كانت هناك عداوة قديمة بين الثعلب والذئب, كل منهما يحاول خداع الآخر, مستخدما كافة أنواع الحيل ليثبت تفوقه علي خصمه. ذات يوم اتهم الذئب الثعلب بسرقة قطعة لحم من طعامه. صاح الثعلب: الذئب يكذب.. لم أسرق شيئا من صيده. هتف الذئب: بل رأيت الثعلب يجري وفمه محشو بما بذلت الجهد لأحصل عليه! التفت الثعلب إلي بقية الحيوانات وهو يقول غاضبا: هل تصدقون صاحب العيون الجائعة والخطوات المتلصصة! ؟ كل واحد منكم يعرف جيدا كيف يخطف الذئب بغير خجل كل ما يصادفه. صاح الذئب: إذا كنت تريد أن تتحدث عن الخجل, فهناك أكثر من حكاية أذكرك بها أيها الثعلب... هل تستطيع أن تخبرنا ماذا حدث للدجاجات التي دعوتها عندك ذات مساء للعشاء ؟! ثم ماذا عن الأرنب الصغير الذي تقدمت لمساعدته وهو عائد ذات يوم إلي بيته ؟! أعتقد أن ضحاياك يمكن أن يحضروا للدفاع عنك!! أجاب الثعلب في تحد: يمكنني طبعا أن استدعي من تسميهم ضحاياي, إذا استدعيت أنت الخراف السمينة التي ضبطها تسير معك أكثر من مرة ثم اختفت!! وعلي هذا النحو استمر التراشق بالتهم الساخنة بين الذئب والثعلب, بغير أن يستطيع أحد ممن وقفوا حولهما أن يعرف من منهما الصادق ومن الذي يراوغ, ويقلب الحقائق, ويسمي ارتكاب الجرائم دفاعا عن النفس وممارسة للحق في الحياة! أخيرا اتجه الاثنان إلي قرد عجوز ليفصل بينهما.. كان القرد الحكيم معروفا بحرصه علي العدل وشجاعته في إبداء الرأي. أصغي إليهما في هدوء وهما يندفعان في خصومتهما التي لا تعرف الحدود, يتبادلان مختلف الاتهامات كما تعودا! أخيرا تكلم القرد العجوز.. قال: أيها الذئب.. أعتقد أن أحدا لم يخطف أية قطعة من لحم نك إذا لم تكن قد هربت بقطعة لحم من صيده كما يتهمك, فلا شك أنك اختلست شيئا آخر.. ثم أضاف في تهديد: وطالما أن كليكما قد تعود علي ابتكار الأكاذيب, فلن أستطيع تصديق كلمة واحدة مما تقولان.. هيا اذهبا من أمامي.. أنتما تقدمان أسوأ قدوة, وقد حان الوقت لأطلب من الجميع طردكما والتخلص منكما إلي الأبد! لمزيد من مقالات يعقوب الشارونى