ما يحدث في ميدان التحرير الآن يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك من لا يريد لمصر الاستقرار, فمع إيماننا بأن ثورة 25 يناير 2011 قد أحدثت تحولا جذريا في تاريخ مصر بعد أن تخلصت من نظام مستبد أراد توريث الحكم, ووأد كل فرص الديمقراطية والحرية عبر قوانين ملتوية فاسدة, فإننا لم نكن نتصور أن تصل بنا الحال إلي ما وصلت إليه من تدهور, فالأمن غائب تماما, والاقتصاد في تدهور مستمر, والأحوال المعيشية تسير من سيئ إلي أسوأ. وصار الوضع الآن عبارة عن اتهامات موجهة ضد الحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة بالتسويف والمماطلة في تسليم السلطة, مع أنهم هم الذين اختاروا رئيس الحكومة من ميدان التحرير, ثم إنهم لم يقتنعوا بخطاب المشير محمد حسين طنطاوي وطالبوا بتسليم السلطة فورا, والسؤال: حتي لو سلمنا بضرورة تسليم السلطة الآن, فلمن يتم تسليمها? ثم لو تم تشكيل حكومة جديدة أيا كان مسماها.. أليس المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الذي سيصدر قرارا بتشكيلها؟! إن المسألة لا تقاس بالصوت العالي, والأمر يتطلب ضرورة أن يمتثل الجميع للمصلحة العليا للبلاد, فلا يعقل أن يصر متظاهرون سلميون علي اقتحام وزارة الداخلية ويكون هذا الهدف هو شغلهم الشاغل,, ألا يدرك هؤلاء المخاطر المحدقة بالمواطنين نتيجة غياب الشرطة ومحاولة تكسير عظامها؟ انظروا إلي المظاهرات في كل بلاد العالم.. كلها مظاهرات سلمية, فإذا تحولت إلي التخريب يقوم رجال البوليس بدورهم في التصدي للمخربين وتقديمهم إلي القضاء الذي يقضي عليهم بأحكام رادعة تصل إلي الحبس المؤبد.. فالأمن القومي خط أحمر لا يمكن أن يقترب منه أحد. أيها الثوار في كل مكان علي أرض مصر: يجب مناقشة الأوضاع الحالية بحكمة.. ولنعيد النظر في خطاب المشير طنطاوي, وننتظر الأشهر الستة المقبلة التي ستحدد مصير البلاد, فإذا مرت هذه الفترة دون تغيير الأوضاع, فساعتها يصبح من حق الجميع الخروج لإنقاذ الثورة. وبالنسبة للقوي السياسية: هل تعيد النظر في موقفها, فمصر تحترق بأيدي أبنائها؟ وأخيرا نقول: لا تخاطبوا المجلس الأعلي للقوات المسلحة المطلق.. اطلبوا منه الشيء المحدد. المزيد من أعمدة أحمد البرى