العيش هو أول المطالب الثلاثة التي إندلعت من أجلها ثورة25 يناير.. عيش حرية عدالة اجتماعية.. سواء كان يعني المعيشة الآدمية للمواطن أم يعني حصوله علي لقمة العيش فكلاهما بالنسبة له معناه الحياة.. والعيش أو رغيف الخبز تعاقبت عليه الحكومات والملوك والرؤساء, وحتي أيام الاحتلال كان دائما يمثل خطأ أحمر, يدرك أولو الأمر خطورة الاقتراب منه أو المساس به باعتباره الملك المتوج علي مائدة محدودي أو معدومي الدخل, وربما كان هو القاسم المشترك الوحيد الذي يجمع بينهم وبين الأثرياء مع اختلاف سعره لدي كليهما, ومؤخر10 أرغفة يوميا تكفي العامل بالكاد ا ظ إلا الخبز هر اتجاه إلي حصول المواطن علي ثلاثة أو انجي البطريق خمسة أرغفة فقط مدعمة, كما تصاعدت المشاحنات بين أصحاب المخابز ووزارة التموين, حيث هددوا بالتوقف عن العمل, ولا شك ان كلا الاتجاهين له انعكاساته السلبية بل والشديدة الخطورة علي المواطن البسيط, الذي لن يكون الجاتوه أو عيش السرايا بدائل له ولأسرته عن كسرة الخبز فهو يملك ترف النظر إليهما فقط في المحلات, ولكنه يعود ليأخذ دوره في طابور العيش ولسان حاله يصرخ قائلا: إلا الخبز.. عض قلبي ولا تعض رغيفي هذا هو المثل الأقرب لحياة الفقير و الذي يتعلمه ويحرص عليه والذي تحاول الدولة وبشكل قاس النيل من قوته برغيف الخبز المزمع فرض ثلاثة أو خمسة منه فقط لكل مواطن ورغم أن المواطنين قد يفرض عليهم البحث عن أقواتهم عدم الاعتراض علي اي من قرارات الحكومة إلا أن الوضع مختلف هذه المرة فالنيل من رغيف الخبز هو نيل منهم يصفه الفقير بأنه نهش من لحوم البسطاء.... اعلم أن التشبيه قاس ولكن هذا هو ما يشعر به الفقير في وقت لم يبق له أساس في غذائه بعد ارتفاع أسعار كافة السلع الغذائية سوي رغيف الخبز القادر علي سد جوعه ولو استغني أمامه عن كل شئ ولكل هذا قررت أن اخذ الحدث من مصدره فأمام احد المخابز البلدية والتي تبيع الخبز المدعم وجدت ذات الزحام الذي رأيته قبل أكذوبة فصل الإنتاج عن التوزيع فالمشهد مستمر من الزحام والانتظار في طابور طويل من اجل لقمة العيش التي يريدون ان يحرموه منها هي الاخري وهذا المشهد يفرض تساؤلا مهما لهذا المسئول الذي لا يجد أمامه سوي رغيف الخبز لضبط ميزانية الدولة بالاستغناء عن دعمه بحجة انه لا يصل لمستحقيه... وهو أي قوة هذه تفرض علي شخص أن يقف طيلة ساعات النهار ربما تصل الي ثلاث ساعات علي اقل تقدير في طابور الخبز إذا كان قادرا عن الاستغناء عنه ؟.... لم اطرح هذا السؤال بنفسي بل طرحه احمد صلاح الطالب بكلية الهندسة الذي اضطرته ظروف مرض والدته ان يقوم بمهمتها اليوم ويترك محاضرة مهمة ولكنه برر ما فعل بأنهم ستة أخوة مع أبوين ينتظرون الخبز في كل وجبة لدينا لنوفر ما ننفقه علي رفاهية الطعام من اجل مصاريف التعليم لتقاطعني حسنية سالم ربة منزل مؤكدة أنها تحصل علي خبز بمقدار خمسة جنيهات من مخبزين مختلفين فهي مضطرة للوقوف في هذا الطابور الذي لم يتغير بعد