جراجات عشوائية احتلت شوارع القاهرة الكبري, وتحولت إلي فناء خلفي لإخفاء السيارات المسروقة.. المفاجأة بل والكارثة أنها بلا تراخيص, وبلا رقابة من الأحياء أو الشرطة لتتحول غالبيتها إلي بؤر إجرامية يديرها المسجلون خطر والبلطجية, وتنتشر فيها المخدرات والأسلحة بلا رقيب, ولتتعالي شكاوي السكان القاطنين بهذه الشوارع بلا مغيث أو مجيب. تبدأ القصة كما يرويها أحد أصحاب الجراجات السابقين بالذهاب إلي أحد الأحياء طالبا تأجير مساحة بأحد الشوارع في منطقة معينة لعمل جراج للسيارات.. فورا يوافق القائمون علي أمر الساحات علي طلبي دون فحص أو تمحيص, ودون تقديم أي ملفات أو أوراق شريطة أن يسدد إيجار شهري معين... وهكذا تنشأ علاقة عشوائية بين الحي, وهذا الشخص, فلا أوراق, ولا تعاقد ولا كارنيه, المهم هو الحصيلة للحي نهاية كل شهر!. يفاجأ السكان في المنطقة بمن يحتل شوارعهم ويحولها إلي جراج وساحات انتظار دون سابق إنذار... السيارات تضيق عليهم مداخلهم ومخارجهم.. نباح كلاب الحراسة ومنظرها يخيف الزائرين والأطفال.... سهرات شلة الأنس من أصحاب الجراجات والسائقين في الجراج العشوائي الذي تحول إلي غرزة تجرح حرمات البيوت, فيصبح محرما علي الأم أو الأخت أو الزوجة أو البنت أن تطل من بلكونة مسكنها, وإلا جرحتها كلمات ونظرات المتواجدين بالجراج الذي لم يكن علي البال أو الخاطر. وكيف يتصرف هؤلاء؟ سألناه فأجاب: يلجأون إلي الحي أو الشرطة, والذين كانوا يأتوننا قبل الثورة فيأخذون المعلوم وينصرفون, وليذهب السكان وشكاواهم إلي الجحيم... أما بعد الثورة, فلا يأتينا أحد منهم من الأساس! أضاف: يأتي إلي أصحاب السيارات الملاكي والأجرة الراغبين في الركن أو الأنتظار أو مبيت سياراتهم يوميا بالجراج الشارع تحت حمايتي وأنا لا أجد من يحميني!. وكل ما يشغلهم كم سيدفعون شهريا.. لا أحد منهم يهتم بالتأكد من شخصيتي, ونادرا ما يسألني أحدهم فأقدم له( إيصال) الإيجار الشهري المدفوع للحي... ولذا عندما تمت سرقة إحدي السيارات من الجراج واقتا دوني إلي النيابة تم إخلاء سبيلي فورا, وبلا قضية, فلا يوجد مع صاحب السيارة أي ورقة يثبت بها علاقتي بسيارته, بل إن صاحب السيارة لم يجد ما يعود به علي الحي ليطالبه بالتعويض. أشار إلي أنه في الآونة الأخيرة تم العثور علي عدة سيارات مسروقة من محافظات زخري تم إخفاؤها في هذه الجراجات, كما حدث في جراجات مساكن الإسكان الصناعي التابعة لحي غرب شبرا الخيمة, ومنطقة المظلات علي سبيل المثال, مؤكدا أن المنظومة تحتاج إلي مراجعة.. فلابد للأحياء أن تحدد( الساحات) وليس( الشوارع) كجراجات, وأن تطلب ملفات وافية من طالبي التأجير, وأن تتعاقد معهم, وأن تعطيهم ما يثبت صلتهم بها, وأن تحرر لهم عقودا يوقعونها مع أصحاب السيارات تضمن لكل طرف حقه, ولابد للشرطة أن تفعل رقابتها, ومداهماتها علي هذه الجراجات إن أرادت ضبط المزيد من السيارات المسروقة.