مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلي المنطقة وبخاصة إسرائيل يعن لنا أن نتساءل بداية: هل قضية فلسطين لا تزال قائمة علي صدر أولويات واشنطن في المنطقة؟ الشاهد أن هناك حالة من التفاؤل قابلت إعراب الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري عن مواقفهما إزاء تحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين, غير أن شكوكا أكبر قد راودت المتخصصين والخبراء المتخصصين في شئون الشرق الأوسط تجاه هذه المواقف. هل اهتمامات أوباما في ولايته الثانية خارجية؟ بالقطع لا, ذلك أن الرجل يركز علي الشئون الداخلية والتي سوف تتطلب جل اهتمامه وهو بحاجة لكل صوت يتمكن من الحصول عليه من أجل تمرير برنامجه المحلي, ولن يقوم الرئيس بإغضاب الجمهوريين المحافظين والديمقراطيين من خلال فرض المطالب علي إسرائيل. هل هذا هو السبب الحقيقي وراء التصريحات المراوغة التي انطلقت من واشنطن وحولها الأيام الماضية؟ وإذا كان ذلك كذلك فلماذا لاسيما أن ضررا كبيرا سيلحق بسمعة أوباما وإدارته الثانية من جراء مثل هذا التلاعب بعقول ومشاعر العرب والفلسطينيين علي نحو خاص؟ قبل الزيارة كان أوباما يستقبل في البيت الأبيض نحو25 من زعماء المنظمات اليهودية العاملة في أمريكا والذين كانوا يشاركون في أعمال مؤتمر الأيباك السنوي في واشنطن حيث عادة ما تحتشد كل القوي والمنظمات والمؤسسات الداعمة لإسرائيل في أمريكا.. ما الذي قاله أوباما لهم وعلي العرب أن يقرأوه بعناية وحرص؟ بداية وكما تقتضي التقاليد الأمريكية كان الرجل يشدد علي التزامه بأمن إسرائيل حتي في ظل العلاقات المتوترة مع رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو وتاليا وبحسب ما أخبر اثنان من رؤساء تلك المنظمات الذين شاركوا في الاجتماع الذي منعت الصحافة ووسائل الإعلام الأمريكية من تغطيته علي غير المعتاد, فإن أوباما حرص علي التأكيد لهم بشأن عدم وجود خطة سلام أمريكية في اللحظة الراهنة وأن الزيارة ليست مكرسة لحل قضية سياسية معينة, ولكنها فرصة للتشاور مع الحكومة الإسرائيلية بشأن مجموعة واسعة من القضايا من بينها إيران وسوريا والوضع في المنطقة وعملية السلام, كما أن الزيارة فرصة أيضا بالنسبة له للتحدث بشكل مباشر إلي الشعب الإسرائيلي. هل نحن أمام حملة كلامية شفاهية فقط للحديث عن الدولتين من قبل إدارة أوباما لا أكثر ولا أقل؟ يبدو أن ذلك كذلك بالفعل ومع كل ما يجري وتجري به الأحداث من تصريحات نظل أمام تساؤل حائر لا جواب شافيا وافيا له حتي الساعة, وربما تكشف الأيام القادمة عن رد له.. هل أوباما قادر علي فرض رؤية معينة علي حكومة نيتانياهو أم أنه أعجز من أن يفعل ذلك؟ هناك قراءات ثلاث في ضوء الخبرة التاريخية للإدارات الأمريكية السابقة وتعاطيها مع هذا الملف: الأول: يذهب إلي أن إدارة أوباما الحالية لن تكون أقدر وأكثر اهتماما وقوة مما قبلها ومن سابقتها من الإدارات الأمريكية التي أخفقت في الضغط علي إسرائيل لوقف الاسيتطان. الثاني: يري العكس وذلك استنادا إلي طبيعة شخوص الفريق الذي يحيط بالرئيس أوباما وبما يتحلي به نائب الرئيس بإيدن ووزير الخارجية كيري وحتي وزير الدفاع هاجل من خبرة وإطلاع واسعين علي تاريخ القضية الفلسطينية. الثالث: يرون أن الإدارة الحالية ستركز جهودها علي ملفات أخري لأن القضية الفلسطينية لم تعد في مقدمة الاهتمام الأمريكي لاسيما أن إسرائيل تحاول التركيز علي الملف الإيراني والمشروع النووي وما تشيعه من أسلحة فتاكة في سوريا بهدف احتواء حالة الفوضي في دول الربيع العربي. هل يظل الوضع الراهن في إسرائيل قائما إلي الأبد؟ بمعني أن يظل الخلاف الإسرائيلي الفلسطيني قائما من غير حل ممكن يحقق العدالة المطلوبة ويحقق قرارات الأممالمتحدة التي تضرب إسرائيل بها عرض الحائط؟ هذا التساؤل طرحته النيويورك تايمز في الأسبوع الأول من شهر مارس الحالي, ولفتت فيه إلي أن الرأي السائد داخل البيت الأبيض وخارجه هو أنه لا سبيل لاستمرار الوضع الراهن في إسرائيل من احتلال للضفة الغربية وعدم تقسيم الحدود مع الفلسطينيين والصراع المحتدم بين كلا الجانبين والقمع والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون.. ما الذي يعوز أوباما والأمريكيين لكي يفتحوا عيونهم علي حقيقة ما يجري في فلسطين منذ ستة عقود ونيف؟ لابد للرئيس الأمريكي من أن يقرأ جيدا حديث الاكلاف والخسائر التي تتحملها واشنطن في الحال والاستقبال لدعمها غير المشروط لإسرائيل, وبخاصة بعد تراجعه عن الوعد الذي تردد انه أطلقه بان يكون2014 عام قيام الدولة الفلسطينية وهو ما اتضح لاحقا انه حديث الأوهام والأحلام الأوبامية لمزيد من مقالات إميل أمين