البونات وكل ما زاد هو دفع مبلغ شهريا للجمعية مقابل هذه البونات وتعود لتشرح احتياجاتها من الخبز مؤكدة إنها تكتفي به مع قطعة جبن قريش و بعض وحدات الفلافل ليكتمل باقي طعام أسرتها التسعة خبزا فزوجها الذي يعمل شيالا فلا يكفيه10 أرغفة في اليوم الواحد خاصة إذا لم يكن لدينا أرز أو مكرونة فكلاهما غالي ولا يسد جوع الكبار أما الصغار فطيلة اليوم يجدونه وسيلة جيدة لسد جوعهم سواء كان خاليا أو مع بعض الدقة آو السكر إذا توافر لدينا أنهيت حديثي معها وأنا لم أكن اعلم أن الخبز يؤكل مع السكر بل وهذا يعد نوعا من الرفاهية فهل يعلم من يريد إلغاء حق هؤلاء في الحصول علي الخبز مدي أهميته لهم ولكني أكاد اجزم انه لا يري هذا الخبز علي مائدته آو يأكله أصلا فلديه علي مائدته مخبوزات متعددة بخلاف الأرز آو المكرونة آو حتي البطاطس آو غيرها من النشويات المعوضة والتي تعد زائرا عزيزا علي موائد الفقراء و ربما لا يزورها أصلا أما علاء السيد وهو عامل في احد المصانع فيؤكد انه يقف علي قدميه طيلة12 ساعة يوميا يأكل مرة قبلها وأخري بعدها وثالثة بينهما لأنه يعمل في نقل المنتج إلي المخازن وهذا كفيل أن يحرق اي كمية يتناولها من الطعام ولان مرتبه الذي لا يتجاوز700 جنيه لا يحتمل أن يشتري منه طعام في العمل لذلك يأخذ ما يكفيه من الخبز مع أي شئ آخر حتي لو كان هذا الشئ ملح فهو لن يفرق ونأكل ونحمد الله لذلك فانا لن يكفيني3 أرغفة في' طقه' واحدة فقد احتاج لضعف هذا العدد علي الأقل حتي أسد جوعي واستطيع استكمال يومي وأطالب الحكومة بأمر غاية في البساطة والخطورة معا قائلا( إذا كان أمثالنا لا يطالبون الحكومة بشيء إلا أننا نتوسل إليها ألا تأخذ منا رغيف الخبز لأنه بالنسبة لنا كل شئ)... كم شقت تلك الكلمات صدري فأي مسئول هذا يستكثر عل الفقير لقمة العيش والي أي حد وصلنا إلي وضع يستجدي فيه المواطن لقمة العيش من حكومة بلاده الى هذا الحد ضاعت الحقوق ؟! أما علية طلب ربة منزل تقول إن3 أرغفة لكل مواطن كارثة لأنه كيف سنملأ بطوننا إذا كان كل نصيبنا رغيف في الوجبة الواحدة وتستنكر قائلة! أن هذه الكمية لن تكفي الصغار ساندويتشات في المدرسة صباحا فنحن نحضره في الصباح الباكر طازجا لعمل ما يكفي لحاجة الصغير في اليوم الدراسي وهما رغيفان علي الأقل فنحن لا نملك أن نشتري خبزا للساندويتشات من الفينو ب5 جنيها يوميا لإعداد طعام الصغار آو نحضر مثلهم في العشاء فلا تستطيع ميزانية منزلنا المحدودة الوفاء بما يعوض نقص رغيف الخبز علي موائدنا كما أننا لا نستطيع شراء رغيف ينتهي في قضمتين ب50 قرشا لانه لن يكفي آسرتنا منه ب20 جنيها في اليوم! الغريب أن كل هؤلاء لم يتحدثوا عن الزحام لان مجرد وجود رغيف الخبز_ حتي لو حصلوا عليه بصعوبة_يمنحهم شعورا بالأمان فهل تريد الحكومة أن تسلبهم هذا الإحساس ؟وهل تعتقد أن ثورة الجياع لن يكون رغيف الخبز هو شرارتها الأولي ؟.. نرجو أن يستيقظ الجميع قبل أن نبكي علي اللبن المسكوب..