تراودني الحيرة والأمل دائما فيما أطل به علي سلطان قرائي عن محروستي مصر بشكل مختلف محاولا ذكر بريقا من أنجازات تتحقق أو بسبيل الإنطلاق لترسم أملا في غد مشرق بعد حلاك خيم علي قلوبنا وسلبيات اللحظات المتتالية، لكن يبدو أن أمنيتي ستظل عزيزة وحبيسة حالم باحث عن ضآلته التائهة، ويعلم الله وحده متي تشرق من جديد أناشيد الحرية والأستقرار والأمن والأمان والسعادة وجوه المصريين. لا أكتب اليوم من واقع تحليل لأحداث المقطم الجمعة الماضية وإنما شاهدا بالعين ووجع القلب وحيرة العقول بصفتي من سكان المقطم الباكين علي ما أصاب هدوءه أو بعده عن هول الأشتباكات والإعتصامات وقطع الطرق إلا من وجود مكتب الإرشاد والجدل حوله المثار سياسيا، حتي تحول لتهديد المنطقة وأمن سكانه وممتلكاتهم بل حياتهم ، بعد اليوم المشئوم من تحول التعبير السلمي أمامه لمعركة إهانة وعنف ولطم امرأة في توقيت أحتفالات العالم بيوم المرأة العالمي ومناسبة تكريم عيد الأم ، لتتحول الأعياد لسرادقات عزاء معتادة في أنحاء المحروسة التي لم تعد محروسة بل حزينة من أولادها وعلي أولادها بالذي وصل إليه تبادل حالهم إلي واقع إليم وحزين ، وهذا السيناريو البغيض الذي تعيشه بلدي يوميا من مشرقها لمغربها وشمالها لجنوبها منذ إنتهاء 18 يوم ملائكية عقب ثورتنا التي تحاكي العالم منبهرا من سلاميتها ، واليوم يتندر وغالبية شعبنا من قسوة أيامها من مساؤي الغل والحقد والبغض وتدني الأخلاق والألفاظ والسلوك وإنطفاء زهوة أرضها وسمائها وأمان شوارعها وإزقتها وحرية التنزه بحرية ، والإستمتاع نهارا وليلا بحدائقها ونيلها العظيم ووقفة الحالمين والعاشقين علي ضفافه، أو المشي في شوارع قاهرة المعز ، ولكن للأسف تحول الحال من الأنفلات الأمني والأخلاقي ونتائجه غلق أهم الميادين والشوارع بكتل أسمنتية وعلي رأسها ميدان التحرير ، هل تتذكرون جماله وحديقته الرائعة بوسط ميدانه المفتوح القلب علي شرايين القاهرة والجيزة من كافة الإتجاهات ، ومهازل إغلاقه بعد أن هاجره الثوار الحقيقيين من أجرام بلطجية الباعة الجائلين الذي وجدوا أحلامهم في المكان والمكسب والغطاء الآمن ممن لا يريدون مصلحة البلد ، خاصة بعد تخلي الدولة عن هيبتها وقوتها وإعتباره خارج خريطة الوطن . أن ما شاهدته من اقتتال بين المصري والمصري وكأن أحداهما عدوا صهيونيا يجب استباحة دمه ، وتحول منتجع المقطم إلي ساحة "أم المعارك" ومن حرق للمنشآت العامة والخاصة ،وسفك دماء لشباب أطهار مصابين جدد وتهديد للآمنين في بيوتهم وترويع النساء والأطفال نتيجة الزحف الفوضوي "الثورجي" تحت شعار"الحرية" لإستباحة كل شئ وكأنها شريعة الغاب ، فأي ثائر يحق له أن يعث في الأرض فسادا ضاربا بالقيم والمبادئ وحرمة الدم والعرض والمال حتي وصل الحال للتعدي علي دور العبادة وروادها دون وازع من دين أو أخلاق لا تتجزأ ، ولا يستحق إلا إدانة كل مصري أيا كان فاعلها أو أسبابه علي كل قطرة دم أسيلت يتحملها طرفي صراع بغيض من فقدي الرؤية وإعلاء مصلحة الوطن ، سواء من سلطة فاشلة الإدارة والحكم تقف موضع المشاهدة وكأنها تحكم شعبا آخر أو بلدا مختلفا ، عاجزة بأجهزتها الأمنية والقانونية فلا تستحق البقاء إلا إذا قامت بتغيير عقيدتها المترهة، وأوقفت وهم التمكين الذى تنتهجه، وأدركت أن إدارة بلد كمصر فى ظرف كالذى نعيشه لا يكون إلا بتحمل مشترك للمسئولية من جميع شركاء الوطن ، وبتطبيق عدالة إنتقالية ناجزة دون إقصاء أو تهميش