اكتفي ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بالرقص علي السلم فخرج خالي الوفاض من زيارته للهند. فقد سلك نهج الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند. حين اعتبر ممارسات الاحتلال الفرنسي في الجزائر مؤسفة دون تقديم اعتذار رسمي. وكاميرون أيضا اكتفي باعتبار مذبحة أمريتسار قبل94 عاما عملا مشينا رافضا تخطي عتبة الاعتذار الرسمي مدعيا أنها وقعت قبل ولادته بأربعين عاما وأن وزير الحرب حينذاك وينستون تشرشل أدانها علنا. المسألة ليست أن الاعتذار أمر غير مسبوق. فقد اعتذر بيل كلينتون عن نظام العبودية, وبابا الفاتيكان عن الحروب الصليبية, ودي كليرك عن التمييز العنصري في جنوب أفريقيا, واليابان عن فظائع الاحتلال العسكري لدول آسيوية, واستراليا خصصت يوما للاعتذار الرسمي عن تعذيب سكان البلاد الأصليين. ولكن الاعتذار يكون صعبا حين يترتب عليه التكفير عن الذنب بدفع التعويضات كما فعلت ألمانيا في تعاملها مع ضحايا الهولوكست, وكذلك حين يفجر نقاشا علنيا حول قمعية الحكم الاستعماري لشعوب خضعت له, والاعتراف بأنها آفة غائرة في كل احتلال يفرض إرادته بالقوة علي شعب يرفضه وهو ما يتعرض له الفيلم الوثائقي الإسرائيلي حراس الأبواب عن ممارسات الشين بيت ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. كان من الممكن علي كاميرون أن يختصر الطريق ويعتذر عن أخطاء صوت تأييدا لها مثل مشاركة بريطانيا أمريكا في حربها علي العراق دون مبررات مشروعة, ولكن نهجه اتسم بالازدواجية منذ البداية. فقد تحدث عن فتح الأبواب أمام الطلبة الهنود للدراسة في الجامعات البريطانية في الوقت نفسه كان قادته الحزبيون يبثون الذعر من المهاجرين القادمين من أوروبا الشرقية والبرازيل والصين. و تحمس لإزالة القيود المعوقة للاستثمارت البريطانية في الهند في وقت تثار فيه مسألة الرشوة في صفقة تسلح بريطانية إيطالية مشتركة. زيارته للهند لم تكن موفقة لأن بلاده لا تريد أن تتصارح حول ماضيها الاستعماري ومرارته لاتزال عالقة في الوجدان الهندي. فالجراح لم تندمل بعد.