لو أننا كنا رفاق أليس فى بلاد العجائب .. وشاهدنا معها ما يشيب له الولدان فى فيلمها العجيب والغريب .. أو ذهبنا فى صحبة إسماعيل يس فى مستشفي المجانين فى فيلمه المثير للدهشة والعجب. أو حتي لو صاحبنا أمنا الغولة في رحلتها التي يخوفون بها الأطفال في الليل لكي يناموا.. إلي سكة الندامة.. ما شاهدنا أبدا ما يحدث في حياتنا الآن من عجائب الحكايات وغرائب الجرائم.. التي أصابها وأصابنا معها مس من الجنون.. والتي أصبحت زادنا اليومي.. نصحو عليها ونمسي.. بعد أن تحولت إلي إلغاز ولوغاريتمات يحار فيها العقل.. ويتوه الوجدان.. وإذا لم تصدقوني.. فما هو تفسيركم دام فضلكم لهذه الأحاجي: * ابن لم يتعد العشرين من عمره طالب في كلية الحقوق.. حاول والده أن يوقظه من النوم لكي يذاكر محاضراته في الجامعة, فقام من النوم غاضبا.. ليه وليه أبوه بيصحيه من عز النوم.. وراح علي المطبخ وأحضر سكينا كبيرا وذبح والده.. أي والله ذبح والده.. ثم عاد إلي نومه من جديد وكأن شيئا لم يحدث!! * وهذا الابن العاق الذي أراد ألا يطلع عيل أمام صديقه... فسرق ثلاثمائة جنيه من دولاب والدته.. كانت تحتفظ بها لمصاريف علاجها.. ولما ضبطته قتلها بسكين.. وذهب إلي صاحبه وأعطاه المبلغ كما وعده.. حتي لا يطلع عيل أمامه!! وضعوا هنا ما تشاءون من علامات التعجب!! * وهذه الأم التي تركت بيت الزوجية وهربت مع عشيقها.. ثم تركت عشيقها يضرب ابنتها الصغيرة التي لم تتعد السنوات السبع حتي الموت.. ثم شاركته في دفنها في حفرة حفراها في أرض حديقة فيلا مهجورة في العجمي.. ثم أرسلت بكل بجاحة إلي اللواء عدلي فايد مساعد وزير الداخلية للأمن العام وحارس الأمن في كل بر مصر.. تطلب منه البحث عن ابنتها الضائعة.. ولم تنس أن تتهم زوجها باختطافها من أمام مدرستها.. شوف إزاي؟! ولكن يقظة رجال عدلي فايد كشفت المستور والمستخبي!! * وهذا الأب الذي تجرد من كل معاني الرحمة والأبوة وظل يضرب ابنه الوحيد الذي لم يتعد الحادية عشرة من عمره بعصا خشبية لكي يعترف بسرقة أربعمائة جنيه من عمه والولد لم يسرقها.. ولم يرحم صرخاته وتوسلاته حتي سقط جثة هامدة أمام عينيه وحاول أن يخفي جريمته بادعاء سقوط الولد المسكين من أعلي بناية تحت التشطيب ولكن شك الطبيب الشرعي واستيقاظ ضمير الأم.. كشفا المستور والمستخبي! مازلنا مع مشاهد الرعب في فيلم السقوط الخلقي المصري.. * وهذا المشهد العجيب.. سوف تتصورون لأول وهلة أنه مأخوذ بالحرف من سلسلة أفلام الكلب الأمريكي لاسي التي اشتهرت بها هوليوود منذ زمن يزيد علي أكثر من نصف قرن.. وكنا ونحن نجلس صغارا أنا وأخي صلاح في صالة سينما نادية في شبين الكوم.. زمان.. نصفق ونضرب بأقدامنا علي الأرض والكلب البطل ينقذ طفلة من الغرق في شلالات نياجرا. هذا المشهد العجيب أيها السادة قد حدث بالفعل ليس في شلالات نياجرا علي الجانب الأمريكي ولكن في شارع الشعراوي في حي بهتيم في شبرا الخيمة. ولنترك للزميل أيمن فاروق والمصور