لأحد ، وفتح تحقيق شفاف مستقل فى كل جرائم الفترة الماضية ومحاسبة المخطئ أينما يكون ومن هو ، أو من سياسيون يسموا أنفسهم معارضون لا ينظرون إلا لمصالحهم الضيقة وأطماع السلطة الزائفة والشو الإعلامي المآجور، ومجموعة من الانتهازيين الذين يدفعون شبابا مصريا للموت بسبب الهجوم على أو الدفاع عن مبنى لا قيمة له أمام قطرة دم واحدة من دماء المصريين ، وحرب شوارع واشتباكات دامية بين أبناء وطن واحد استخدم فيها كل أنواع الأسلحة البيضاء والخرطوش والشوم ، وتبادلوا التراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف واحتجزوا بعضهم البعض داخل العمارات السكنية لساعات طويلة حتى تم تحريرهم في آخر الليل بعد تدخل الشرطة بعد خراب مالطة مما تسبب فى حالة من الذعر والرعب شملت أرجاء المنطقة حتى الساعات الأولى من صباح السبت ، فكانت نتيجة هذا اليوم المشئوم إصابة 207 شخص من طرفى الاشتباكات الدامية فى جمعة "رد الكرامة" وإلقاء القبض على "6" فقط من مثيرى الشغب بحوزتهم أسلحة نارية وزجاجات مولوتوف، وإتلاف "6" سيارات كبيرة تابعة لجماعة الإخوان تعرضت 5 منها للاحتراق الكامل ، وتلفيات ب 4 سيارات إسعاف بعد رشقها بالحجارة فيما أضرمت النيران فى سيارة شرطة تابعة لقوات الأمن المركزى، وتحطيم عددا كبيرا من المحال التجارية وسيارات للمارة والأهالى بلا ذنب جانوا سوي قدرهم بوجود ذلك المبني بجوارهم . والمبكي في ذلك عدم وجود أثر للدولة في وقف ذلك رغم العلم بالدعوات للخروج إلي مبني الأخوان للحد من المواجهات الأكيدة الحدوث بين الجانبين سوي تأمين المبني ، وكأن ما يحدث في محيطه ليس ضمن أولويات حمايته وسلامته وإرقة دماء المصريين رخيصة ، والتعدي علي الممتلكات العامة والخاصة وعدم حمايتها عديم الأهمية وليس واجبا من الدولة وأجهزتها ، متناسية أن ذلك يزيد من تناقص هيبتها وقوتها وتآكل تنفيذ القانون ودورها في خدمة مواطنيها، ولكن نحمد الله علي التحرك السريع والحاسم من رأس الدولة بعد يومين علي "تويتر" وتعليقه الحاسم إن التظاهر السلمى حق للجميع وما يحدث الآن ليس له علاقة بالثورة، إنما هو عنف وشغب وتعدِ على الممتلكات العامة والخاصة يتم التعامل معها وفقا للقانون، داعيا عبر "تغريدته" جميع القوى السياسية لعدم توفير أى غطاء سياسى لأعمال العنف والشغب ، وأنه لن يكون سعيدا إذا ما أثبتت التحقيقات إدانة بعض الساسة فسيتم إتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم مهما كان مستواهم ، منبها أن الكل أمام القانون سواء ولن أسمح بأى تجاوز للقانون سواء كان من مؤيد أو معارض من رجل شرطة أو رجل دولة، ومحذرا "الرئيس" بأن البعض يستخدم وسائل الإعلام للتحريض على العنف ومن يثبت تورطه فلن يفلت من العقاب فكل من شارك فى التحريض هو مشارك فى الجريمة ولابد من إعمال القانون إذا ما تعرض أمن الوطن والمواطن للخطر، ومؤكدا أن المحاولات التى تستهدف إظهار الدولة بمظهر الدولة الضعيفة هى محاولات فاشلة، وأجهزة الدولة تتعافى وتستطيع ردع أى متجاوز للقانون إذا ما اضطررت لإتخاذ ما يلزم لحماية هذا الوطن سأفعل وأخشى أن أكون على وشك أن أفعل ذلك، داعيا الجميع لحفظ الأمن وإلى ضبط النفس ، مؤكدا "أنا رئيس لكل المصريين ولن أسمح أن يتم النيل من الوطن"... والآن بعد "تغريدته" أعلن وفاة أحلامي أكلينيكيا ، فالوطن كله في خبر كان، وستنتشر مأتم المحروسة !!!! لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