طوال سنوات, ظلت التنمية تسير بخطي بطيئة في إقليم منطقة القناة, ولم ينجح مشروع شمال غرب خليج السويس, ولا مشروع شرق التفريعة ببورسعيد, ولا وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية, في تحقيق العائد المرجو منها من حيث تحقيق النهضة الصناعية المأمولة, ولم تتمكن هذه المشروعات- العملاقة علي الورق فقط- من جذب الاستثمارات, ولم توفر فرص العمل المخطط لها, حتي تم الكشف عن مشروع تنمية إقليم قناة السويس, ومسودة القانون الخاصة به, والتي ما إن تم تسريبها, حتي أثارت الكثير من المخاوف حول السيادة الوطنية, ومقتضيات الأمن القومي المصري. وبشكل عام, فإن مشروع تنمية إقليم قناة السويس- والكلام هنا ل عبد الحميد كمال عضو الجبهة الشعبية لتنمية إقليم قناة السويس ومنسقها العام بالسويس- لا يزيد علي كونه إعادة إنتاج للمشروع القديم لتنمية قناة السويس, فقبل أيام تم الاعلان عن المشروع في مؤتمر صحفي بحضور الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء,, وقالوا ان المخطط العام سيعرض في يوليو وما تم طرحه نفس الأفكار القديمة وكلها مشروعات فاشلة في تقديري- لأنها لم تحقق الجدوي الاقتصادية لها, ولم تحقق قيمة مضافة, ولم توفر فرص العمل المتوقعة منها. شمال غرب خليج السويس نبدأ بمشروع شمال غرب خليج السويس, الذي انطلق منذ12 عاما, بطموحات كبيرة تهدف إلي إقامة490 مصنعا, وتوفير ربع مليون فرصة عمل, وانتهي المشروع إلي18 مصنعا فقط, وفرت8 آلاف فرصة عمل فقط, مع أنه تم انفاق5,8 مليار جنيه علي المشروع, كما تم توزيع100 كيلو متر مربع علي المستثمرين الكبار, ولم تتجاوز نسبة تنمية الأراضي الخاضعة للمشروع عن3% من قمية الأرض, وبذلك لم يوفر المشروع فرص العمل المطلوبة, ولا العائد, والاستثمارات المتوقعة!! وادي التكنولوجيا وشرق التفريعة أما مشروع وادي التكنولوجيا بالاسماعيلية, والكلام مازال ل عبد الحميد كمال- فقد أنفقنا عليه نحو300 مليون جنيه, ولم يتم إنشاء المصانع المستهدفة, ولا فرص العمل المطلوبة, بينما أنفقنا في مشروع شرق التفريعة نحو5,4 مليار جنيه, ومع أنهم يقولون إن نسبة التنمية التي تحققت بالمشروع قد بلغت نحو25% علي حد قولهم, إلا أنني أري أن الرقم ينطوي علي مبالغة شديدة, ولم يوفر اي فرص عمل!! أما مشروع القانون, أو مسودته كما اطلق عليها الدكتور هشام قنديل- فهو سييء بكل المقاييس, لأنه ينشئ دولة داخل الدولة, ويمثل إعادة إنتاج للفساد, خاصة في ظل غياب الرقابة البرلمانية عليه, وفي ظل السلطات المطلقة لمجلس الإدارة, ويتساءل: إذا لم يكن هناك مخطط عام, ولا مخطط تفصيلي, ولا قانون حقيقي, فلماذ تم طرح المحطة الثانية للحاويات, أما الحديث عن توفير مليون فرصة عمل, فهو أمر يصعب تحقيقه, فقد ارتفعت البطالة في محافظة السويس وحدها إلي أكثر من11%. الإدارة سر النجاح في حين يؤكد الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري الهندسي أن الادارة هي دائما سر النجاح, مطالبا في الوقت نفسه بضرورة الاهتمام بمشروع شرق بورسعيد من خلال دراسة جدوي جديدة, لتعظيم العائد منه, وتوفير فرص عمل جديدة للشباب, بدلا من أن يقتصر المشروع علي شركة واحدة, كما أن مدة حق