يستعد نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب لتشكيل حكومة تحالف مستقر قادر علي تنفيد الإصلاحات المطلوبة من أجل تسوية المشاكل الهائلة وإنقاذ الاقتصاد المتعثر لباكستان. وذلك عقب فوزه في انتخابات تشريعية تاريخية اتسمت بنسبة مشاركة مرتفعة رغم أعمال عنف متفرقة وعودته إلي سدة الحكم للمرة الثالثة بعد14 عاما من الإقصاء والإبعاد, وعلي الرغم من أن نواز لم يحصل بعد وربما لن يحصل لاحقا علي مقاعد كافية بالبرلمان تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده إلا أنه نجح في تجنب حتمية تشكيل ائتلاف حكومي مع منافسيه الرئيسيين, حزب حركة الإنصاف بزعامة نجم الكريكيت السابق عمران خان وحزب الشعب الباكستاني بقيادة الرئيس علي آصف زرداري. ويبقي الآن علي اللجنة الانتخابية تأكيد عودة رئيس الوزراء الأسبق, البالغ من العمر63 عاما والذي أطاح به انقلاب الجنرال برويز مشرف عام1999, إلي السلطة, وقد باتت هذه النتيجة شبه مؤكدة, وذلك وفقا للنتائج الجزئية المعلنة. وفي الوقت الذي اعترف فيه حزب حركة الإنصاف بهزيمته علي مستوي البلاد أمام حرب الرابطة الإسلامية جناح نواز, أعلن عمران خان أن حزبه حقق إنجازا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأول, مؤكدا أنه سيشكل الحكومة المقبلة في إقليم خيبر بختون خوا الواقع شمال غرب البلاد, حيث برز كأكبر حزب في هذا الإقليم المضطرب. وأما حزب الشعب الباكستاني, الذي قاد التحالف الحاكم في السنوات الخمس الأخيرة, فقد مني بهزيمة كادت تخرجه من الخارطة السياسية للبلاد بإستثناء معقله ولاية السند الجنوبية. ومن جانبه, عبر خان في مقابلة مع قناة جيو نيوزالمحلية- عن فرحته الغامرة بما حققه الحزب من نتائج, مشيدا بأن الحزب الذي لم يكن له وجود في البرلمان برز كثاني أكبر حزب علي المستوي الوطني والحزب القائد في خيبر بختون خوا حيث سيشكل حكومة الإقليم. وأعرب عن ثقته في قدرة الحزب علي النهوض بدور المعارضة القوية النشطة في الجمعية الوطنية, كما بدا واثقا من مستقبل حزبه في السياسة الوطنية, ولم يبد أي شعور بخيبة أمل في الأداء الانتخابي للحزب الذي جاء دون التوقعات في إقليم البنجاب. كما اعترف خان بأن الحزب كان يتوقع الحصول علي عدد أكبر من المقاعد ولكنه لم يكن ينتظر فوزه بأغلبية المقاعد في هذا الإقليم الأكثر تعدادا للسكان علي مستوي باكستان والأكثر تمثيلا في الجمعية الوطنية. وتتكون الجمعية الوطنية مجلس النواب الباكستان من342 مقعدا يطرح منها272 مقعدا للمنافسة العامة بينما يتم تخصيص60 مقعد للمرأة و10 مقاعد أخري لغير المسلمين. ويتم تمثيل إقليم البنجاب بأكثر من نصف المقاعد العامة بالجمعية الوطنية حيث يستأثر هذا الإقليم ب148 مقعدا. ومن جانبها, رأت الصحف الباكستانية أمس أن الانتخابات التي جرت أمس الأول تشكل انتصارا للديمقراطية علي تهديدات طالبان علي الرغم من مخالفات سجلت في بعض المكاتب, حيث عنونت صحيفة دون الفجر النمر يزأر من جديد بينما كتبت ذي نيشن نواز يفوز بحصة الأسد. واهتمت الصحف في افتتاحياتها بالعملية الديمقراطية أكثر من النتائج, حيث كتبت ذي نيشن إن الأكيد هو أن باكستان صوتت للتقدم, وأن باكستان التي عانت في السنوات الخميس الأخيرة من المتطرفين والإرهابيين, اختارت بدون أن تسمح بترهيبها, مشيرة في الوقت نفسه إلي بعض حالات الفوضي في مراكز للتصويت. وأما صحيفة دون فقالت أنه علي الرغم من كل التزوير والأخطاء, كان أمس الأول يوما سعيدا للديمقراطية, مؤكدة أن حرص الباكستانيين علي الديمقراطية علي الرغم من كل التهديدات والهجمات قد يكون الحدث الأكبر لمواصلة المشروع الديموقراطي في البلاد. ومن جهتها, ذكرت صحيفة جانج التي تصدر بلغة الأوردو في البلاد أن سكان باكستان برهنوا علي شجاعة بتصويتهم في أجواء من التهديد والقنابل والعمليات الانتحارية, موضحة أنه أصبح من مسئولية الأحزاب والمرشحين الفائزين الآن احترام إرادة الشعب. وفي أول رد فعل دولي عقب إعلان النتائج, هنأ الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أمس باكستان علي إجراء انتخابات عامة ناجحة, معربا عن أمله أن تتعاون الدولتان الجارتان للقضاء علي الإرهاب وضمان الأمن الإقليمي. وقال كرزاي إن المشاركة المرتفعة في الانتخابات تثبت أن باكستان علي الرغم من تهديدات الإرهاب و العنف تريد المضي قدما في طريق الديمقراطية وعدم الاستسلام لمثل هذه التهديدات. وأضاف نحن نأمل أن توفر الحكومة الجديدة المنتخبة الأساس للسلام و الأخوة مع أفغانستان.