60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 2 أكتوبر    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    ترتيب دوري أبطال أوروبا قبل مباريات يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    محمد إبراهيم: الزمالك تواصل معي وفضلت الإستمرار في سيراميكا عن الإنضمام إلى بيراميدز    مدير مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية يكشف ل"فيتو" تفاصيل حفل الافتتاح    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    على غرار الذهب، ارتفاع أسعار النفط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 2-10-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    محمد إبراهيم: صدمت بمستوى إمام عاشور في السوبر ورفضت عرض بيراميدز    إصابة 5 أشخاص في مشاجرة بالشوم لخلافات المصاهرة في سوهاج    مصرع قائد تروسيكل في حادث تصادم سيارة ب صحراوي سوهاج    كسوف الشمس 2024، البحوث الفلكية توجه نداء للمواطنين قبل ساعات من حدوث الظاهرة    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    إيران تكشف عدد الصواريخ التي أطلقتها على إسرائيل    طريقة عمل الطحينة في البيت، بأقل التكاليف    دراسة خطرة: 740 مليون طفل ومراهق يعانون من قصر النظر في منتصف القرن    6 شهداء و17 مصابا في قصف إسرائيلي لمدرسة بمدينة غزة    7 قتلى في إطلاق نار في مدينة يافا بإسرائيل    نجم الزمالك السابق: هذا اللاعب كان يستحق التواجد في منتخب مصر    لحظات مؤثرة بتكريم نيللي ولطفي لبيب في مهرجان الإسكندرية.. صور    موعد مباراة يوفنتوس ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    احتفالات في بيروت بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في بيروت    بدء فحص طلاب المدارس بكفر الشيخ ضمن حملة القضاء على البلهارسيا    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    إليسا تسخر من إيران عقب الهجوم الصاروخي على إسرائيل.. ماذا قالت؟    محافظ أسيوط يؤكد أهمية المتابعة الدورية للقطاعات والمشروعات وسير العمل    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    تذكر أن الأمور ليست بهذا التعقيد.. برج الحمل اليوم 2 أكتوبر    بعد كشف هويته.. تفاصيل العثور على جثة شاب ملقاة بالزراعات في الأقصر    إيران: الرد على إسرائيل انتهى إلا إذا استدعت الأمور مزيدا من التصعيد    غرق طفل بترعة في العياط    "السقف ولع".. سيارتا إطفاء تواجه نيران شقة ببولاق أبو العلا    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت 97 مليون و405 آلاف خدمة مجانية في شهرين    لمرورها بأزمة نفسية.. التصريح بدفن جثة فتاة سقطت من أعلى عقار في المرج    أديمي يقود دورتموند لاكتساح سيلتك.. وإنتر يتجاوز ريد ستار برباعية في دوري الأبطال    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    الداخلية يضم ميدو العطار لاعب الترسانة    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في رتبة التوبة    حازم إيهاب مازحا مع مخرج مسلسل انترفيو: "بيقول عليا غلبان ورغاي"    «أغنية كل أسبوعين».. ماذا حققت أغاني عصام صاصا التي طرحها خلال حبسه؟    إلهام شاهين: سعيدة بالتكريم في مهرجان المونودراما وأكره الحروب وأنادي بالسلام    المركزي: الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية في البنوك تتجاوز 7 تريليونات جنيه بنهاية أغسطس    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها بعد قرار وزارة المالية الجديد    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    ختام كورس ألف مُعلم كنسي "طور" بحلوان    عقوبة التحريض على الفسق والفجور وفقا للقانون    تقترب من النصف، زيادة جديدة في سعر دواء شهير لزيادة سيولة الدم ومنع الجلطات    هل الأكل حتى الوصول لحد الشبع حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    رئيس جامعة المنوفية يستقبل المحافظ وسفير الاتحاد الأوروبي بالجامعة الأهلية    الرئيس السيسي يؤكد التزام الدولة الراسخ باستقلال القضاء بوصفه ركيزة دستورية أساسية    لشبهة الكيدية، النواب يرفض طلبا برفع الحصانة البرلمانية عن أحد الأعضاء    الرئيس السيسي: القضاء ركيزة دستورية أساسية والدولة ملتزمة باستقلاله    أذكار الصباح والمساء مكتوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الثورة السلمية إلي العنف الفوضوي‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 12 - 2011

هناك اجماع من المحللين السياسيين في مصر والخارج علي ان ثورة‏25‏ يناير قدمت نموذجا فريدا للثورة السلمية التي نجحت في اسقاط نظام من أعتي النظم السياسية السلطوية‏.‏ غير ان المشكلة قامت حين حاول قادة النظام السياسي, وعلي رأسهم الرئيس السابق مقاومة المظاهرات السلمية الحاشدة باستعمال القوة المفرطة. وقد ادي ذلك الي وفاة مئات الشهداء واصابة آلاف الثوار.
