حالة من العزلة تعانيها مدينة سانت كاترين التي تعد من أكثر مدن مصر خصوصية وتميزا.. ليس بسبب إضرابات السياسة أو خناقة الانتخابات البرلمانية أو القصاص لشهداء الثورةوإنما نتيجة لاختفاء أجزاء من الطرق المؤدية اليها بفعل السيول وانقطاع خدمات شبكات الاتصالات أثناء الرحلة, وسيطرة البلطجية وقطاع الطرق علي المتبقي من تلك الطرق في ظل غياب تام للأمن. كما ساهم حادث منطاد الأقصر الذي راح ضحيته19 سائحا في الإحجام عن زيارة المدينة التي تعتبر من الرحلات الشاقة والخطرة, وقد انعكست تلك الحالة بالتالي علي حركة السياحة بالمدينة وتراجعت الي أدني مستوياتها علي الإطلاق لتخلف حالة من الاحتقان لدي أهالي وسكان المدينة الذين يعتمدون في معيشتهم علي السياحة. زيارة المدينة للاستمتاع بمناظر الجبال المكسوة بالثلوج وقت شروق وغروب الشمس وتسلق الجبل الذي كلم فيه نبي الله موسي ربه الذي يعتبر قبلة للسائحين ورحلة للحج تشوبها الكثير من المشقة وأصبحت دربا من المستحيل, فإذا كنت سائحا أجنبيا أو مصريا حتي فإنه يتوجب عليك أن تتحمل مخاطر الرحلة من وقت التحرك بالحافلة حتي انتهاء الرحلة, فالطرق المؤدية الي المدينة إما مختفية تحت رمال الصحراء بفعل السيول, وإما تحت سيطرة قطاع الطرق حتي, إن شعورا قد ينتابك بالميلاد من جديد عقب انتهاء الرحلة والعودة سالما إلي الديار. طريق وادي فيران الذي يعتبر أقصر الطرق لسانت كاترين ويختصر نحو6 ساعات بدلا من الالتفاف والذهاب من طرق أخري مثل طريق شرم الشيخ أو طريق طابا وهي طرق خطيرة أيضا وتخضع بالكامل لسيطرة البلطجية وقطاع الطرق إلا أن وادي فيران يعتبر الطريق الأخطر علي الإطلاق حتي إنني عندما وصلت الي مدينة الطور نصحني أحد الأصدقاء باستكمال الطريق بسيارة ميكروباص تخص أحد البدو بدلا من سيارتي الخاصة, وهو ما حدث بالفعل, وكانت المفاجأة في اختفاء أجزاء طويلة من الطريق تحت الرمال وتعطل الهاتف المحمول عن العمل نتيجة لغياب الشبكة, واستيقاف السيارة أكثر من مرة من قبل قطاع الطرق للتأكد من عدم وجود غرباء بها وإلا كان صيدا سهلا للخطف وطلب الفدية, وهو ما يجعل من ارتياد تلك السيارة مخاطرة في حد ذاتها. تلك الحالة انعكست بالطبع علي حركة السياحة وخلفت نوعا من الاحتقان بين العاملين في هذا المجال خاصة من يعملون في مهنة الجمالين و الدليل السياحي وهم من يقومون باصطحاب السائحين علي ظهر الجمال في رحلات تسلق جبل موسي أو في رحلات السفاري بالمنطقة الجبلية. محمد علي38 سنة يقول انه يعمل جمالا مند15 عاما وأنه لا يعرف مهنة أخري سواها, فطبيعة المنطقة جعلتها خالية من أية مجالات أخري كبدائل عن تلك المهنة لأن السياحة بالمدينة تمتد صيفا وشتاء, وأن عدد من كانوا يعملون في هذه المهنة قد تضاعف عدة مرات في السنوات الأخيرة في الوقت الذي قلت فيه أعداد السائحين بسبب الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها البلاد وبدلا من صعود الجبل مرة أو مرتين يوميا أصبحت مرة كل ثلاثة أو أربعة أيام. ويصرخ ابراهيم فتحي30 سنة جمال قائلا: إن لم نجد ما نأكله سوف يأكل بعضنا البعض مشيرا إلي أنهم يضطرون لرفع الأسعار لتعويض ندرة السياح حتي ان قطعة الشوكولاتة التي تباع بجنيه واحد يضطرون الي بيعها في الاستراحات الموجودة علي طريق الصعود للجبل بخمسة عشر جنيها للمصريين أو بخمسة دولارات للأجانب, علما بأن السائح قد بذل جهدا ومخاطرة كي يتمكن من الوصول الي المنطقة الأمر الذي يجعله لا يأتي مرة أخري, طلال عرفان34 سنة يقول انه يعمل دليلا في رحلات صعود جبل موسي منذ خمسة عشر عاما وأن طريق الصعود والهبوط والمسمي بطريق الجمال هو عبارة عن مدقات صخرية وسلالم من الحجارة تفتقد لأدني معايير الأمان خاصة وأن الرحلة تستغرق من8 الي10 ساعات صعودا وهبوطا في الوقت الذي لا يتوافر فيه أية وسائل اتصال لاسلكية في حالة حدوث أية حالة طارئة مثل انزلاق أحد السائحين أو إصابته بوعكة صحية, وأن الوسيلة الوحيدة للنقل هي الجمال والحمير!! ويقول هشام كامل مدير العلاقات العامة بمدينة سانت كاترين إن المدينة تقع علي هضبة ترتفع1600 متر فوق سطح البحر, وتحيط بها مجموعة جبال هي الأعلي في مصر, وأعلاها قمة جبل كاترين وجبل موسي وجبل الصفصافة وغيرها, وأن هذا الارتفاع جعل لها مناخا متميزا أيضا, فهو معتدل في الصيف شديد البرودة في الشتاء, مما يعطي لها جمالا خاصة عندما تكسو الثلوج قمم الجبال, تقع سانت كاترين علي بعد150 كيلو مترا جنوب أبورديس وحوالي65 كيلو مترا شرق نويبع فهي تتوسط جنوبسيناء, ويعمل معظم السكان بالسياحة وبعضهم بالرعي, والبعض الآخر بالزراعة. وقال إن المدينة تبلغ مساحتها5200 كيلو متر مربع ونحو85% مساحتها محمية طبيعية منذ عام1996 وهي محمية فريدة تضم مكونات ذات تراث حضاري وديني وطبيعي فريد من نوعه يتمثل في دير سانت كاترين بمحتوياته المعمارية وكنوزه الفنية والأثرية, والجبال المقدسة حولها ذات الأهمية الدينية, فضلا عن بعض الاثار الدينية الأخري مثل قبر النبي صالح وقبر النبي هارون, وطالب كامل بتكثيف الوجود الأمني علي الطرق المؤدية للمدينة للمساهمة في عودة السياحة مرة أخري اليها حيث تشهد المنطقة انخفاضا غير مسبوق في حركة السياحة رغم توفير الإمكانات اللازمة للسائحين من طرق ممهدة ووسائل ترفيهية وبرامج لزيارة المناطق الأثرية والدينية المختلفة, وعلي رأسها دير سانت كاترين.