طهران المدينة التي يسكنها14 مليون نسمة في حاجة لخطة استراتيجية تخلصها من موجات التلوث العنيف الذي يلاحقها, هذا هو الرأي الذي يتردد دائما بين الحين والآخر كلما ضربت العاصمة موجة من موجات التلوث الذي يحول حياة ملايين السكان إلي جحيم ويضطرهم للبقاء في منازلهم تجنبا للمتاعب الصحية التي تنتظرهم بسبب السحابة الملوثة. خطة استراتيجية كانت العاصمة وتسع مدن إيرانية أخري قد شهدت مؤخرا واحدة من أسوأ موجات التلوث, غطت خلالها سماء المدينة سحابة بنية كثيفة هرع علي أثرها المئات للمستشفيات التي امتلأت طرقاتها بالاطفال والنساء وكبار السن طلبا للعلاج, ودفعت من اضطرتهم الظروف للخروج إلي ارتداء الأقنعة الطبية الواقية التي غطت نصف وجههم ولكنها لم تحم اعينهم التي التهبت بسبب الهواء المشبع بذرات الرصاص وثاني أكسيد الكبريت. ويشير خبراء البيئة إلي أن الموقع الجغرافي للعاصمة يلعب دورا سلبيا في تعرضها للتلوث, حيث تحيط بها الجبال فتحد من سهولة تدفق الرياح التي يمكن أن تزيح الملوثات, فضلا عن وقوع العديد من مصانع الأسمنت علي أطرافها, وازدحام شوارعها بملايين السيارات, وكلها عوامل ساعدت علي جعلها مدينة مشهورة بالتلوث ورفع من نسبة المصابين بأمراض القلب والجهاز التنفسي. وطبقا للأرقام الرسمية فإن طهران لا تتمتع سوي بمائة يوم من الهواء النقي سنويا, وهو ما دفع الحكومة لفرض نظام للمرور يحدد أياما للسيارات ذات الأرقام الفردية وأياما أخري للسيارات ذات الأرقام الزوجية بهدف الحد من انبعاثات العوادم, وأن كان البعض يري أنها اجراءات علي المدي القصير لن تحقق النتائج المرجوة ولن تغني عن وضع خطة استراتيجية بعيدة المدي. أنا نسرين دائما ما تحظي السينما الإيرانية بتقدير واضح من قبل الفنانين والنقاد بالغرب, سواء كانت الأعمال الفنية مقدمة من سينمائيين يعيشون بالداخل أو بالخارج, ومؤخرا دخلت احدي المخرجات الإيرانيات الشابات سباق جوائز البافتا البريطانية التي تعد معادلا لجوائز الأوسكار الأمريكية. وكانت تينا جرافي التي هاجرت مع عائلتها للخارج عقب الثورة الإيرانية مباشرة وعاشت بين الولاياتالمتحدة ونيوزيلندا وبريطانيا, قد تلقت خبر ترشيح فيلمها أنا نسرين بسعادة بالغة مؤكدة أنها حتي لو لم يفز فيلمها بأي جائزة فمجرد دخوله قائمة الترشيحات يعد مفاجأة سارة لم تكن تتوقعها. يذكر أن تينا التي كتبت وأخرجت وشاركت في إنتاج الفيلم الذي لم تتعد تكلفته250 ألف جنيه استرليني قد صورت المشاهد الاولي بشكل غير قانوني حيث لم تحصل علي تصريح من السلطات ثم هربتها خارج إيران, ومن ثم لم تستطع توجيه الشكر لكل من تعاون معها من الداخل خوفا من تعرضهم لمضايقات بسبب ما قد تراه السلطات رؤية سلبية للمجتمع الإيراني. وكانت تينا قد استوحت فكرة الفيلم من معايشة قصص العديد من اللاجئين الإيرانيين في الخارج, وهو من وجهة نظرها رسالة حب لبلدها, لأن المحب يستطيع توجيه بعض النقد, مؤكدة أنه رغم روعة بعض الأماكن والأشخاص فهناك سلبيات لابد من مواجهتها.