اجتاحت قوات الجيش والأمن المركزي في تمام الساعة الثانية والنصف فجر أمس ميدان التحرير بعد اطفاء الأنوار وطاردت المتظاهرين في اتجاهات مختلفة واعتدت وفق رواية أحد الأطباء علي أطباء المستشفي الميداني بنهاية امتداد شارع الشيخ ريحان. وبنفس طريقة الحل لأزمة محمد محمود لجأ الجيش للوسيلة نفسها وهي العزل ووضع أحجار لفض الاشتباك الذي استمر من ليلة الجمعة الماضية. فقد تم عزل شارع الشيخ ريحان بعد اشتباكات متبادلة ومواجهات عنيفة استمرت طيلة ليلة أمس تبادل فيها الطرفان السيطرة علي الميدان إلي أن انتهي الأمر بعزل شارع الشيخ ريحان ليكون بذلك ثالث شارع يغلق بعد شارع محمد محمود وشارع مجلس الشعب لتصبح بذلك كل الطرق المؤدية للمنشآت الحيوية مغلقة بالعازل الحجري والاسلاك الشائكة ووقوف قوات الجيش والأمن, علي بعد عدة أمتار من هذه العوازل حتي يكونوا بعيدين عن أي حجارة للمتظاهرين. ويشهد الميدان هدوءا حذرا مشوبا بالخوف والتوتر بعد الأحداث الدامية التي استمرت نحو3 أيام ولسان حال الموجودين هل ستتجدد الاشتباكات بعد العازل وهل هذه هدنة مصطنعة تبدأ بعدها جولة من المواجهات؟ أم أنها نذير خير حقيقي بتوقف المواجهات؟. يأتي ذلك في الوقت الذي يشهد فيه الميدان أيضا حلقات نقاشية كبيرة بين المواطنين لتهدئة الأوضاع ومناقشة الأحداث بالعقل والمنطق من أجل ضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث مرة أخري, الأمر الذي نتج عنه مشادات بين مؤيد ومعارض. والجميع هناك يحمل المجلس العسكري مسئولية ماحدث, ومسئولية دماء تمت اراقتها طيلة الأيام الثلاثة الماضية. وعقب ظهر أمس خرجت مسيرة من عشرات المتظاهرين في ميدان التحرير إلي مسجد عمر مكرم لأداء صلاة الجنازة علي أحد الشهداء الذين سقطوا في أحداث فجر أمس إثر إصابته بطلق ناري, وذلك بعد ليلة طويلة من الاشتباكات سقط فيها العديد. وردد المشاركون في المسيرة هتافات يسقط يسقط حكم العسكر. وأسفرت تلك المواجهات حسب تصريحات أحد أطباء المستشفي الميداني عن سقوط خمسة شهداء جدد ونحو150 مصابا, ولكن لم يصدر تأكيد لذلك من وزارة الصحة. وقالت إحدي المسعفات إن أحد الشهداء الخمسة مجهول الهوية, وكانت داخل ملابسه ورقة واحدة مكتوبا عليها بحبك يامصر فيما جاءت معظم الإصابات بين كسور وجروح قطعية. وأسفرت حرب الشوارع والكر والفر مساء أمس الأول التي شهدها شارع الشيخ ريحان بين المتظاهرين وقوات الأمن عن اختطاف أحد أفراد الأمن علي يد المتظاهرين. وأكد شهود العيان أنه أثناء المواجهات, ووسط تقدم وتراجع قوات الأمن انزلقت سيدة علي الأرض, ممن دعا أحد المتظاهرين إلي مساعدتها وتقدم معه الكثير من المتظاهرون مما أدي الي تراجع قوات الأمن للخلف بسرعة, الأمر الذي أدي إلي وقوع الجندي الأسير علي الأرض, فانقض عليه الثوار ممسكين به. وأحاط العشرات من الثوار بالجندي محمد عبدالمؤمن, وتم ضربه بقسوة شديدة وطعنه بسلاح أبيض في البطن والوجه والرقبة, مما أصابه بحالة