طوال الأربع وعشرين ساعة الماضية لم يهدأ التحرير ولم تتوقف حناجر المصريين عن الهتاف, وفي ظل تدفق عشرات الآلاف من كل الأطراف والشوارع المحيطة ظل الشعار الأقوي ارحل.. ارحل.. يامشير.. الشرعية من التحرير. ومع تأكيد تكليف الجنزوري برئاسة حكومة الانقاذ تنوعت التعليقات الساخرة, وعلت الأصوات الغاضبة, مؤكدة أن الجنزوري من كبار الفلول. ولأول مرة يتوحد الميدان علي مطالب ثابتة ومحددة بلا منصة واحدة ولا أي أحزاب أو قوي سياسية ليعيد للأذهان موقف الميدان أثناء جمعة التنحي, عندما كان المطلب الأوحد يطالب بسقوط مبارك وتنحيه. وكعادته في كل مليونية, جاء صوت مظهر شاهين خطيب الثورة, مؤكدا لمطالب الثوار في الميدان, مشير الي ان الثوار ليسوا في خلاف مع الجيش ولكنهم ينتقدون آداء المجلس العسكري خلال العشرة أشهر الماضية, وعدم تمكنه من تحقيق سوي عدد قليل من مطالب وأهداف ثورة25 يناير. و طالب الشيخ شاهين خلال خطبة الجمعة بحضور عشرات الآلاف من المتظاهرين بسرعة تشكيل حكومة انقاذ وطني تتكون من د. محمد البرادعي أو حمدين صباحي, والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح, وإعطائها جميغ الصلاحيات من أجل بدء العمل الفعلي في تحقيق أهداف الثورة. ودعا جميع اطياف الشعب المصري بمسلميه ومسيحيه وكل القوي السياسية والوطنية إلي توحيد الصفوف وعدم الاختلاف لتحقيق مطالب وأهداف الثورة, كما دعا في الوقت ذاته إلي ضرورة المحاكمة العاجلة لكل من تسبب في إراقة دماء المتظاهرين وقتل الشهداء خلال الأحداث الأخيرة. وأكد إمام مسجد عمر مكرم الملقب بخطيب الثورة ضرورة إصدار قرارات ثورية تتضمن تشكيل مجلس رئاسي مدني وحكومة إنقاذ وطني, وتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز للتحقيق في مقتل المتظاهرين. ورفض أن يتحدث أحد باسم الميدان والا يقدم أحدا للمحاكمات العسكرية, مع ضرورة إصدار مرسوم باسماء الفاسدين في النظام السابق واقصائهم عن الحياة السياسية. وأضاف شاهين ضرورة منع فلول النظام السابق الذين أفسدوا الحياة السياسية المصرية قبل ثورة25 يناير من خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية, وتطهير مؤسسات الإعلام الرسمي وإلغاء وزارة الإعلام, وتطهير وزارة الداخلية وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بشكل كامل وسريع. وأدي الشيخ شاهين قسما داخل الميدان ردده وراءه المصلون وهو( أقسم بالله أنه لن تموت مصر ولن ينال منها أحدا), وعقب انتهائه من أداء القسم دوي الميدان بهتافات المصلين( الله أكبر الله أكبر). وأضاف الملقب بخطيب الثورة أن الزمان عاد كما هو للنفاق والرياء والكذب, لهذا السبب عاد الشعب للميدان. وأم الشيخ محمد جبريل المتظاهرين في صلاة الجمعة عقب خطبة شاهين في جو يخيم عليه الحزن والبكاء علي المصابين والشهداء, ودعا جبريل علي البلطجية وأصحاب المصالح الشخصية الذين يريدون الهلاك لمصر. ووجه الشيخ الطيب شيخ الأزهر كلمة للمتظاهرين ألقاها بالنيابة عنه الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني لمشيخة الأزهر, حيث أكد أن شيخ الأزهر يشارك المتظاهرين في موقفهم ويدعوا لهم بالتوفيق. وطالب الشيخ في كلمتها بمحاسبة المسئولين عن الدماء التي سالت, مؤكدا حرمة الدم, وأن الدم المصري ليس رخيصا, وندد بأعداء الثورة الذين يقفون أمامها, وأكد أن مصر هي باب الفتوح للأمتين العربية والإسلامية للحق والعدل والخير. ومن جانبه دعا الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح المرشح المحتمل لرئيس الجمهورية للمشاركة في هذه المليونية لتحقيق مطالب الثورة, وندد المتظاهرون بالجنزوري والمشير معا, مؤكدين أن عودة الجنزوري لتولي الحكومة تعني إعادة الفلول إلي الحكم, مرددين: لا جنزوري ولا طنطاوي. وطوال يوم أمس والليلة الماضية لم تهدأ الحركة داخل الميدان استعدادا لمليونية الفرصة الأخيرة, حيث قام عدد من الشباب المتطوع بتنظيف الميدان وتحديد حارات مرورية لسيارات الإسعاف لتسهيل توصيل أي حالات إصابة إلي المستشفيات. وجلجلت أصوات المتظاهرين في سماء التحرير مرددة شعارات مدوية هزت أركان الميدان أبرزها: ارحل.. ارحل, ويامشير يامشير.. الشرعية من التحرير, وقول ما تخفشي.. حكم العسكر لازم يمشي و باطل.. باطل. وقام عدد من الشباب بتوزيع منشورات تتضمن5 قوواعد و3 إرشادات خلال الاعتصام حيث تضمنت القواعد علي عدم رفع أي لافتات حزبية وعدم تنظيم أي دعاية لمرشحي الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية, والحفاظ علي سلمية الثورة وعدم الانسياق وراء أي استفزازات أو صدامات, والتركيز علي المطالب المتفق عليها, وتنحية المطالب الخلافية جانبا. وشدد الشباب علي الحفاظ علي أخلاقيات الميدان من ترابط وتعاون والالتزام بالسلوك الحضاري للاعتصام من نظافة ونظام وسلوك. وقوبل د. محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عند وصوله إلي التحرير لأداء صلاة الجمعة حيث التف المئات من أنصاره ومؤيديه ورفعوا الأعلام المصرية وسط حفاوة بالغة ورددوا:.. المشير فين.. الشرعية أهي, وأكد لهم البرادعي أن مصر تستحق الأفضل, وأنه معهم قلبا وقالبا, وطالبهم بالاستمرار في الاعتصام حتي تتحقق مطالب الشعب المصري.