رغم التباين في التوجهات واختلاف الرؤي فإن ثمة اجماعا بين جموع المتحدثين والمشاركين في ندوة الاقتصاد المصري بين فرص النمو وتحديات الاستقرار السياسي., علي ان الاقتصاد ضحية السياسة بامتياز. هذا ما اكده الدكتور جودة عبد الخالق, وزير التموين والتجارة الداخلية الاسبق, مشيرا إلي أن الاقتصاد المصري لا يزال يعاني المشاكل الجوهرية نفسها التي ظل فيها في عهد النظام السابق, والتي تحمل عنوان راسمالية المحاسيب, فتحقيق المكاسب والارباح لا يزال مرتبطا بالعلاقة مع السلطة, كما ان الفروق الاجتماعية الفجة هي نفسها لم يطرأ عليها تغيير, فهناك أفقر10% من الطبقة الدنيا في المجتمع تحصل علي4% فقط من الناتج المحلي في مقابل أغني10% من المجتمع تحصل علي28% من الناتج المحلي, وهو ما جعله يتوقع ان ينقلب الامر برمته لأن القمة عرض من القاعدة. عبد الخالق رصد ايضا في الندوة ذاتها, التي نظمها امام مجلس الاعمال المصري- الكندي, أمس, مظاهر عديدة للأزمة الاقتصادية والتخبط في التعامل معها وفي مقدمتها عدم تحديد الدستور الجديد الهوية الاقتصادية واستمرار الفلسفة الضريبية نفسها التي تأخذ من الفقراء وخاصة ان التعديلات الضريبية الجديدة لا تحقق العدالة الاجتماعية, وانتقد بشدة التركيز علي التوجه الي الخارج لحل مشاكل الداخل وخاصة الاقتصادية, رغم ان المطلوب كما يري هو تنفيذ برنامج للتقشف, ورغم ذلك فإن الخروج من الوضع الاقتصادي الراهن ليس صعبا في رأي وزير التموين والتجارة الداخلية الاسبق فرغم الازمة الاقتصادية, التي تتعدد مظاهرها وابرزها ارتفاع البطالة ل12% وتزيد الي530 لدي الشباب, وايضا ارتفاع عجز الموازنة العامة والدين العام الداخلي فإن الوضع يظل افضل مما كان عليه في بداية الثمانينيات. في السياق ذاته فإن الوضع الاقتصادي يدفع ثمن الخلاف السياسي والانفلات الامني, كما اوضح المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي في بداية ادارته للندوة, ودعا في الوقت ذاته الحكومة إلي تعزيز الثقة في القطاع الخاص والالتزام بالشفافية والمصالحة وعدم التناقض في القرارات, لا فتا الي ان الاقتصاد المصري يواجه ازمة علي مدي عامين ونصف وتتفاقم دون مواجهة وتعامل مما يضاعف من تداعيات الأزمة, وهو ما دعا المجلس الي دعوة خبراء الاقتصاد ورجال الصناعة للتعرف علي رؤيتهم وسبل الخروج من الأزمة. وفي رأي الدكتور هاني سري الدين, رئيس هيئة سوق المال الاسبق, ومدير معهد الشرق الاوسط للقانون والتنمية ان المشاكل الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تواجه المجتمع حاليا سببها الرئيسي سياسي بامتياز, مشيرا الي ان هناك حكومة رسمية ورغم ذلك يشعر المستثمر بأن هناك حكومة اخري موازية, وهو امر غير جاذب للاستثمار بالإضافة الي ضعف الكوادر والكفاءات بسبب اعطاء اولوية للتمكين علي حساب الكفاءة, الي جانب عدم وضوح الرؤية وارتفاع المخاطر السياسية, لافتا الي ان ترتيب مصر تراجع في تقرير التنافسية العالمي ليأتي ضمن أسوأ3 دول, واستدرك: الا ان هذا لا يمنع من القول ان هناك فرصا واعدة وامكانية كبيرة للنمو, حيث يأتي ترتيب مصر ال26 ضمن قائمة الدول من حيث فرص النمو وتنوع السوق, ولكن استمرار الوضع السياسي هو العائق الرئيسي للخروج من الازمة وتعظيم استثمار الفرص. وانتقد اعلان مشروع تنمية محور قناة السويس في ظل غياب الرؤية السياسية والاقتصادية وتوافر الاستقرار مما ينعكس سلبيا في احتمالات الاخفاق, محذرا من تداعيات الاخفاق في هذا المشروع الذي يتمني كل مواطن نجاحه, كما توقع ان يطول عدم الدستورية قانون الصكوك الذي تم اصداره علي عجل, مشيرا الي تعارض القانون مع المادة120 من الدستور, وحذر من تسييس استخدام القانون الجنائي بمنطق الجباية في تسوية المنازعات الاستثمارية حاليا في ظل غياب الرؤية الواضحة علي الصعيد الاقتصادي. واتفق المهندس محمد السويدي, نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية, علي انه لا اصلاح اقتصاديا دون تحقيق اصلاح سياسي يواكبه, واضاف رغم اننا نؤكد ان الصناعة يجب ان تظل بعيدة عن تشابكات السياسة فإن هذا الامر ضروري لأنه المخرج للأزمة الاقتصادية, وانتقد في الوقت ذاته توجيه الاتهامات الي الصناعة طوال الفترة الماضية رغم انها تستوعب7 ملايين وظيفة مباشرة ويعيش علي نشاطاها35 مليون فرد, مشيرا الي ان البعض ظل يردد الانتقاد لدعم الصادرات رغم ان كل الدول تطبق ذلك تحت مسمي رد الاعباء, وانتقد عدم تطبيق القانون علي العمالة, مطالبا بضرورة احترام المستثمر المحلي حتي يتم جذب الاستثمار الاجنبي, وتحقيق التوافق السياسي وحل مشكلة الطاقة, وعودة الأمن.