في شهر واحد أصدر هشام رامز محافظ البنك المركزي مجموعة من القرارات التي تتسم بالشجاعة من ناحية وبالحرفية من ناحية أخري, فهذه القرارات تحقق تماسك السوق في الفترة الصعبة التي نمر بها, كما أنها تمنح الثقة المطلوبة لتشجيع المستثمرين الجاذب علي التعامل النشط مع السوق المصرية. رامز يحاول جاهدا توفير أرضية صلبة للعمل المصرفي حتي لا تنهار السفينة بما عليها, كما أنه نجح إلي حد كبير في توفير قوارب إنقاذ سريعة قادرة علي حماية قطاعات مولدة بطبيعتها للنقد الاجنبي, أو داعمة للإقتصاد تتمثل في قطاع السياحة, والتمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وفي إستقراء سريع لأهم هذه القرارات من وجهة نظر القيادات المصرفية يري محمد بركات رئيس بنك مصر أن قرار حرية دخول وخروج الإستثمارات الأجنبية من أهم القرارات الداعمة للثقة في السوق المصرية, كما أن القرارات الخاصة بدعم قطاع السياحة سيكون لها تأثير كبير علي المؤسسات العاملة في هذا القطاع ويمنح البنوك المرونة في مساندة هذه المؤسسات وإقالتها من المتاعب المرحلية التي تمر بها. أيضا وعد محافظ البنك المركزي بقرارات جديدة لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة, وهي المشروعات التي تساند بشكل مباشر الإقتصاد ككل وتمثل أكثر من90% من حجم السوق. وأضاف بأن البنوك إستعدت بتدريب كوادرها علي كيفية التعامل مع هذا التمويل الذي يعد أصعب من التمويل المقدم للشركات الكبيرة, أو للشركات متناهية الصغر. أيضا القرار الذي سمح لجميع البنوك أمناء الحفظ بالتحويلات, بعد أن كانت مقصورة علي البنوك العامة بمثابة رئة جديدة للسوق. أيضا توجيهات المحافظ للبنوك بتلبية إحتياجات العملاء من النقد الأجنبي للسفر أو للسحب من حساباتهم في حدود العشرة ألاف دولار في اليوم كل هذا رسائل طمأنة للسوق. وبدوره يري عبد الحميد ابو موسي محافظ بنك فيصل الإسلامي أن قرارات البنك المركزي بكاملها في الإتجاه السليم, مؤكدا أن قرار حرية دخول وخروج الإستثمارات سيكون له مردودا كبيرا في زيادة الثقة وتنشيط المستثمر الأجنبي والتحويلات من الخارج. أيضا إلغاء عمولة ال2% علي عمليات تدبير النقد الأجنبي للبنوك والإقتصار علي عمولة قرش واحد للإعتمادات, وقرشين للعميل الفرد سيقلل التكلفة, وبالتالي سيقلل من سعر صرف النقد الأجنبي أمام الجنيه. كذلك القرارات الخاصة بزيادة العائد وسعري الإقراض والخصم بواقع خمسين نقطة سيدعم الإدخار بالجنيه, ويقلل من عمليات تحويل الودائع من العملة المحلية للنقد الأجنبي, ولن يكون مؤثرا سلبيا علي الإستثمار فالنسبة محدودة, والإستثمار يتأثر بأوضاع أخري كثيرة. ويشاركه الرأي منير الزاهد رئيس بنك القاهرة والذي يري أن جميع القرارات التي إتخذها البنك المركزي معقولة وهدفها مساندة السوق مؤكدا علي إيجابية القرار الخاص بمساندة المنشأت السياحية, فبالرغم من أنه ربما لثاني أو لثالث مرة يتم التأكيد علي أهمية المساندة إلا أن البنك المركزي إتخذ قرارا عمليا بإستثناء هذه المنشأت من التصنيف الإئتماني لديه, وبالتالي زادت قدرة البنوك علي الإستمرار في إقراض هذه المشروعات, وعدم تصنيفها كمتعثر وعدم تهميش الفوائد عليها, فمن المعروف أن تأخر السداد لتسعين يوم يلزم البنك بوضع مخصص يزداد إذا زادت فترة تأخر العميل إلي120 يوما وهكذا, ومن ثم سيكون لهذا القرار أثر كبير في مساندة مشروعات السياحة بما يضمن قدرتها علي الحركة مستقبلا فور إستقرار الأوضاع, ويضمن إستقرار العاملين بها. أيضا زيادة العائد علي الإقراض والخصم50 نقطة سيدعم السوق ولن يعطل الإستثمار ولعلنا نذكر بعد حرب الخليج رفعنا العائد لحماية الجنيه ورغم أن سعر عائد أذون الخزانة تراوح بين18 إلي20% لم يرتفع سعر الإقراض عن14% وتحملت البنوك هذا الوضع18 شهرا حتي تجاوزنا هذه الفترة, تركيا نفسها عندما بلغ التضخم80% إضطرت لرفع العائد بنسب كبيرة. نحن لدينا تراجعا في الإحتياطي21 مليار دولار, والمستثمر حصل علي تخفيض في العملة10% فالنصف في المائة لن يؤثر عليه, لماذا عندما إرتفع الدولار لم يشكو أحد من المستثمرين؟ وقال أن تدابير المركزي تحمي السوق وتساندها, وتمنع ظهور السوق الموازية وذلك من خلال ضوابط لإستخدام المصدرين للحصيلة بحيث يعكس كل نشاط صناعي أو زراعي حركة القطاع الذي يعمل به. ويري هشام عكاشة نائب رئيس البنك الأهلي أن البنك المركزي إتخذ إجراءات صائبة في مجال السياسة النقدية يجب أن يتواكب معها ويؤازرها سياسات مالية واستقرار سياسي. وشدد علي أهمية قرار حرية دخول وخروج الإستثمار الأجنبي, وخاصة للمستثمر الأجنبي في السندات وأذون الخزانة والأسهم في البورصة. أيضا القرار الخاص بدعم السياحة يمنح البنوك الفرصة لدعم هذا النشاط ولا يغل يدها عن المساندة إذا ما تأخر العميل في السداد, حيث يدرس البنك كل حالة علي حدة ويضع لها ما يناسبها من تدابير مصرفية بهدف حماية النشاط ودعم عملاء السياحة. وقد لاحظنا في البنك الاهلي بداية تحرك من قطاع السياحة للإستفادة من الألية الجديدة, وقام البنك الاهلي من جانبه بتوفير تمويل يصل إلي200 مليون جنيه للشركات العاملة في هذا القطاع. ومن جانبه يؤكد شريف علوي نائب رئيس البنك الاهلي أن قرار زيادة العائد علي الودائع والقروض مهما وكان مطلوبا بشدة في هذا التوقيت, وفور صدوره قمنا في البنك الأهلي برفع سعر العائد علي حسابات التوفير بنصف في المائة, ولكن التأثير الفوري للقرار علي أسعار العائد للودائع والقروض يرتبط بالتعاقدات الجديدة. وأهمية القرار ترجع إلي أنه يعالج أمرين في منتهي الخطورة الأول ظاهرة الدولرة, والثاني إستهداف التضخم. ورفع العائد بنسبة نصف في المائة لن يكون له تأثير يذكر بالنسبة للمستثمرين حيث أن أسعار الفائدة كمكون في التكلفة محدود للغاية. ومن المبكر رصد تأثير القرار علي سلوك كل من المودع والمقترض, ولكن القرار بصفة عامة سيحقق منافع كبيرة.