المناطق الصناعية بالمحافظات قد تبدو وهما في بعضها وقد تنشط في البعض الآخر إلا أن ما يجمع بينها هو عدم اكتراث السلطة المركزية بمشكلاتها علي الرغم مما يمكن أن توفره من فرص عمل واعدة وما يمكن أن تحققه في الناتج الإجمالي للدولة. وعلي الرغم من وجود الأراضي المخصصة لهذا الغرض في المحافظات كافة ومن وجود رأس المال المحلي المتحفز للاستثمار في هذه الأراضي إلا أنها تصطدم عادة بمعوقات البيروقراطية تارة وسوء التخطيط تارة أخري إضافة إلي ممارسات العمالة التي رأت في فوضي الشهور الأخيرة أرضا خصبة للهرج والمرج. الخسائر أصبحت تطارد المستثمر المحلي والتردد أصبح سمة المستثمر الأجنبي والدولة استسلمت لموقف المتفرج والمواطن في النهاية يدفع الثمن كما أن معاناة الاقتصاد ككل تتفاقم يوما بعد يوم دون إجراءات حقيقية تنهض بهذا القطاع الذي كان يجب أن تمتد إليه يد الإنقاذ. مراسلو الأهرام في المحافظات رصدوا الوضع علي الطبيعة في تلك المناطق وسجلوا من خلال ملاحظاتهم وآراء القائمين علي أمر هذه التجمعات المشكلات والمعوقات التي لا حصر لها ولا تتطلب أكثر من وضعها علي خريطة الاهتمام مع بداية عصر جديد تعيشه مصر.. علي الرغم من وجود روافد اقتصادية ضخمة في محافظة بني سويف والتي تتمثل في وجود8 مناطق صناعية متنوعة, بالاضافة إلي توافر شبكة طرق رئيسية عملاقة وموقع متميز يربط محافظة بني سويف بالمحافظات المجاورة إلي جانب قربها من القاهرة إلا أنه وبسبب وجود معوقات تختلف نسبيا بين هذه المناطق بحسب موقع وظروف كل منطقة علي حدة فقد أثر ذلك في دفع الاستثمار علي أرض المحافظة ويهدد حلم وآمال الشعب السويفي في تحقيق النهضة الاقتصادية وزيادة معدلات التنمية, وحجز مكانة متقدمة علي خريطة الاستثمار في مصر. وتتنوع مناطق محافظة بني سويف الصناعية بين الصناعات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة, وتأتي منطقتا بياض العرب وكوم أبوراضي كأبرز وأكبر هذه المناطق علي الإطلاق المنطقة الصناعية.. الأولي بياض العرب والتي تبعد110 كم من القاهرة و2 كم شمال مدينة بني سويفالجديدة وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم207 لسنة1997 م بتخصيص مساحة750 فدانا لإنشائها وتم تخطيطها علي أحدث النظم بواسطة هيئة التخطيط العمراني وتم تقسيمها إلي8 قطاعات صناعية لخدمة مختلف أنواع الصناعات( معدنية غذائية كيماوية نسيجية ورقية خشبية) علاوة علي إنشاء شبكة من الطرق لتيسير ربط قطاعاتها بالطرق الرئيسية ويوجد بها65 مشروعا منتجا و79 مشروعا تحت الإنشاء و55 مشروعا في مرحلة التخصيص ويتولي صندوق دعم وترفيق المناطق الصناعية التابع لهيئة التنمية الصناعية تدبير الاعتمادات المالية لأعمال البنية الأساسية إلا أنها تواجه بعض المعوقات وبخاصة محطة مياه العلالمة سعة240 لتر/ثانية المغذية للمنطقة حيث لا تعمل بكامل طاقتها ومتكررة الأعطال هذا بالإضافة إلي تسرب المياه من محطة المعالجة للصرف الصحي الموجودة بمدينة بني سويفالجديدة والتي أغرقت8 مصانع وأثرت علي استثماراتها التي بلغت100 مليون جنيه. وتبعد محطة الصرف عن تلك المصانع حوالي4 كيلو مترات والتي تستقبل مياه الصرف الصحي من المصانع والمناطق المجاورة وتقوم بصرفها في المنطقة الجبلية المحيطة بها ولأن محطة الصرف في مستوي أعلي عن تلك المصانع, فإن مياه الصرف تعود مرة أخري من المنطقة الجبلية إلي المصانع مما تسبب في غرق تلك المصانع بمياه الصرف وتآكل منشآت تلك المصانع وتعرضها لخطر جسيم, أضف إلي ذلك المعدات وأوناش الرفع الموجودة في المصانع. أما