ومن هنا يمكن القول ان العنف السلطوي هو الذي ادي من بعد الي ظهور صور متعددة من العنف الثوري المشروع, لاستكمال الثورة وفرض مطالبها العادلة في سياق اتسم بالمقاومة الشديدة سواء من قبل بقايا النظام القديم, اومن قبل القوي السياسية التقليدية.
ومع كل ذلك فإن القوي الشبابية الثورية التي للاسف الشديد تشرذمت وتفككت بعد نجاح الثورة في اسقاط النظام, ظلت مصرة علي ممارسة الشرعية الثورية بطريقة سلمية من خلال المظاهرات الحاشدة والمليونيات الكبري في ميدان التحرير.
غير ان ممارسة هذه القوي الشبابية للشرعية الثورية وبصورة سلمية, تمت بغير ان تكتمل الشروط الموضوعية الضرورية لهذه الممارسة, واول شرط من هذه الشروط هو ان من قاموا بالثورة او طلائعها الثورية علي الاقل لم يتسلموا الحكم ويحكموا مباشرة من غير وصاية من اي مؤسسة, لكي ينفذوا مطالب الثورة.
الا ان غياب هذا الشرط الموضوعي المهم كان نتيجة لازمة لافتقار الثورة الي قيادة, وقد قيل ان غياب القيادة كان احد اسباب نجاح الثورة.
ولو وافقنا علي هذا التفسير مع تحفظي الشديد عليه, الا انه كان ينبغي ان تتحد طلائع الثورة من الشباب في جبهة واحدة تضم بين صفوفها المثقفين والناشطين السياسيين الذين أيدوا الثورة منذ اندلاعها, حتي ولو لم يشاركوا فيها اصلا. وذلك لتحقيق هدف اساسي هو السيطرة علي عملية اتخاذ القرار الثوري والذي كان ينبغي ان يتجه اول مايتجه الي اسقاط المؤسسات السياسية التقليدية, مثل مجلسي الشعب الشوري, بكل المباديء البالية التي قامت عليها, واخطرها جميعا ان صندوق الانتخابات ونتائجه هي المعبرة عن الارادة الشعبية.
وقد يكون هذا صحيحا في الدول المتقدمة التي تكاد تنعدم فيها معدلات الامية ولايوجد فيها فقراء بالملايين, ولايشيع فيها الوعي الزائف نتيجة دعايات لتيارات دينية معتدلة كانت او متشددة, تزعم ان لديها الحلول الدينية لكل المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تواجهها البلاد.
غير ان مسار الثورة سرعان ماتعثر نتيجة غياب هذه الجبهة الثورية الديمقراطية التي اشرنا اليها, ونظرا لان القوي السياسية التقليدية التي لم تشارك في الثورة اصلا كالحركة السلفية تحديدا, او التي شاركت فيها بمعدلات قليلة في الايام الاخيرة للثورة كالاخوان المسلمين, سرعان ماقفزت علي قطار الثورة.
وكان يمكن ان يعتدل مسار الثورة لو كانت قد توافرت منذ البداية رؤية استراتيجية واضحة لمستقبل مصر, تبدع علي ضوئها المؤسسات السياسية الثورية وغير التقليدية الكفيلة بتحقيق اهدافها.
غيران ذلك لم يحدث, ونشأت نقاشات عقيمة دارت حول الدستور اولا او الانتخابات اولا.
وقد انقسم الثوار بين من يرفضون هذا المسار اصلا لاسباب متعددة, وبين من قبلوا به.
ودخل العشرات من شباب الثورة الانتخابات في مرحلتها الاولي وفشل العديد منهم وسقطوا نتيجة ان معرفتهم بالشارع شبه معدومة, ولان الشارع المصري له لغة خاصة علي من يرغب في التفاعل معه ان يتقنها.
