستويات المعيشة في الفترة من1989 .2012 ويصنف الاقتصاد البولندي في الوقت الراهن في المرتبة ال20 علي مستوي العالم والسادس علي مستوي أوروبا, كما أنه يحتل المرتبة الخامسة من جهة أسرع الاقتصادات نموا علي مستوي العالم من ناحية دخل الفرد. واليوم فان بولندا تجسد قصة نجاح حقيقية ووفقا لإحصاءات عام2011 فان80% من البولنديين يعتبرون أنفسهم سعداء وراضين عن حياتهم وهذا يرجع بلا شك الي التحول الذي مرت به البلاد والذي منحها الديموقراطية والحريات المدنية واقتصاد السوق الحر. كيف تنظر الي عملية التحول في مصر؟ هناك صعوبات علي المدي القصير ولكن المستقبل حافل بامكانات النهوض ولكن هناك حاجة الي توافق سياسي والمشاركة في مواجهة المشكلات وعندما يتحقق ذلك يمكن بناء المؤسسات وقد استغرق ذلك10 سنوات في بولندا وظلت بولندا في حالة من التدافع بين النظام القديم والنظام الجديد. كيف تنظر الي العلاقات بين مصر وبولندا في مرحلتين؟ علاقات بولندا ومصر قبل الثورة كانت رسمية جدا أما بعدها فقد تفتحت أفاق واسعة وبدأ الجانبان في استكشاف المزيد من مجالات الاهتمام المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية والثقافية, وقد شهد عام2011 توجه أول مجموعة مصرية الي بولندا لدراسة تجربتها في التحول وقد صادف هذا العام تولي بولندا رئاسة الاتحاد الأوروبي مما زاد من وتيرة الاتصالات بين الجانبين وتبنت بولندا مبادرة إنشاء الوقف الأوروبي للديمقوراطية في افريقيا والشرق الأوسط فضلا عن الزيارات الثنائية المتبادلة. ونحن في بولندا ننظر إلي مصر من عدة زوايا فهي شريك لنا معه علاقات تاريخية قديمة بدأت في عام1927 حيث كانت مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع بولندا بعد استقلالها في عام.1918 وماذا عن العلاقات الاقتصادية بين مصر وبولندا؟ هناك نمو متزايد في علاقات البلدين الاقتصادية وبلغ حجم التبادل التجاري خلال عام2012 نحو340 مليون دولار نصيب صادرات بولندا منها200 مليون دولار تتمثل في المعدات والأدوات الكهربائية. وزادت صادرات مصر خلال تلك الفترة بنسبة41% وتتمثل أهم الصادرات المصرية في المواد الخام والكيماويات والسجاد والخضروات والفاكهة. مصر بحاجة الي استثمارات فهل هناك استعداد من جانب بولندا لضخ استثمارات جديدة؟ الاستثمارات بحاجة الي اعادة تقييم ونتلقي رغبات من الشركات البولندية الراغبة في الاستثمار في مصر في مجالات من بينها البترول والغاز والنقل البحري ولكن توجد عقبات ادارية تعوق الاستثمارات. وعلي سبيل المثال فان شركة بولندية تعمل في مجال النقل البحري تنتظر الموافقة علي بدء العمل منذ عام. ويمكنني التأكيد أن هناك اهتماما من الجانب البولندي بالاستثمار في مصر ولكن مطلوب قرارات تهيئ المناخ للنجاح.