المنطقة الصناعية العملاقة الثانية والتي لا تقل أهمية عن بياض العرب فهي منطقة كوم أبوراضي تلك المنطقة الواعدة في الاستثمار والتي تقع بمركز الواسطي جنوب هرم ميدوم وشمال ورش سكك حديد كوم أبوراضي وقريبة من التجمعات السكنية لقري مركز ومدينة الواسطي وناصر بمحافظة بني سويف وكذلك مركز العياط والمراكز الشرقية لمحافظة الفيوم تبلغ مساحتها650 فدانا مخطط توسعاتها إلي799 فدانا وتتميز بموقع فريد حيث تتوسط3 محافظات(6 أكتوبر الفيومبني سويف) مما يؤهلها لجذب المستثمرين من هذه المحافظات هذا إلي جانب قربها من محافظة القاهرة في أقصي شمال محافظة بني سويف وعلي حدود محافظة الجيزة كونها الامتداد الطبيعي للمنطقة الصناعية ب6 أكتوبر حيث تبعد عنهامسافة7 كيلو مترات فقط من خلال التقسيم الإداري الجديد ويمر بالقرب منها خط سكك حديد الواسطي الفيوم والمربوط بخطوط سكك حديد القاهرة. كما تم إنشاء كوبري فوق النيل بمدينة الواسطي لا يبعد عنها سوي1 كم يربط غرب النيل بشرقه وبالتالي فتح طريق للوصول إلي المواني التصديرية علي البحر الأحر مما يخدم المنطقة الصناعية ويربطها بهذه المواني كمنفذ للتصدير وربط طريق القاهرةأسيوط الصحراوي الغربي بطريق القاهرةأسوان الزراعي بالطريق الصحراوي الشرقي. تؤكد السيدة لمياء جلال مدير مكتب الاستثمار بالمحافظة أن المشكلة الحالية التي تواجه الاستثمار بالمحافظة هي تمويل البنية الأساسية لترفيق المناطق الصناعية فصندوق دعم تطوير وانشاء المناطق الصناعية التابع لهيئة التنمية الصناعية بوزارة الصناعة كان يقوم بتوفير الدعم والانفاق علي أعمال البنية الاساسية في بياض العرب وكوم ابوراضي والمنطقة الصناعية13/2 ولكن بعد الثورة لم يصلنا حتي الآن أي تمويل من صندوق الدعم, وعلي الرغم من وجود مستخلصات لدينا تم الانتهاء منها لا توجد سيولة لتسديدها وقمنا بمخاطبة هيئة التنمية الصناعية ورفعنا الأمر لوزير المالية, مطالبين بإرسال التمويل لمستخلصات تمت بمبلغ53 مليون جنيه وننتظر الرد. وعن تأثير ذلك علي الاستثمار في بني سويف قالت مدير مكتب الاستثمار بالمحافظة إن ذلك بالطبع سيؤثر علي الاستثمار في المرحلة المقبلة لعدم اكتمال أعمال البنية الأساسية, وبدء توقف المقاولين عن العمل خاصة في منطقة كوم أبوراضي الصناعية فبعد ترفيق مساحة165 فدانا تم حجزها بالكامل طالبنا ترفيق مرحلة ثانية بمساحة100 فدان أخري ولا يوجد تمويل لذلك, مما أثر علي الاستثمار, فبعدما كنا نعد المستثمر بخطة زمنية لاستلام أرضه لا توجد خطة زمنية نعده بها مما يضطر مكتب الاستثمار إلي عدم قبول المشروعات الأخري, لأن المستثمر يحصل علي الموافقة علي إقامة مشروعه خلال عام بعد استكمال أوراقه وبعد الرجوع إلينا لا نستطيع تخصيص الأرض له بسبب عدم ترفيقها. أما المستثمرون أنفسهم فلديهم مشاكل ومعوقات مختلفة, يقول عيد مبارك رئيس جمعية مستثمري بياض العرب إن المشكلة الحقيقية التي تواجهنا حاليا ان أغلب المصانع لا تصلها المادة الخام بسبب رفض الشركات الحكومية التعامل مع المصانع بغير سبب ولما تقدمنا بالشكاوي لم يرد علينا أحد. أيضا من أحد أهم المشاكل التي تواجه المستثمرين في بني سويف عزوف أبناء المحافظة من الشباب عن العمل في المصانع بسبب ضعف الأجر من وجهة نظر الشباب أنفسهم وصعوبة المواصلات. وهذه المعوقات المختلفة التي تحدث عنها المسئولون والمستثمرون في بني سويف لا شك أنها تهدد مسيرة ومستقبل الاستثمار علي أرض محافظة بني سويف, والتي مازالت تحبو لتحقيق الطفرة والانتعاشة الاقتصادية التي يحلم بها أبناء المحافظة.