استمرت المأساة في منطقة مجلس الوزراء ولم تنجح الموانع الأسمنتية في وقف العنف وتجددت الاشتباكات الدامية بين المصريين( محتجين وقوات أمنية), وفي الوقت الذي كان يدعو فيه مصريون آخرون بأن يحفظ الله مصر وهم يلبون نداء الفجر تجددت الاشتباكات وانتقلت باتجاه شارعي عمر مكرم والبستان, وألقت الأجهزة الأمنية القبض علي مجموعة من المحتجين والخارجين علي القانون. وأكد أطباء بالمستشفي الميداني بمسجد عمر مكرم اجتياح قوات الأمن في الثالثة والنصف فجر أمس لمناطق متفرقة من موقع الأحداث بشارع الشيخ ريجان وقصر العيني, وذلك بهدف إخلاء المتظاهرين, وتناثرت الروايات حول بدء الهجوم وبينما يقول بعض شهود العيان إن المحتجين بدأوا بإلقاء الحجارة علي قوات الجيش يردد آخرون أن قوات الأمن هي التي بدأت بالإخلاء. وكشف الأطباء بالمستشفي الميداني عن سقوط50 مصابا جديدا في الأحداث الليلية, وأكد الأطباء الذين رفضوا ذكر اسمائهم خوفا من البطش بهم وفاة خمسة أشخاص بطلق ناري جراء تلقيهم إصابات في الرأس, وهو ما لم تؤكده المصادر الرسمية, كما تنوعت جروح المصابين ما بين الكسور والكدمات والقطع بالرأس والوجه, ولم يصدر حتي الآن تأكيد رسمي بوفاة هؤلاء الخمسة الجدد. وذكر شهود عيان قيام بعض المحتجين بالاعتداء علي أحد الجنود بشدة بعد فجر أمس. وأكد الأطباء بمستشفي عمر مكرم وفاة الطفل إسلام عبدالحفيظ14 سنة الذي تلقي رصاصة في القلب وصعدت روحه إلي السماء بعد ساعة من دخوله المستشفي في السادسة صباحا. وردا علي رواية شهود العيان قال مسئول بوزارة الداخلية إن بعض العناصر من المتجمعين بشارع قصر العيني قامت مساء أمس بإزالة جزء من الساتر الخرساني المقام بشارع الشيخ ريحان, وإلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف علي القوات الموجودة خلف الساتر, مما أدي إلي إصابة6 ضباط و114 مجندا من قوات الأمن المركزي بإصابات مختلفة. وقال المصدر الأمني في بيان صادر عن وزارة الداخلية إنه رغم ذلك فقد التزمت قوات الشرطة الموجودة بتنفيذ التوجيهات التي صدرت لها بأقصي ضبط النفس وعدم استخدام الغاز المسيل للدموع, أو أي أنواع أخري من الأسلحة رغم الاعتداءات المستمرة عليهم من قبل المتجمعين, وأن الأحداث الليلية أسفرت عن إصابة120 شرطي من القوات بينهم6 ضباط والباقين من الأفراد والمجندين. في حين زحفت الاشتباكات إلي المنطقة المقابلة وتبادل الهجوم مجموعات من المعتصمين وقوات من الشرطة والجيش وفي هذه المنطقة سقط أحد الشهداء وعدد كبير من الإصابات ولا يعلم أحد من الذي قتل هذا الشاب, بينما وجه الشباب الاتهام إلي قوات الجيش والشرطة, وبرغم استمرار المأساة في الشوارع المحيطة بصورة أقل من الأيام الماضية فقد واصلت مجموعات من موظفي المجمع العلمي بعد ظهر أمس انتشال عدد كبير من الكتب والمخطوطات تقدر بالآلاف ونقلها إلي دار الوثائق المصرية, مؤكدين أن تلك الوثائق أجهزت عليها النيران بالكامل, وسمح لسيارتي نقل بالدخول وتحميل الوثائق بمساعدة بعض المعتصمين. كما قامت مجموعات من معتصمي ميدان التحرير بعمل كردونات بشرية أمام الموانع الحجرية الموجودة في شوارع قصر العيني والشيخ ريحان ومحمد محمود لمنع أي محاولات لإلقاء الحجارة والمولوتوف من أعلي تلك الحواجز. وسعي شباب آخرون إلي تكوين مجموعة من اللجان الشعبية لمنع المندسين وأطفال الشوارع من ممارسة العنف, والعمل علي تجميع هؤلاء الصبية داخل نطاق محدد. وبعد أن واكبت ساعات الفجر حالات من الكر والفر والمطاردات عادت إلي الميدان حالة من الهدوء المشوب بالحذر بعد طلوع الشمس وحتي بعد ظهر أمس باستثناء بعض الاشتباكات بالأيدي الناتجة عن خناقات بين بعض المعتصمين والوافدين إلي الميدان من الرافضين للعنف والحرق, وعكست اللافتات حجم الاستنكار والاستهزاء بفكرة وجود طرف ثالث وطرح سؤال: أين اللهو الخفي؟ وفي الوقت نفسه شهد الميدان شجارات متتالية بين مجموعات مختلفة وسببها الرئيسي أن هناك فريقا يقول أن جميع من في الميدان ليسوا ثوارا وأن هناك مشاهد تليفزيونية وإعلامية تعكس وجود شباب من الجنسين في أوضاع لا تليق بتقاليد المجتمع المصري مما ثار عليه أحد المتظاهرين, قائلا لماذا نذكر السيئ فقط وتحال إخفاء الجزء الثاني من الحقائق والموت والقتل الذي تعرض له الثوار في قصر العيني بسبب فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة؟ وتم إغلاق الفتحات التي حاول البعض عملها في الجدارات العازلة, فضلا عن تشكيل دروع بشرية أمام هذه الجدارات لتمثل حاجزا ثالث وإبعاد الصغار عن محاولات الاختراق. كما قام الشباب أيضا بالتعاون مع عمال هيئة النظافة بتنظيف الشوارع من الحجارة التي انتشرت بجميع أرجاء الميدان الذي أغلق لمدة ساعتين صباح أمس حتي عادت حركة المرور إلي الشارع. وشهدت جنبات الميدان حلقات نقاشية واسعة بين المتظاهرين والوافدين إلي الميدان تركزت حول المسئول عن الأحداث التي شهدتها منطقة وسط القاهرة أمام مقر مجلس الوزراء خلال الأيام الماضية, واستمر المجلس العسكري في إدارة السلطة بالبلاد. ويحاول الوافدون إلي الميدان اقناع المتظاهرين بإخلائه حقنا للدماء, مؤكدين أهمية استمرار المجلس العسكري في إدارة البلاد حتي انتهاء الانتخابات البرلمانية ثم وضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية. وفي المقابل يحاول المتظاهرون اقناع الوافدين إلي الميدان بالانضمام إليهم لقيام القوات بالهجوم المستمر عليهم ليلا وإصابة وقتل العشرات, مؤكدين أنهم لن يتركوا الميدان إلا عقب قيام المجلس العسكري بنقل السلطة إلي إدارة مدنية, ولم تسفر الحلقات النقاشية عن شئ لأن كل طرف متمسك بوجهة نظره.