أضم صوتي إلي أصوات هيئة التمريض في مصر وخريجي المعاهد الذين خرجوا في مسيرة صاخبة, اعتراضا علي عدم وقف عرض فيلم الحرامي والعبيط والذي يسيئ إلي مهنة التمريض, من خلال تجسيد الفنانة روبي دور ممرضة تخل بالآداب العامة والقيم المجتمعية. و حين أضم صوتي إلي صوتهم فهو ليس فقط دفاعا عن مهنة التمريض النبيلة التي أسستها فلورانس نايتنجيل والتي يحتفي بيوم التمريض العالمي في يوم مولدها, ولكن دفاعا عن مجتمع بأكمله. إن أكبر إساءة إلي مصر هي عرض الأفلام التي تعكس السوقية في التعامل مع الجار وأهل الحارة. في شبابنا كنا نشاهد أفلام عبدالوهاب والعندليب وشادية وأسمهان وليلي مراد وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وغيرهم وكانت كل هذه الأفلام تعكس رقي المجتمع أو تصنع أبطالها في مراحل الرقي المختلفة, وكانت اللغة السائدة هي الجميلة, ولم يكن الفقر عيبا لأن الفقير كان أيضا كريم الأخلاق, أما اليوم فبرومو الأفلام مثل فيلم صلاح روسي أو بالحرامي و العبيط وفيلم بتتح كلها أفلام يجب أن تدخل في تصنيف الممنوعات مثل المشاهد التي ترفض الرقابة بثها. هذه الأفلام تعكس تطرف البذاءة وبينها وبين الرقي محيطات وتغرس في النشء الجديد ثقافة البلطجية وقلة الحياء وقلة الأدب. لم تكن مصر أبدا بهذا المستوي من البذاءة. ونحن اليوم نواجه قضايا معقدة منها ان نصف المصريين يعيشون تحت حد الفقر وأخشي أن أبناء مصر منهم قد يجدون في صلاح روسي قدوة و يتحولون الي بلطجية علي شاكلته. ظني أننا أمام مفترق طرق حقيقي فالثورة المصرية في25 يناير2011 قد عرت المجتمع و أظهرت كل ما فيه من سلبيات, و من ثم فعلينا أن نتحرك وبسرعة لقطع رأس الأفعي التي تنشر سمومها مشوهة طريقة الحياة, و لزاما علينا أن نوجه كل طاقتنا لبتر هذا النمط من الحياة الذي أقل ما يمكن أن نقوله عليه أنه تند وغياب للثقافة. هذا الحديث يجرني الي أن المصري أسير الروتين و المعاملة السيئة من موظفي الحكومة الذين يجلسون وراء الشباك. أتذكر أن وزير العدل السابق ممدوح عطية, رحمة الله عليه, قد قام في أثناء توليه وزارة العدل بإنشاء الشهر العقاري النموذجي لتسهيل الحياة علي المصريين, وكانت خدمة فوق العادة, ولكننا اليوم نواجه أولا مكتب السجل المدني في العباسية, وأمة لا إله إلا الله محشورة في مكان ضيق ولا سمو في التعامل, فالرجال يرفضون تطبيق الصفين ولا احد يميز بين رجل وامرأة والكل له اتجاه واحد هو الحصول علي ورقة تستخرج للميلاد أو للوفاة ويتشبث الجميع بموقعه في الصف كأنها مسالة حياة أو موت. ذهبت للبحث عن ورقة مثلهم فوجدت مائة سيدة تسبقني تحت الشمس المحرقة في قسم الدقي ثم حاولت في الأحوال المدنية بمدينة6 أكتوبر وعجزت مرة أخري بسبب الصفوف, والمفترض أنه كان من الممكن تطبيق النموذج في المدن الجديدة إلا أنها ظلت صورة طبق الأصل للأصل. جمعت شجاعتي و توجهت للمقر الرئيسي و كافحت لإيجاد مكان في صف السيدات وبعد معاناة قررت ترك المكان الذي يعج بالمئات من النساء و الرجال, وذهبت الي قسم قصر النيل وهناك بادرني شخص بأن السيستم لا يعمل لليوم الثالث علي التوالي, و لكنهم قالوا ساعة تروح وساعة تيجي فقررت الانتظار نصف ساعة وحصلت علي الورقة الجائزة وهي شهادة وفاة والدي لأن إحدي العاملات بالمصالح الحكومية ادع زورا أن لي والدا آخر ولابد من إثبات العكس رغم حلفاني بأن الموظفة بتتبلي علي. تحدثت إلي موظفة قصر النيل لتصحيح اسمي في شهادة ميلادي و لكنها لا تسمع ولا ترد و تأمر فقط هاتي البطاقة, أدفعي7 جنيهات ولكنها لا تريد أن تسمع فاكتفيت بحصولي علي شهادة وفاة أبي وتركت المكان. هل هذا معقول أن يعاني المصريون كل هذا العذاب, هناك حاجة ملحة لتفكيك الروتين الحكومي وتوفير مكاتب آدمية لاستقبال المصريين حتي لا يقفوا في صفوف تماثل يوم الحشر. واقترح علي وزير الداخلية زيارة مفاجئة ليري بنفسه عذاب المصريين. انجدنا يارب. لمزيد من مقالات هدايت عبد النبى