عندما كنا أطفالا صغارا تعلمنا أن الأسد هو ملك الغابة بغير منازع, ولم يكن إطلاق صفة الملك عليه لمجرد أنه قوي وشديد البأس فقط.. بل أيضا لخصاله وسلوكياته.. فهو لا يقتل لمجرد القتل أو لإشباع غريزته الحيوانية أو إثباتا لقوته.. بل إنه لا يطارد فريسته إلا إذا كان جائعا ويريد أن يسد رمقه, كما أنه يعف عن أكل الجيفة ولا يأكل فضلات طعام باقية من غيره, ولا يقتل حيوانا آخر لمجرد المتعة أو القتل, وهو يأكل من فريسته ما يسد جوعه فقط ويترك الباقي لغيره من الحيوانات ولا يقوم مثلما تفعل بعض الحيوانات بتخبئة ما تبقي من فريسته للغد أو احتمالات المستقبل, كما أنه لا يعتدي علي حيوانات الغابة لإثبات وجوده كملك فمثل هذا التصرف لا يليق به, بل ربما يحط من شأنه كملك ومثل هذه الصفات طرحت لي سؤالا.. هل كل أسود العالم بهذا الشكل أي لديها القوة والشجاعة والأنفة والقناعة والعفة أم أن هذه صفات عامة لكل الأسود, وهل هناك فروق بين أسد وآخر بحيث نجد أسدا طماعا وأنانيا وسفاحا وأسدا آخر طيبا وشجاعا وتحكمه أخلاقيات الملوك؟ وهل البني آدم مثل الأسود في طباعها وخصالها وشجاعتها أم أن البني آدم له طباع وأمزجة لا تربط بينها كجنس الأخلاقيات والمثل العليا كأسود الغابة.. وهل هناك من يظن نفسه أسدا بحق وحقيق والحقيقة أنه مجرد قط متوحش, فارتداء ثوب الأسد لا يعني أن صاحبه أصبح أسدا تماما كما نقول لإسماعيل يا ابو السباع فالأخلاقيات والمبادئ هي التي تفرق بين إنسان وآخر وحاكم وآخر. وإذا كنا نقول في تراثنا الشعبي إن فلانا أخلاقه أخلاق ملوك أو أمير ونعني بذلك أنه مؤدب فإنما نحن نطلق تلك الكلمات كنوع من المديح والمبالغة لأن الأخلاقيات والسلوكيات والمباديء والمثل العليا كلها هي جزء من سلوكيات الملوك والأمراء وبعض الحكام... الأسد الحقيقي من يحكم بالحق والعدل ويحمي كرامة الإنسان, ولا يخشي في الحق لومة لائم ولا يفعل ما يرتكبه أسد سوريا الوهمي من مجازر. المزيد من مقالات احمد فؤاد