مشكلة محو الأمية في مصر.. حلها في استغلال الظهير الصحراوي, واستمرارها سببه عدم اهتمام السياسيين والكذب في البيانات المتعلقة بها, ورغبة النظام السابق في أن نظل أمة جاهلة, لأن قيادة الأمة المتعلمة أصعب من قيادة الجاهلة. هذه بعض من آراء د. مصطفي رجب رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار الذي تولي منصبه منذ أقل من أربعة أشهر والذي أعلن عن آرائه مرارا وتكرارا علي مدي السنوات الماضية عندما كان يشغل منصب عميد كلية التربية بجامعة سوهاج وكان آخرها مانشر بجريدة الأهرام تحت عنوان المسكوت عنه في بحوث محو الأمية والفريضة الغائبة في قضية محو الأمية وكان يعيبها عدم تبني القيادة السياسية لهذه القضية.. أي أنه يعارض حتي عندما كانت المعارضة مخاطرة لذا كان لابد من التعرف علي رؤيته في كيفية انهاء مشكلة الأمية التي نجحت كثير من الدول في التخلص منها ومع ذلك لم تنجح مصر حتي الآن, رغم أنها سبقت هذه الدول في الاهتمام بالتعليم بشكل عام وبانشاء هيئة خاصة لمحو الأمية منذ22 سنة ومازال تصنيفها بين أكثر من9 دول في عدد الأميين في قارتي آسيا وافريقا, وفقا لتقارير منظمة الأممالمتحدة للثقافة والعلوم اليونسكو فبدأ كلامه موضحا أن الاهتمام بمحو الأمية في مصر بدأ منذ عام,1866 أي منذ عهد الخديوي إسماعيل وأسندت مهامها الي وزارة المعارف واستمرت الجهود الي أن صدر القانون رقم8 لسنة1991 المنظم لمحو الأمية والذي ينص علي انشاء الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار لتصبح بموجب هذا القانون هي الجهة الوحيدة المسئولة رسميا عن محو الأمية وتعليم الكبار وتكون برئاسة رئيس الوزراء وعضوية الوزارات المعنية, غير أن الهيئة بهذا التشكيل لم تجتمع علي مدي عشرين عاما إلا مرتين تقريبا, مما يعكس عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بها, ولكن للأسف علي مدي السنوات الماضية لم تحقق أي تقدم ملموس في هذا المجال رغم كل مابذل من جهود, ويرجع ذلك لعدة أسباب- والكلام مازال علي لسان د. مصطفي رجب- يأتي في مقدمتها تردي الأوضاع التعليمية في مرحلة التعليم الأساسي. مما يدفع بأعداد كبيرة الي الانضمام الي صفوف الأمين, وكذلك الشكلانية في عمل محو الأمية, أي الاهتمام بإعلان أرقام غير حقيقية إرضاء للنظام لإعلانها في المناسبات تجميلا للصورة دون ان تعكس الأرقام الواقع الحقيقي, فالنظام البائد كان يعتبر الكذب والغش والخداع ضرورةمن ضرورات الحياة اليومية, وأي فحص لأي أرقام أعلنت عن انجازات في أي مجال سيصل بنا الي العديد من التناقضات. يضيف: اذا كنا من بين الدول التسع الأكثر أمية يجب أن نعرف أننا أفقر دولة من حيث المخصصات لمحو الأمية, فالهند مثلا تخصص مليار دولار لهذه القضية, أما نحن فنخصص لها150 مليون دولار ينفق أغلبها علي المرتبات فلا يصل ماينفق علي العملية التعليمية إلا إلي رقم هزيل, لذا أسعي لزيادة المخصص لهذه القضية وانفاقه علي العملية التعليمية ورفع سن الفئة العمرية المستهدفة, فالهيئة منوط بها العمل علي محو أمية الفئة العمرية من15 وحتي35 سنة, غير أنني طلبت أن يمتد الاهتمام الي الأميين حتي60 عاما, لأنهم يمثلون الآباء والأمهات المسئولين عن تربية الأبناء ليصبحوا داعمين لجهود تعليم أبنائهم بدلا من أن يكونوا معوقين, فالآباء المتعلمون لايمكن أن يخرجوا أبناء أميين, كما أنهم بتعلمهم سيصبحون أكثر وعيا ويربون أبناءهم بعيدا عن العنف والتطرف. ويعود رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة لتوضيح أحد أهم أسباب التراجع في أنشطة الهيئة وهو إهمال التدريب المهني الذي كان يعد من أهم الأنشطة ببرامج محو الأمية ليؤكد: سنعيد هذه البرامج, ولكن بما يتلاءم مع احتياجات العصر ويتناسب مع موارد كل مجتمع وثرواته البيئية, فمثلا السوق يحتاج الي صيانة الأجهزة الالكترونية وأجهزة الاتصالات والمناطق السكنية الجديدة تحتاج الي أعمال سباكة ونجارة وكهرباء, والمناطق الصحراوية التي تنتشر فيها زراعة التمور تحتاج الي متخصصين في التجفيف والتصنيع والتغليف.. وهكذا يمكن تدريب المنتظمين بفصول محو الأمية علي هذه الأعمال. وللوصول الي الأميين وإدراجهم بهذه البرامج ومساعدتهم علي التعلم والعمل نسعي لاعداد قاعدة بيانات صادقة وواقعية بالأميين علي مستوي الجمهورية بمساعدة الجهات المختصة, وتنفيذ خطة لمحو الأمية يتوافر فيها عنصران مهمان, هما وجود حافز حكومي للدارسين علي أن تكون هذه الحوافز مهمة وحقيقية, وليست هزلية أو وهمية مثل ترشيح من تحرروا من الأمية لشغل الوظائف والأعمال التي تتناسب مع قدراتهم في الوزارات والهيئات الحكومية والشركات الخاصة مثل شركات الاتصالات, ومن الحلول المهمة جدا كما يؤكد د. مصطفي رجب استغلال الظهير الصحراوي, وذلك بمنح المتحرر من الأمية خمسة أفدنة في المناطق الصحراوية. فحفر خمسة آبار ورصف طريقين متقاطعين بطول مائة كيلو متر في مربع مساحته ألف فدان من شأنه إقامة مجتمع عمراني جديد, صحيح التكلفة مرتفعة, حيث يتكلف حفر البئر150 ألف جنيه تقريبا. وهذا هو سبب عزوف الناس عن الاتجاه للصحراء ورصف كيلو متر يتكلف مائة ألف جنيه إلا أن الفائدة ستعم علي الجميع, حيث سنحل مشكلة الأمية والبطالة والسكن والمواصلات وغيرها مثل الزحام, واذا أخذنا مثالا شبه جزيرة سيناء التي تمثل حوالي ثلث مساحة مصر فيمكن بهذه الطريقة تعميرها خلال عامين فقط. وللعلم يمثل توزيع الأراضي حافزا أكثر قبولا من الوظائف الحكومية, ونجاح تجربة الواحات أيام الرئيس جمال عبد الناصر خير دليل علي ذلك. كانت هذه هي الوصفة السحرية التي قدمها المسئول الجديد عن الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار.. فهل من معين حتي يحقق حلم محو الأمية وأن يكون هو آخر رئيس للهيئة مثلما كان يحلم من سبقوه؟