إعياء شديدة, وتم سحله بدءا من أول شارع الشيخ ريحان حتي شارع محمد محمود. وحاول الكثير من شباب الثوار الواعي حماية المجند بعمل كردون بشري حوله خاصة بعدما تجمع حوله الكثير من المتظاهرين الذين يريدون الفتك به, وقتله إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إليه وتم اقتياده واحتجازه بمسجد عباد الرحمن بشارع محمد محمود أمام الجامعة الأمريكية. وانقسم الثوار والمتظاهرون إلي فريقين الأول يضم بعض عناصر مشبوهة وبلطجية تريد قتله وتسليم جثته للمجلس العسكري, بالاضافة إلي بعض الثوار المتعاطفين حماسيا معهم بسبب الشهداء والمصابين علي أيدي قوات الأمن, والفريق الثاني يري ضرورة علاجه وتسليمه للإسعاف أو مبادلته ببعض المعتقلين من الثوار. وامتدت المناقشات والمشادات بين الفريقين لأكثر من6 ساعات, وبفضل شجاعة شباب الثوار وتدخل مجموعة من الشيوخ علي رأسهم الشيخ عبدالله السعداوي, والشيخ عبدالرحمن محمد عويس عضو الهيئة العليا لحزب الثورة المصرية أحد مؤسسي حركة الأخوان المصريين اللذان قاما بجهود كبيرة وشاقة لمحاولة تهدئة الثوار وحثهم علي تسليمه الي الاسعاف, مؤكد أن هناك فتوي تقول إنه إذا كان الأسير جريحا كافرا فإنه يستوجب العلاج والاسعاف مشيرين الي انه إذا تم قتله علي أيدي الثوار فإنه سيصبح في عداد الشهداء. وأضاف عويس, أنه من اللافت للنظر والغريب وجود بعض أعضاء جماعة التكفير والهجرة يشيعون بين الناس أن هذا المجند يعتبر كافرا ويجب قتله, الأمر الذي اعترض عليه بشدة الشيخ عويس محاولا اقناع الثوار بضرورة علاجه أولا. واعتدي مجموعة من الثوار علي محمد عيد عضو حزب الثورة المصرية متهمينه بأنه عميل للمجلس العسكري وخائن بسبب تدخله لفض الاشتباك الثائر حول المجند وتسليمه للإسعاف, مما أصابه بكدمات وخدوش بأماكن متفرقة بالجسد نتيجة تعرضه للضرب المبرح, وتوجه الشيخ عويس بصحبة عدد من شباب الثورة إلي المستشفي الميداني بمسجد عمر مكرم لاحضار طبيب لكي يعالج المجند الأسير, وقاموا بإحضار سيارة اسعاف لنقل المجند. واحتشدت مجموعة كبيرة من الثوار المناهضين لفكرة تسليمه حول سيارة الاسعاف, وحاول بعضهم تحطيم السيارة إلا ان المحاولات باءت بالفشل, ومع اقتراب الساعة من الثالثة فجر أمس نجحت جهود الانقاذ بفضل شجاعة شباب الثوار الذين اتفقوا علي عمل كردون بشري, تم من خلاله خروج المجند وركوبه سيارة الإسعاف التي نقلته للعلاج بمستشفي القبة. الجدير بالذكر أنه مع إحلال قوات الشرطة العسكرية بقوات من الأمن المركزي زاد عدد المصابين وازدادت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الوقت الذي استخدم فيه مجموعة من الأفراد المرابطين فوق أسطح مباني مجلسي الشعب والشوري لخراطيم مياه ذات رائحة كريهة تكاد تكون مياة صرف في تفريق الثوار والمتظاهرين بشارع الشيخ ريحان, بينما استخدم الثوار أضواء الليزر في تسليط الضوء عليهم خاصة أن منطقة الأحداث بشارع الشيخ ريحان كان مظلمة وقاتمة.