الانتفاع لأي مشروع يجب ألا تزيد علي25 عاما. والحال كذلك, فإن فكرة تنمية إقليم قناة السويس- كما يقول أشرف دويدار عضو الجبهة الشعبية لإقليم قناة السويس- هي فكرة قديمة, لأن المشروع في وضعه الجديد يمكن أن ينطلق من المخطط الياباني لمشروع شمال غرب خليج السويس الذي تم البدء فيه خلال تولي المهندس حسب الله الكفراوي وزارة الإسكان, وكما يمكن الاستفادة من مشروع وادي التكنولوجيا في عهد الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق, ثم المخطط الهولندي لمشروع تنمية شرق بورسعيد المعروف بشرق التفريعة, وهذه المشروعات يمكن الانطلاق منها لتنمية إقليم القناة ككل, ولكن بشرط وجود رؤية شاملة ومتكاملة للتنمية بكافة محاورها, غير أننا نجد القائمين علي أمر المشروع الآن يتعاملون معه علي أنه ممر لوجيستي, أو مخطط عمراني, أو يستعينون بالمخططات القديمة دون تحديث. صلاحيات مطلقة وفيما يتعلق بمسودة القانون الخاص بتنمية إقليم قناة السويس,- كما يقول أشرف دويدار- فمن وجهة نظري كإداري وليس كقانوني- فموادها تمنح صلاحيات مطلقة لأعضاء مجلس الإدارة, الذين يختارهم الرئيس, دون النص علي أي ضوابط, إلي جانب غياب الرقابة البرلمانية, إلي جانب سحب الأراضي التي يري أنها ليست لازمة لهيئة القناة, ثم من الذي يقرر ذلك؟.. وإذا كنا نعد مشروع قانون للإقليم ككل, فماذا سنفعل بالقوانين السابقة الخاصة بمشروع شمال غرب خليج السويس, وشرق بورسعيد, ووادي التكنولوجيا؟, والتي ستكون ضمن مشروعات تنمية الإقليم. أما لماذا لم ينجح العديد من المشاريع في منطقة القناة, مثل مشروع شمال غرب قناة السويس, وشرق التفريعة, ووادي التكنولوجيا بالإسماعيلية, فالإجابة- كما يقول عضو الجبهة الشعبية لتنمية إقليم قناة السويس- أنه علينا أولا أن نفصل بين ما إذا كانت فكرة إنشاء المشروعات المذكورة كانت خاطئة, أم أن طريقة تنفيذها هي التي تمت بشكل خاطئ, فالعائد من هذه المشروعات لا يتناسب إطلاقا مع ما تم إنفاقه من مليارات الجنيهات, أما إذا كان الهدف هو حل مشكلة اقتصادية, فيجب ألا يكون ذلك علي حساب الأجيال القادمة, لاسيما أن حق الانتفاع لن يقل عن25 عاما أو30 عاما. والحقيقة أن ما تم طرحه من أفكار مشروعات كما يقول الدكتور عبد العال فاروق الخبير الاقتصادي- لا يعكس رؤية تنموية بقدر ما يعكس رؤية هي أقرب إلي المنهج القديم القائم علي الكسب, والحصول علي الايرادات لسد العجز في الموازنة العامة للدولة, والميزان التجاري وميزان المدفوعات. ولا شك أن مسودة قانون تنمية إقليم قناة السويس-- كما يقول د. عبد الخالق فاروق- تشترك مع القانون رقم83 لسنة2002 بشأن المناطق الاقتصادية الخاصة, في نفس المنظور, والرؤية الأقرب إلي مفهوم التاجر, وليس الفكر التنموي, وبنفس العيوب التي تؤدي إلي تحويل الإقليم إلي دولة داخل الدولة, ويجعله خارج نطاق الاختصاص التشريعي للسلطة التشريعية والاجهزة الرقابية, فضلا عن المشاكل المتعلقة بالنصوص القانونية التي سترتب حقائق قوة سياسية واقتصادية من الصعب الخلاص منها.. فالتجارب الدولية في الاستثمار نجحت, لان الدول اعتبرت نفسها طرفا رئيسا فيها, وليس مجرد مقدم لتسهيلات, أو منفذ للبنية التحتية.