وسط مخاوف دولية من تصاعد الصراع مع سوريا واتساع نطاق الحرب, اعتقلت السلطات التركية أمس تسعة أشخاص يشتبه في تورطهم في تفجيرات الريحانية التي أسفرت عن مصرع نحو43 شخصا وإصابة حوالي مائة آخرين. مؤكدة أن المعتقلين يحملون الجنسية التركية. وفي الوقت الذي تمسك فيه الجانب السوري برفضه لأي اتهامات بالتورط في هذه الاعتداءات الدامية, تعهد أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي بأن يدفع مرتكبو هذه الجريمة الشنعاء الثمن بغض النظر عن انتماءاتهم. إلا أنه شدد علي أن هذه الأحداث لن تدفع بلاده لتغيير سياساتها تجاه اللاجئين السوريين الذين يتدفقون يوميا عبر الحدود بين البلدين. وعلي الرغم من التأكيدات بأن المعتقلين المشتبه بهم يحملون الجنسية التركية, إلا أن وزير الداخلية التركي معمر غولر رجح ارتباطهم بتنظيمات موالية للنظام السوري. وأكد غولر أن الأشخاص والتنظيم الذين نفذوا الاعتداءين تم تحديدهم, وتبين أنهم مرتبطون بتنظيمات تدعم النظام السوري وأجهزته المخابراتية. وأوضح خلال مؤتمر صحفي في أنطاكية أن منفذي الهجوم لم يأتوا من الجانب الآخر من الحدود بل من داخل الأراضي التركية مؤكدا, بحسب معلوماتنا فان المرتكبين أتوا من الداخل. وكان وزير الخارجية التركي قد أشار في وقت سابق إلي المصادفة التي جمعت بين توقيت الاعتداء المزدوج الذي استهدف مقر بلدية الريحانية الواقعة علي بعد ثمانية كيلومترات من الحدود مع سوريا, وتسارع الجهود الرامية لحل الأزمة السورية ولا سيما مع الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلي واشنطن خلال الأيام المقبلة. ومن ناحيته, أكد بشير اتلاي نائب رئيس الوزراء التركي أن المعتقلين التسعة بدأوا في الإدلاء باعترافاتهم, مشيرا إلي أن بلاده تحتفظ بالحق في اتخاذ كل أنواع الإجراءات. ومع سيطرة مشاعر الخوف وانعدام الأمن بين سكان المناطق الحدودية السورية التركية, اندلعت احتجاجات في بلدة ريحانية التركية بعد ساعات من التفجيرات الدامية, حيث أعرب المتظاهرون عن قلقهم من السوريين المقيمين في المنطقة وتسببهم في انتشار العنف في حين عبر البعض الآخر عن رفضهم للسياسة الخارجية التركية, بينما حذرت الصحف التركية من أن الحرب السورية امتدت إلي تركيا وأن السكان في العاصمة أنقرة يخشون من انجرارهم إلي الصراع الذي أجبر أكثر من300 الف لاجئ إلي الفرار عبر الحدود وانهك الموارد وسبب توترات مع السكان في بعض الاحيان. وفي رد متأخر علي الاتهامات الموجهة إليها, نفت دمشق أمس الاتهامات التركية لها بالتورط في تفجيرات أمس الأول. وأشار وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أنه منذ مائة عام ولدينا مشاكل مع تركيا, إلا أن سوريا بكل حكوماتها وجيشها وأجهزتها لم تقدم علي مثل هذا السلوك, ليس لأننا لا نستطيع بل لأن تربيتنا وأخلاقنا وسلوكنا وقيمنا لا تسمح. واكد وزير الإعلام الذي كان يتحدث في اقتتاح ندوة بمكتبة الأسد في دمشق أنه ليس من حق أحد أن يطلق الاتهامات جزافا, مشيرا إلي أن وزير الداخلية التركي يقول أن الاتهام موجه إلي سوريا وسوف نثبت ذلك عندما نصل إلي أدلة, متهما إياه بإطلاق الاتهامات والبحث عن أدلة لإثباتها, وربما صنع الأدلة علي حد قول الوزير السوري. كما شن وزير الإعلام السوري هجوما لاذعا علي رئيس الوزراء التركي, واصفا إياه ب قاتل وسفاح. وقال الزعبي إن علي أردوغان أن يتنحي كقاتل وسفاح, وليس عليه أن يبني أمجاده علي دماء السوريين, وأن الحكومة التركية وأردوغان ووزرائه ونائب رئيس وزرائه ووزير داخليته يتحملون مسئولية سياسية وأخلاقية مباشرة تجاه الشعب التركي والمنطقة وتجاه الشعب السوري والعالم. وتواصلت ردود الفعل الدولية الرافضة للعنف, حيث أدان نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي- ما وصفه- بالاعتداء الإرهابي الهمجي في الريحانية, مؤكدا أن هذا عمل إرهابي همجي ومثل هذه الجرائم مدانة في العالم أجمع. وأعرب عن أمله في اقتلاع جذور الإرهاب في جميع دول المنطقة والعالم من خلال التعاون بين الحكومات. وفي واشنطن, أدان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التفجيرات المروعة التي استهدفت بلدة الريحانية جنوب تركيا. وقال كيري أن هذا الخبر المروع أثر بنا جميعا, نظرا إلي أننا نعمل بشراكة وثيقة مع تركيا, كما أنها تمثل محورا حيويا في عملي كوزير للخارجية خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وفي عمان, أعرب المتحدث باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني عن إدانة بلاده للتفجيرات الإجرامية التي وقعت جنوب تركيا.وأكد مجددا علي موقف الأردن الثابت والمبدئي برفض كل أشكال العنف, معبرا عن التضامن مع الحكومة التركية والشعب التركي الصديق والتعاطف مع ذوي الضحايا والمصابين.