بالأمس لم يكن عصيا علي المراقب تلمس ومعايشة أجواء المحبة بين أهل الاناضول وشعوب الشام ولا زالت, ومع تولي العدالة والتنمية الحكم قبل تسع سنوات, تخطت العلاقات كل عراقيل البروتوكول والرسميات. لتصبح أكثر حميمية وتداخل الخاص بالعام في مشاهد الود الخالص لا يعكرها شئ اللهم بعض الكتابات في الادبيات السيارة لا شأن للحكومة الرسمية بها والتي كانت تصف الاسد بالديتكاتور. وخلال السنوات القليلة الماضية كانت الزيارات المتبادلة بين مسئولي البلدين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان والرئيس السوري بشار الاسد علي أشدها بيد أنها لم تقتصر علي العمل فقط بل تعدت لتكون شخصية وخاصة, وقيل أن الاسد إبتاع فيللا في اسطنبول العامرة يعاودها في الأجازات هو وأسرته بعيدا عن صخب الحياة السياسية. يالها من غرائب خاصة وأن البلدين أبان حكم الاب حافظ كادا يتشابكان في حرب ضروس قبل ثلاثة عشرة سنة بسبب إيواء الانفصالي عبد الله أوجلان في الاراضي السورية. وها هو الحب يتحول إلي كراهية وبعد أن كان اردوغان في نظر الميديا الاسدية الرسمية بطلا مغوارا صار عميلا للصهيوينة ويدا طيعة تنفذ أجندة الامبريالية الامريكية. أما أهل الحكم سواء في شنكاياي حيث القصر الجمهوري والباشكللنك مقر المجلس الوزراء فقد آثرا عدم الانزلاق في شتائم فقط أكتفيا بالقول بأن الاسد الابن فقد وإلي الابد شرعيته وهكذا أخذت التطورات علي الساحة التركية السورية منحي متصاعدا ومعها تتزايد نبرات التهديدات والوعيد بعد أن كانت تقتصر علي إسداء النصائح إكراما للجيرة والعيش والملح, وعلي لسان رئيس وزرائها اردوغان أعلنت تركيا أنه لا يمكن السكوت علي ما يجري فيما وراء التخوم من تنكيل وأراقة دماء الابرياء من الشعب السوري وهذا يخلص إلي القائمين علي إدارة الامور في الاناضول باتوا يستعدون لحقبة ما بعد بشار الاسد غير أن الأخيرة حتما سيسبقها مرحلة ستكون أنقرة في بؤرتها أن لم تكن رأس حربتها ووفقا للمعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية وأشارت إلي وجود موافقة علي حظر جوي محدود تقوده تركيا بديلا عن الناتو وذلك تجنبا لغضب الدب الروسي من جانب والعملاق الصيني من جانب آخر. في السياق ذاته وإستعدادا لتلك الخطوة المرتقبة شددت تركيا من تدابيرها الأمنية والعسكرية ونشرت طائرات التجسس من دون طيار لمراقبة كافة التحركات بالمناطق زاد أن عتاد حربي كثيف أمريكي وصل إلي قاعدة إنجيرليك في أضنة جنوب شرق البلاد ويالها من مصادفة أن تكون تلك المدينة التي شهدت إتفاقا أمنيا بين دمشقوأنقرة عام1998 هي نفسها نقطة الانطلاق لفرض الحظر الجوي المحتمل لكن الأمر لن يكون سهلا فالحظر ما هو إلا إعلان حرب ثم أن أكثر ما يخيف تركيا وهو سقوط جارتها في أتون الحرب الاهلية, وهو أمر لا شك سيضيف أعباء ضخمة ليس فقط علي الحدود التي يتجاوز طولها ما يزيد علي800 كيلو متر بل علي مجمل الاناضول برمته خاصة وأن النظام قد لا يتورع في إستخدام الاكراد وهم بالالاف كورقة تثير الهياج في المدن ذات الغالبية الكردية والمشتعلة أصلا ومن ثم فتركيا في حاجة إلي دعم صريح وواضح لا يقبل التأويل سواء من قبل الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية فضلا عن الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد الاوروبي وبالنسبة للاخير بات في حكم المؤكد أن يعطي الضوء الاخضر لانقرة وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبية لها.