ومن هنا ادركت بعض فصائل الثورة انها سرقت منهم, وان مسار الانتخابات التقليدية لم يكن هو المسار الامثل, ومن هنا نشأت فكرة اساسية هي ان الشرعية السياسية هي لميدان التحرير, وليست لصندوق الانتخابات, والتي لاتعبر نتائجه ايا كانت عن الارادة الشعبية. وعلي ذلك اقيمت مليونيات حاشدة في ميدان التحرير رفعت شعارات متعددة من اول ضرورة تسليم المجلس الاعلي للقوات المسلحة للسلطة فورا الي مجلس مدني انتقالي, ثار الخلاف الشديد حول طريقة اختياره, الي ضرورة القصاص ممن مارسوا العنف ضد الثوار مما ادي الي سقوط مئات الشهداء, الي ضرورة تطهير كل اجهزة الدولة من فلول النظام السابق.
وسرعان مادبت الفوضي العارمة في ميدان التحرير! وذلك لان بعض فصائل الثوار ظنت وهما انها يمكن ان تدير شئون البلاد من الشارع. وهكذا اختلطت المطالبات ببعض الممارسات الهزلية مثل تشكيل الوزارات من اول اختيار اسم معين لرئيس الوزارة إلي اختيار اسماء اخري للوزراء, اواقتراح تسليم السلطة الي مجلس مكون من عدد من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية.
ولم تكن هذه الممارسات هي المظهر الوحيد للفوضي العارمة في ميدان التحرير ولكن اخطر منها اندساس شرائح اجتماعية متعددة. لاعلاقة لها اصلا بالثورة بين صفوف الثوار.
سرعان ماقامت المعارك الدموية بين قوات الامن وجماعات الشباب في الميدان, ومارست فيها هذه القوات القوة المفرطة في تفريقهم مما ادي الي سقوط مئات الشهداء واصابة الالاف حدث ذلك في ميدان التحرير وفي معركة ماسبيرو وفي احداث شارع محمد محمود, والتي قامت اساسا لان شباب الثوار حاولوا اقتحام مبني وزارة الداخلية وهذا في حد ذاته خطأ جسيم الي ان وصلنا اخيرا الي الاحداث المؤسفة امام مجلس الشعب.
وفيما يتعلق بهذه الاحداث الاخيرة والتي قامت لمنع الدكتور الجنزوري من الدخول لمجلس الشعب, بالاضافة الي مطالب اخري متعددة لم نجد اعتراضا علي هذا المسلك الفوضوي من قبل المثقفين والناشطين السياسيين الذين مارسوا منذ قيام الثورة للاسف الشديد الموافقة الكاملة علي كل ممارسات شباب الثورة مهما كان بعضها يعد انحرافا عن المسلك الثوري الحقيقي او ممارسة الفوضي باسم الثورة, مثل قطع الطرق او اغلاق المرور في ميدان التحرير.
وهكذا لم يقوموا بترشيد الخطاب السياسي لشباب الثورة, ولاساعدوهم علي اعادة الثورة الي مسارها الصحيح, بدلا من الاندفاع تجاه نفق الفوضي المظلم.
وقد قام الإعلام المصري بكل صوره للاسف بدور تخريبي في التحريض علي المجلس الاعلي للقوات المسلحة. ليس من قبل نقد بعض قراراته وهذا امر مشروع, ولكن من ناحية المبدأ نتيجة الشعار الفوضوي الشهير يسقط حكم العسكر والدعوة الي تسليم السلطة للمدنيين بدون تحديد من هم وكيف يمكن اختيارهم؟
وبذلك وقعت البلاد بين مطرقة الثورة التي انحرفت عن مسارها و سندان العنف الفوضو, الذي ادي الي اسالة دماء المئات, وهدم الصروح الثقافية لمصر والتي كانت تضم تراث التاريخ المصري الحديث.
وهكذا يبدو المشهد العبثي الدائر في مصر الان مواجهات دامية بين قوات الجيش وحشود جماهيرية مصممة علي استخدام العنف واحداث الفوضي من ناحية, وانتخابات المرحلة الثانية بكل نتائجها التي تؤكد صعود التيارات الدينية من ناحية اخري.
كيف الخروج من هذا المأزق التاريخي, وهل هناك من سبيل للتوفيق بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية؟
سؤال سيجيب عنه المستقبل القريب!
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.