سألت باحثا امريكيا بارزا في مؤسسة بروكينجز الشهيرة عن كيفية توصيف الموقف الأمريكي من الوضع السوري فقال إن أمريكا تبني مواقفها بناء علي ما ينطق به الرئيس بشار الأسد. فقبل شهور علي سبيل المثال حين طرحت صحيفة' وول ستريت جورنال. سؤالا علي الأسد حول إمكانية إستجابته للإحتجاجات الشعبية بتطبيق إصلاحات عاجلة فرد بالقول' لا لن أفعل..لأنني لو فعلت سيكون ذلك بمثابة رد فعل وليس فعل'. بمعني أن الأسد وهو يقود دولة' عميقة' التوغل في المجتمع السوري يعرف أن تحديه للتغيير والإصلاح ودعاوي التخلي عن السلطة يستند علي دعم داخليا لن يتبخر بين ليلة وضحاها ويعلم أن عنصر الوقت ربما يكون في صالحه لو نجح في عقد صفقات داخلية تحفظ هيبة الحكم. وقد شكلت قرارات مجلس الجامعة العربية الأخير سابقة مهمة للجامعة في التحرك الإقليمي الإيجابي وبداية لعب دور علي صعيد القلاقل الداخلية في الدول الأعضاء بمواجهة نظام تجمد في موقفه بحيث لا يريد الإصلاح ولا يريد التفاوض مع معارضيه أو الحديث للمجتمع الدولي. الولاياتالمتحدة اليوم تعول علي الجامعة العربية في حصار' الة القتل' الموجهة للشعب السوري من خلال كماشة العقوبات من إتجاهات متعددة هي العقوبات الأمريكية والأوروبية والعربية. وفيما يستمر النظام السوري في عناده إعتمادا علي دعم الصين وروسيا, سوف تسعي واشنطن لإستمالة بكين وموسكو مع تصاعد العمليات العسكرية ضد المدنيين وتزايد مخاوف وقوع حرب أهلية بعد إنشقاق ضباط وجنود من الجيش السوري وإنضمامهم للمعارضة وقيامهم بعمليات ضد منشأت تابعة للنظام. ومن السيناريوهات الخطرة في التعامل مع الأزمة السورية, أن تقف القوي الدولية وعلي رأسها واشنطن موقف المتفرج وتطول فترة تقدير المواقف الإقليمية والدولية بينما يحصد النظام أرواح العشرات يوميا وهو ما شبهه الكاتب ألامريكي اندرو تابلر في كتاب' في عرين الأسد' بأنه يماثل ما يعرف بإستراتيجية تشارلز ولسون الرجل الذي سلح المجاهدين الأفغان وهي تقوم علي دفع المعارضة إلي الالتحام بقوات النظام حتي تنفذ ذخيرته ويتهاوي في نهاية المطاف. والإتجاه الغالب في الأوساط الأمريكية اليوم هو تشجيع ظهور مجموعة إتصال دولية تتولي تنسيق جهود الضغط علي النظام السوري ونقل خبرات المقاومة الشعبية الناجحة ومنها التجربة المصرية لحمل قيادات الدولة علي التخلي عن مساندة الأسد. ومن المتوقع أن تلعب الولاياتالمتحدة الدور الأهم في توصيل الخبرات التكنولوجية المتقدمة للمعارضة السورية بفضل تفوقها في المجال السابق وبالتالي سوف تفضح التكنولوجيا ممارسات النظام وتدفعه للتراجع أمام حالة الإنكشاف المتوقعة وهو سيناريو طويل الأمد لو تجنب السوريون خطر الإنزلاق في حرب أهلية علي النمط الليبي. وحسبة الولاياتالمتحدة تعتمد علي تبصر الحسابات الإقليمية المعقدة قبل إي خطوة مقبلة نتيجة تشارك سوريا في الحدود مع خمس دول تحمل كل منها حالة خاصة في الإستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط وهي إسرائيل وتركيا والعراق والأردن ولبنان. كما أن أمريكا ترصد موقف طهران وتأثير سقوط الأسد او بقائه علي النفوذ الإيراني وهو الذي تعرض بالفعل لضربة نتيجة إبتعاد ثورات الربيع العربي عن تبني نموذج ثورة79في إيران وإقترابها أكثر من حالة الإنتفاضات ضد الحكم في طهران عام 2009 وقد أوجز جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في شهادة امام الكونجرس موقف إدارة أوباما في مواقف واضحة وهي: إن الإدارة تتابع مسارا دقيقا ولكنه مدروس نظرا للظروف المعقدة في سوريا. لقد أثبت الرئيس السوري انه غير قادر علي الإصلاح. ونصيحتنا للرئيس الأسد هو أن يترك السلطة الآن. عدم السعي إلي مزيد من العسكرة لهذا الصراع. فسوريا ليست ليبيا. والطريق إلي الأمام يشمل دعم المعارضة في حين تعمل واشنطن مع شركائها الدوليين لمزيد من العزلة والضغط علي النظام من خلال الوسائل الدبلوماسية والمالية. دعم حق الشعب السوري في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات, والحقوق الأساسية المنصوص عليها في إعلان الأممالمتحدة العالمي لحقوق الإنسان. والشعب السوري يبحث عن حكومة تلتزم بهذه المبادئ وظهور مثل هذه الحكومة في سوريا هو في مصلحة الشعب وفي مصلحة الولاياتالمتحدة. ومن العلامات المهمة في تلك الشهادة ما قاله فيلتمان بالنص' شيء واحد تعلمته من الاحداث التي جرت في العالم العربي في العام الماضي هو التواضع بشأن قدرتي علي التنبؤ بالنتائج أو وضع جداول زمنية لهذه العمليات.. لا استطيع ان اقول لكم بالضبط هل الامر سيستغرق فترة طويلة لتحقيق هذه النتيجة في سوريا'!