المرأة في نظر بعض الإسلاميين مخلوق من الدرجة الثانية, لقد كان العرب في الجاهلية يكرهون البنات.. وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء مابشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء مايحكمون. وإذا كان الإسلام قد حرم وأد البنات, فقد ظلت بقايا هذه العادة المحرمة في سلوك الكثيرين حتي يومنا هذا ولكن بشكل آخر. فهم يحكمون أن المرأة كلها عورة من قمة رأسها إلي أخمص قدميها. ويصرون علي إخفاء وجه المرأة ورأسها: وإخفاء جسمها بالجلباب ولا تلبس إلا السواد.. ويحكمون عليها بالحبس في البيت لا تغادره إلا إلي القبر.. وإذا خرجت من البيت فلابد من حارس يحرسها وهو المحرم, ولا تخرج للدراسة أو العلم إلا معه..وفي حراسته. ويري المتطرفون من فقهاء البدو أن عيون المرأة عورة, ولوكانت تحت النقاب.. وأن بياض العين يغري الشباب, فلا تفتح عينيها في الطريق, وإذا خافت أن تقع في حفرة تفتح العين اليسري فقط ولا تفتح اليمني,, لأنه حرام وممنوع, وإذا سلمت علي الرجال اعتبروها زانية, وإذا تعطرت فهي زانية, وصوتها عورة فلا ترد علي السؤال. وعندما طبق الإسلام في السودان في عهد النميري, ابتدعوا ما سموه( حد الشروع في الزنا) وهو تعبير غريب لم يرد في نظام الحدود في الإسلام, ولا في كتب الفقه والشريعة, وبمقتضي هذا التشريع غير السماوي إذا كان الرجل يسير في الطريق ومعه زوجته ينقضون عليه ويطلبون قسيمة الزواج, فإذا لم تكن معه فالويل له إذ يؤخذ إلي السجن حتي يثبت براءته وإلا عوقب03 جلدة. أما إذا كان الرجل يسير بمفرده في الطريق فالويل له إذا ظهرت امرأة غريبة أمامه, لأنه لو نظر إليها أو سألته سؤالا عابرا ورد عليها, فتهمته( شروع في الزنا) وعقوبته03 جلدة, وقد أذيع في الصحافة السودانية أن امرأة لبست البنطلون فضربوها02 جلدة بتهمة الفجور والشروع في الزنا. فما أبخس كرامة الإنسان المسلم في ظل هذا التحريف للإسلام. الشيء نفسه أيضا حدث في أفغانستان عندما وصل الطالبان إلي الحكم وأعلن الملا عمر الحكم بالإسلام.. وأخذ يضرب ويجلد باسم الشريعة الإسلامية, والإسلام منه بريء, والآن ماذا يحدث في وطننا الحبيب مصر.. وهي بلد الوسطية والحضارة؟. نبدأ بهذه الفتوي العجيبة التي صدرت من لجنة الفتوي في الأزهر عام2591 م فعندما تولي الضباط الأحرار وهؤلاء شباب متفتح يريد النهضة بهذا الوطن.. وكانوا يشعرون بأن المرأة المصرية قد ظلمت علي مر العصور وأرادوا أن يشركوها في شئون وطنها فتكون ناخبة أو منتخبة.. وسألوا الأزهر في ذلك فأصدرت لجنة الفتوي التابعة له برئاسة الشيخ عبدالفتاح عناني الفتوي التالية: ان الشريعة الإسلامية تمنع المرأة من أن تتولي شيئا من الولايات العامة وما يخص شئون المسلمين وشئون القوانين والفصل في الخصومات وتنفيذ الأحكام( أي القضاء), وعليه فلا يصح أن تكون المرأة عضوا في البرلمان.. إذ أن الشريعة الإسلامية قد قصرت هذه المهام علي الرجال, وأنه جري التطبيق العملي علي ذلك من فجر الإسلام حتي يومنا هذا, وذلك عملا بقول رسولنا الكريم: لا أفلح قوم ولوا أمورهم امرأة رواه البخاري. وللعلم, فإن هذا الحديث موضوع وضعيف وهو حديث آحاد والقاعدة الشرعية أن أحاديث الآحاد لا تؤخذ منها أي قاعدة شرعية. ومرت السنوات وعرضت نفس المشكلة علي الأزهر بعد مرور05 سنة علي الفتوي السابقة وكان رئيس لجنة الفتوي عالم أكثر استنارة وأكثر علما هو الدكتور محمد سيد طنطاوي فأصدر فتواه الشهيرة بأن القرآن الكريم ينص علي حق المرأة في الأمر والنهي في أمور الحياة فلها الحق أن تكون ناخبة ومنتخبة للمجلس النيابي والحق في أن تكون قاضية أو وزيرة.. وأخيرا الحق في أن تكون رئيسة للجمهورية مادامت مؤهلة لذلك( راجع كتاب فتاوي ومفاهيم خاطئة). ومع ذلك فمازالت هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تنسب إلي الإسلام وتظلم المرأة.. وما أصدق الكاتب والعالم الكبير خالد محمد خالد حين يقول: إن الأمة الإسلامية كالرجل المريض الذي يعيش برئة واحدة, أما الرئة الثانية وهي المرأة فمعطلة. وقد زرت ميدان التحرير في أحد أيام الجمعة ورأيت مجموعة من النساء يعملن بهمة مع الشباب!! منهن الطبيبة التي تقوم بالإسعاف والتمريض ومنهن أمهات شهداء الثورة يطالبن بالحق والقصاص ومنهن الجامعية التي تكنس وتنظف الميدان.. ومنهن المحامية التي تخطب وتشجع.. وكان مشهدا يثير الإعجاب وتناقلته وسائل الإعلام العالمية وفجأة جاء ميكروباص يحمل مجموعة من ذوي اللحي الكبيرة فاتجهوا مباشرة إلي النساء وهم يقولون( مكانكم في البيت وليس في الشارع) والله يقول( وقرن في بيوتكن) وحدث حوار حاد كاد يتحول إلي مواجهة وتهديد وإنذار أن من تعود إلي الميدان مرة أخري فسيحدث ما لا تحمد عقباه. لقد جاء الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان فأنصف المرأة من الأفكار المتخلفة التي تريد وأدها.. وجعلها شريكة في كل شيء: في خدمة الوطن وفي السعي علي العلم والسعي علي الرزق والعمل, والله تعالي يؤكد لها كل هذه الحقوق في كتابه الكريم فيقول:( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). فالأمر والنهي هو أعلي سلطة في الدولة, وهو حق للمرأة كما هو حق للرجل, ومن ينكر عليها ذلك فهو يخطئ في حق الإسلام!.