مازالت قضية القمامة هي الشغل الشاغل للمصريين جميعا, فالقضية التي نجحت دول العالم في التعامل معها.. وتحويل المخلفات الي مصدر للطاقة واستعادة المواد الخام, عبر منظومة جيدة في مراحل الجمع والفرز والتدوير.. مازالت تستعصي علي الجهات المعنية في مصر, ومازالت تمثل عبئا ثقيلا علي إدراك المسئولين وصحة المواطنين. والغريب أن يتحول الطريق الرئيس لمزار سياحي هام هو طريق سقارة الذي يمر منه زوار مصر والسائحون الوافدون اليها الي مستجمع ضخم للقمامة اقامته هيئة النظافة والتجميل بالجيزة بالقرب من الكتلة السكنية ليحول حياة السكان في منطقة المريوطية الي جحيم بسبب الرائحة الكريهة والضجيج الصادر عن مركبات نقل القمامة, مما يطيح بكل معايير صحة المواطنين وكل لوائح قانون البيئة, فقد تلقت الصفحة شكاوي من بعض أهالي منطقة الحرانية من وجود كميات هائلة من القمامة علي مساحة عدة افدنة في المنطقة الواقعة علي ترعة المريوطية اسفل الطريق الدائري طريق سقارة وهو طريق سياحي تعبره العديد من اتوبيسات النقل السياحي للسائحين الذين يشاهدون هذا القبح في أرض الحضارة الفرعونية وتتعاظم المشكلة لتتحدث عن نفسها بانبعاث الروائح الكريهة والتي تجبر المارة حتي بعد غلق نوافذ سياراتهم علي كتم انوفهم لتفادي تلك الرائحة الممتدة لمئات الامتار, ويقول يحيي محمد من سكان المنطقة والتي بها العديد من المساكن والفنادق انه بخلاف الرائحة والتي يشمئز منها المارة فان المكان يعج بجامعي القمامة الذين يقومون بانتقاء مايريدونه من اكوام القمامة, هذا بجانب الحيوانات الضالة والتي تتزايد بشكل ملحوظ وأصبحت بمثابة مصدر ازعاج للاطفال هذا بالاضافة الي التزايد الواضح لكميات الذباب والناموس ويضيف ان الدخان الناتج عن حرق تلك القمامة يؤثر علي قائدي السيارات المارة بالطريق الدائري, وطريق سقارة, وقد سبب العديد من الحوادث لصعوبة الرؤية. ومن سكان المنطقة ليلي عبدالغفار ربة منزل تشير الي ان اكوام القمامة شوهت الطبيعة والنظر الجمالي الذي كانت تتميز به الحرانية بجانب انه يعطي انطباعات سيئة لدي الاطفال عن النظافة والاهتمام بسلوكياتهم تجاه بلدنا فضلا عن انه يؤثر علي صحتهم خاصة عند ذهابهم للمدارس.. اما الدكتور راضي سعد بجامعة القاهرة وهو من ساكني المنطقة فيقول انه سبق وعرض الموضوع علي الدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة منذ اكثر من ثلاثة اشهر ولم يتم شيء حتي الأن علي الرغم من ان المنظر العام مخجل امام السائحين بخلاف مانعانيه من تلوث بيئي مؤثر علي صحتنا, في حين يشير الدكتور اسماعيل راضي استاذ مساعد بطب القاهرة ويقطن في نفس المكان الي ان تلك المنطقة كانت مزروعة وشكلها جميل ثم منذ مايقرب من سنة ونصف حولتها المحافظة لمركز تجميع للقمامة بمثابة مخزن علي مساحة تبلغ100 متر طول في عرض100 متر وبارتفاع اربعة امتار, حيث تقوم عربات نقل القمامة بوضعها في تلك المنطقة السكنية وعلي الطريق السياحي لسقارة, ويضيف ان سكان المنطقة تقدموا بالعديد من الشكاوي للجهات المختصة ولم يستجب احد بأي رد فعل ايجابي, بالاضافة الي اننا اصبحنا نعاني زيادة القوارض والفئران بخلاف الروائح الكريهة الناتجة عن تعفن وتحلل المواد العضوية بالقمامة وابنعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون الناتج عن حرق القمامة والتي قد تسبب امراض الربو هذا بجانب توافد كميات كبيرة من اسراب طائر ابوقردان والتي تجد في تلك الاكوام ضالتها من الديدان والروث والتي يمكن ان تصبح بدورها وسيلة لنقل الامراض للاراضي الزراعية القريبة من تلك المنطقة. ومن المنظور الصحي والبيئي لتلك الازمة تشير الدكتورة هبة يوسف استاذ مساعد السموم وعضو لجنة شئون البيئة بكلية طب عين شمس الي ان مشكلة تراكم القمامة تعد من اخطر مشكلات التلوث البيئي باعتبارها ازمة ذات أبعاد كثيرة, لذلك لابد من التعامل معها ليس باعتبارها مشكلة بيئية فقط, بل من منظور الادارة لمنظومة البيئة وتنمية الموارد الطبيعية والبشرية, فالقمامة تنتج سموما طبيعية وكيميائية خطيرة, وينبعث منها روائح كريهة محملة بملايين ومليارات من الكائنات الدقيقة السامة والممرضة والتي لاتري بالعين المجردة مثل البكتريا والطفيليات والفيروسات والفطريات, والتي تصل للانسان عن طريق الاستنشاق, وتكمن خطورة بعض هذه الميكروبات في انها تفرز سموم مقاومة للحرارة, والتي تكون موجودة في معلبات لحوم الابقار والدواجن والخضراوات والفاكهة الموجودة في القمامة, وهي تسهم الي حد كبير في نشر فيروس التهاب الكبد الوبائي, هذا بخلاف الفطريات التي تعيش علي بقايا علب الآلبان والفول السوداني والزبدة وتفرز سموما خطيرة تؤدي لتسمم خلايا الكبد.. وتضيف الدكتورة هبة يوسف: ان الابحاث الطبية الحديثة في مجال السموم الاكلينيكية والبيئية اثبتت وجود امراض للتلوث البيئي والتي تسبب حدوث خلل جيني يؤدي لحدوث تشوهات في الاجنة وزيادة نسبة الامراض الوراثية... وفي مقابلة مع اللواء حافظ فكري رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالجيزة لمعرفة الخطوات والسبل لمواجهة تلك الازمة وحلها.. اشار في بداية حديثة الي انه مستاء من الشكل العام لهذا المكان وانه يعد الآن وفي اقرب وقت نقل هذا التجمع للقمامة لمقلب اخر بعيد عن العمران ولذلك يتم الاعداد الان لتأجير قطعة ارض لهذا الغرض بدلا من المكان الحالي الذي كان يتم فيه تجميع للقمامة لحين نقلها الي مقلب شبرامنت وهو احد اماكن الدفن في الظهير الصحراوي لمحافظة الجيزة.. ويضيف اللواء حافظ فكري انه يجري الآن تحضير اعداد كبيرة من صناديق تجميع القمامة لتوزيعها علي شوارع الجيزة لمواجهة الكميات الكبيرة من القمامة الملقاة في الشوارع, وعن زيادة تراكمات القمامة في الشوارع يشير حافظ فكري الي ان ثقافة التعامل مع الطريق العام يجب ان تتغير لدي المواطن فلايمكن ان يلقي المواطن قمامة منزله او محله أكثر من مرة في اليوم بل لابد ان تكون مرة واحدة في اليوم وفي الصناديق المعدة لهذا الغرض فكيف لنا ان نواجه هذا الكم الهائل من القمامة الملقاة24 ساعة يوميا, فلابد وان يرفع المواطنون شعار الشعب يريد النظافة وعليه ان يشاركنا المسئولية ونكون نحن خادمين له... ويضيف ان الهيئة قامت بالتعاقد مع عدة شركات جديدة وطنية سوف تقوم بجمع القمامة من المنازل, وسيتم ذلك في غضون شهر, والهيئة علي استعداد لتلقي اي شكاوي من المواطنين عن اي تقصير يصدر من تلك الشركات في قيامها بدورها وذلك علي التليفونات التالية:37486983 37486984