لقد أبهر القرآن العظيم الدكتور ميلر، حيث رآه يتحدى قارئيه بأن يجدوا فيه خطأ أو اختلافًا أو أن يأتوا بسورة من مثله أو بآية واحدة منه، وتحدث القرآن عن نظريات كبرى حارت فيها العقول حسمها القرآن من أربعة عشر قرنًا، وفند القرآن شبهة أنه تنزلت به الشياطين. أخذ الدكتور ميلر يقرأ القرآن بتمعن أكثر لعله يجد مأخذًا عليه، ولكنه صعق بآية عظيمة وعجيبة ألا وهي الآية رقم 82 في سورة النساء: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرًا}، يقول الدكتور ميلر عن هذه الآية: "من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبدأ إيجاد الأخطاء أو تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتهاFalsification test... والعجيب أن القرآن الكريم يدعو المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ولن يجدوا". يقول أيضا عن هذه الآية: "لا يوجد مؤلِّف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابًا ثم يقول هذا الكتاب خالٍ من الأخطاء، ولكن القرآن على العكس تمامًا يقول لك: لا توجد أخطاء بل ويعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد"؟؟!!. أيضا من الآيات التي وقف الدكتور ميلر عندها طويلاً هي الآية رقم 30 من سورة الأنبياء: {أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي حي أفلا يؤمنون}، فيقول ميلر: "إن هذه الآية هي بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل في عام 1973، وكان عن نظرية "الانفجار الكبير"، وهي تنص أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم، حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب". فالرتق هو الشيء المتماسك في حين أن الفتق هو الشيء المتفكك فسبحان الله، يقول الدكتور ميلر:"الآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه والله تعالى يقول:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 210-212]. ويقول القرآن: {فإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]. يعلق ميلر قائلا: "أرأيتم؟! هل هذه طريقة الشيطان في كتابة أي كتاب؟ يؤلف كتاب ثم يقول قبل أن تقرأ هذا الكتاب يجب عليك أن تتعوذ مني؟! إن هذه الآيات من الأمور الإعجازية في هذا الكتاب المعجز! وفيها رد منطقي لكل من قال بهذه الشبهة". من القصص التي أبهرت الدكتور ميلر ويعتبرها من المعجزات هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي لهب يقول الدكتور ميلر:"هذا الرجل أبو لهب، كان يكره الإسلام كرها شديدا لدرجة أنه كان يتبع محمدًا صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان إذا رأى الرسول يتكلم لناس غرباء فإنه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم، ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم أبيض فهو أسود، ولو قال لكم ليل فهو نهار المقصد إنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويشكك الناس فيه. قبل 10 سنوات من وفاة أبي لهب نزلت سورة في القرآن اسمها سورة المسد، هذه السورة تقرر أن أبو لهب سوف يذهب إلى النار، أي بمعنى آخر أن أبو لهب لن يدخل الإسلام. خلال عشر سنوات كل ما كان على أبي لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس، ويقول: "محمد يقول إني لن أسلم، وسوف أدخل النار، ولكني أعلن الآن أني أريد أن أدخل في الإسلام وأصبح مسلمًا"!! الآن ما رأيكم هل محمد صادق فيما يقول أم لا؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي إلهي؟ لكن أبا لهب لم يفعل ذلك تمامًا رغم أن كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يخالفه في هذا الأمر. يعني القصة كأنها تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني، وتريد أن تنهيني، حسنًا لديك الفرصة أن تنقض كلامي!لكنه لم يفعل خلال عشر سنوات!! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام!! طوال عشر سنوات كانت لديه الفرصة أن يهدم الإسلام بدقيقة واحدة! ولكن لأن الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبو لهب لن يسلم، فكيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن أبو لهب سوف يثبت ما في السورة إن لم يكن هذا وحيا من الله؟ كيف يكون واثقًا خلال عشر سنوات أن ما لديه حق لو لم يكن يعلم أنه وحي من الله؟ لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلا أمر واحد هذا وحي من الله"، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ*وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 1-5]. وللحديث بقية…