بعيدا عن ثرثرة النخب المفروضة على بعض الفضائيات المصرية، منذ ثورة 25 يناير، وتهافتها على اقتسام الغنائم، اقترب الموعد لكي تتحدث مصر عن نفسها بلسان شعبها الفصيح عبر صناديق الانتخابات التي هي أول اختبار حقيقي لإرادة الشعب وقوته ووعيه. فهل نسنطيع كشعب مصري أن ننجح في أول أختبار حقيقي لثورة 25 يناير؟ وهل يمكن ان نثبت لأنفسنا اولا وللعالم ثانيا أننا جديرين بامتلاك ناصية المستقبل والمشاركة في صنعه؟ هل لدينا التصميم على الوفاء لدماء الشهداء؟. الإجابة سوف تسطرها الأفعال وليس الأقوال، بعد أيام قليلة حيث تبدأ الجولة الأولى لإنتخابات مجلسي الشعب والشورى، وسط تحديات خطيرة، تراهن على قدرتنا على امتلاك زمام الحكمة وبُعد النظر وحفاظنا على مكتسباتنا التي يحاول كثيرون سرقتها أو إفسادها. نعلم أن الصورة قاتمة قليلا وأن المتربصين كثيرون، ولكن ندرك أيضا حكمة الشعب المصري وقدرته على تجاوز المحن والمعوقات سواء كانت فلول أو قوى تريد السطو على إرادة الأمة. نثق في أن غالبية المصريين سوف يشاركون في العملية الانتخابية بكل إيجابية، بل سوف يبدعون أدواتنهم الخاصة لحماية مستقبل البلاد، كما فعلو في الأيام الأولى للثورة عندما غاب عن الشارع رجال الأمن او تخلوا عنه، فتشكلت اللجان الشعبية تقائيا للدفاع عن شرف الأمة وحماية الدار الصغيرة والدارالكبيرة: مصر. تجلت أيضا إرادة الشعب الواعي يوم الاستفتاء على الدستور حيث رأينا طوابير الناخبين التي تمتد مئات الأمتار وإصرار مختلف فئات الشعب على الإدلاء بأصواتهم، واليوم نثق أن هذه الإرادة الشعبية سوف تحمي أول منعطف على طريق المستقبل وأول انتخابات يجب ان يتكاتف الجميع لكي تتم بكل نزاهة وبدون تزوير.. ندرك أن الشعب أكبر وأقوى من الفلول والبلطجية، وأذكى من اغراءت أصحاب المال والنفوذ وأنقى من المتاجرين بالشعارات. يوم الانتخبات هو معركة الشعب المصري الحقيقية لكي يثبت للمتاجرين باسمه أنه أوعى بمصلحة الوطن من المتهافتين على المناصب والمنابر. النجاح في هذا الاختبار لا يكفيه الذهاب إلى لجان الانتخابات واختيار الأصلح، وإنما يتطلب أن نحمي سير العملية الانتخابية على الوجه الصحيح وألا نمكن من يحاولون إفشالنا أو شراء أصواتنا أو منعنا عن قول كلمتنا. استحقاقات المرحلة تحتم على جموع الشعب أن يثب حضوره الحضاري، وان يجتاز حاجز الصمت الرهيب الذي شكل توجه عام لما سمي بالأغلبية الصامتة، فلن نصمت في ذلك اليوم، لأننا نعلم أن لصوتنا هذه المرة قوة جديدة تتأبى على التزوير والسرقة، لذا نقترح أن تتكون لجان شعبية تنسق مع الجهات المسؤولة بالدولة لحماية عرس الديمقراطية أيام الانتخابات وبخاصة مقار اللجان والمساعدة في مواجهة أي تعكير لصفو ذلك اليوم وإحباط مخططات إفساده. صوتنا الإنتخابي هذه المرة سوف يندمج مع صوتنا العضوي ليكون لسان التعبير الحضاري عن الأغلبية الصامتة التي آن الأوان أن تقول كلمتها بكل وضوح وشفافية، وآن الأوان أيضا على من بيدهم الأمر ان يسمعوا هذه الكلمة. على مدى التاريخ كان اختيار الشعب المصري هو الأفضل عندما تتاح له حرية الاختيار، ومن يحتاج إلى دليل عليه أن يعود إلى الانتخابات الحقيقية منذ دستور 1923، لأن أمتنا لن تجتمع على ضلالة. [email protected] المزيد من مقالات د0محمد يونس