خالد عبدالوهاب الصحفيين في مجلة أخبار الحوادث التي يرأس تحريرها الزميل المبدع محمود صلاح يحكيان لنا ما جري: { المشهد الأول: دارت أحداثه في وقت متأخر من الليل وبالتحديد الثالثة فجرا. المكان بشارع الشعراوي حي بهتيم التابع لشبرا الخيمة ثان.. حيث السكون والهدوء يلفان المنطقة.. وتكاد تنعدم حركة الناس بالشارع.. تظهر فتاة غريبة لا أحد يعرفها تحمل طفلة علي يديها ملفوفة بقطعة قماش بيضاء وكما ظهرت بسرعة اختفت أيضا في لمح البصر عن الأنظار. وبعدها تتضح المفاجأة والمأساة التي يحكيها جميع من يقطنون بالمنطقة. { المشهد الثاني: علي أحد المقاهي بشبرا الخيمة يجلس مجموعة من الشباب يتبادلون الحديث فيما بينهم.. لفت انتباههم فجأة ما يخرج من صندوق القمامة دخان ثم اندلعت النيران بعدها حتي هذه بدت الأمور طبيعية دون أن يعيروا الأمر اهتماما. علي الجانب الآخر ووسط الدخان الكثيف بصندوق القمامة كان هناك طفل يصرخ.. يبكي بحرقة وكأن لسان حاله ينادي بني البشر لإنقاذه.. لكن لأنه ابن يوم فصوته ليس بالقوة التي يسمعه أحد.. يظهر كلب يجري بسرعة يقفز وسط الدخان والنيران دون أن يهتم أحد فالجميع اعتقد أنه يبحث عن طعام من فضلات البشر ليلتهمها.. ظل الكلب يعبث ويزيح الزبالة بقدميه وكأنه يبحث عن شيء يقصده.. وأخيرا أخرج الكلب الطفلة الصغيرة من وسط أكوام القمامة.. وضعها برفق بين فكيه وانطلق بها بعيدا عن الدخان والنيران. وتوالت الأحداث المثيرة بعد ذلك. { المشهد الثالث: حمل الكلب الطفلة وظل يجري بها.. دون أن يلتفت إليه أحد.. سار الكلب الضال عدة خطوات حتي اتجه إلي المقهي ووقف أمام شابين والطفلة في فمه ثم وضعها علي الرصيف أمام باب المقهي وظل جالسا.. حتي انتبه إليه رواد المقهي أخذوا يضربون كفا بكف.. عيونهم لا تصدق ما يرونه أو كأن الطير علي رءوسهم. { المشهد الرابع: هب شاب يدعي أحمد من مكانه يتتبعه, اقترب من الطفلة ظنها قد ماتت.. لكن الروح لاتزال تدب في جسدها.. حملها من علي الأرض واحتضنها واكتشف أن بها إصابات بسيطة وزرقة واحمرارا في أجزاء من رقبتها! هي طفلة خرجت للدنيا قبل ساعات ومازال الحبل السري معلقا بها! ............ ............ هل تريدون مزيدا من أخبار الهم والغم والكرب العظيم؟ وهل يا تري لو كنا ذهبنا في رحلة إلي بلاد العجائب والغرائب مع أليس في فيلمها العجيب أو مع إسماعيل يس في مستشفي المجانين كنا سنصاب بالعجب العجاب الذي أصابنا بغصة في حلوقنا وكرب في قلوبنا وصدمة في وجداننا.. كما أصابنا ما يجري الآن في حياتنا من ألغاز وأحاج ولوغاريتمات أخلاقية مصرية صميمة؟ وما هو سر هذا الانحدار الخلقي وخطه البياني في تصاعد مستمر ولا أحد يعرف متي سيصل بنا؟.. وأي نهاية سوف نصطدم بها في حياتنا؟ كثيرون من الخبراء المتخصصين في كشف العيوب والثقوب أشاروا إلي الفقر وقالوا هو المحرض الأول. وغيرهم قالوا.. بل هو البيت المصري والأسرة المصرية التي تفككت وتشرذمت.. وغيرهم قالوا: بل هو غياب دور الأب القدوة ورب الدار أو تهميشه إذا وجد. وكثيرون قالوا: بل هو البعد عن الدين والإيمان والصلاة.. وكثيرون قالوا: بل هو غياب دور المدرسة والجامعة. وكثيرون ادعوا أنها العولمة وتيارها الجارف وموجة أفلام العنف والجنس الحرام وتعرية كل شيء: الأخلاق والأجساد والمحارم.. في الفن والغناء والموضة! وكثيرون اتهموا الفضائيات والدش وطوفانا لا يتوقف من الدعوة إلي التحرر حتي من كي.جي.تو! وأصوات تقول بل إنها العشوائيات وانتشارها كالسرطان في جسد القاهرة وعواصم المحافظات.. وسكني العشش ومساكن الإيواء العاجل.. وأزمة السكن المستحكمة والسكن كل عشرة في حجرة واحدة.. مع انتشار شوارع بلا فضيلة يري فيها جهارا نهارا التحرش الجنسي والاختطاف والاغتصاب علي ودنه كما قالها الممثل الشرير الظريف الذي لا يتكرر توفيق الدقن! وماذا يفعل الأمن وحده في شباب مدمن للمخدرات عاطل محروم من كل شيء.. حفنة من ذئاب السكك في لباس مدني تتحرك في كل مكان.. دون ضابط أو رابط.. وفتيات مثل المانيكانات خلعن كل شيء وأي شيء وكأننا علي شاطئ للعراة.. الحياء والخجل والخلق والدين.. بضاعة بشرية غضة.. ولحم طري ندي واللي ما يشتري يتفرج! ربما يفسر لنا ذلك ما جاء في ملحق الزمن الذي قدمته لنا الزميلة العزيزة آخر ساعة والذي أعده الزميل شحاتة سلامة من حكايات تدمي القلب وتوجع الوجدان من زمن المحارم.. استغفر الله.. ويكفي أن يتجرد جزار من كل عواطف الأبوة.. ويعاشر ابنته البالغة لمدة ست سنوات كاملة معاشرة الأزواج.. حتي كشفت الأم المستور وأبلغت الشرطة.. ولكن بعد ايه؟! وهذه الفتاة بنت محافظة كفر الشيخ التي حملت سفاحا من أخيها الأصغر.. وعندما أرادت أن تتخلص من طفل الخطيئة.. خنقته فور ولادته وألقت به في مياه الترعة! ورجل الأعمال الذي لم يراع حرمة ولا دينا ولا شرفا ولا شرعا.. وتزوج الابنة وأمها وخالتها في وقت واحد.. يا سلام سلم! ............. ............. ولقد كشف الدكتور أحمد المحجوب أستاذ علم النفس والمجتمع في دراسة لخبراء المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.. أننا فعلا وصلنا إلي حافة الهاوية.. وما هي إلا خطوات قليلة ونسقط كلنا في بحر الندم.. تقول الدراسة التي جاءت في ملف زني المحارم إن له18 فرعا من شجرة الإفك العظيم: (1) أخ وأخته بنسبة25%, الأب وابنته12%, زوج الأم وأبنة الزوجة9%, الابن وزوجة الأب6%, زوج الأخت وأخت الزوجة6%, ابن الأخت وخالته5%, الابن والأم4%, ابن الأخ والعمة4%, زوج البنت وحماته4%, الخال وابنة الأخت4%, الأب وزوجة الابن4%, العم وابنة الأخ3%, ابن الأخت وزوجة الخال3%, ابن الأخ وزوجة العم2%. (2) الأخ وزوجة أخيه2%, الزوج وابنة أخت زوجته12%, العم وزوجة ابن أخيه2%, الخال وزوجة ابن أخته2%. وأوضحت الدراسة أن الحالة الزواجية لضحايا زني المحارم تبين أن47.5% من الضحايا لم يسبق لهن الزواج تليهن المتزوجات26% فالمطلقات18% والأرامل8.5% أما الحالة الزواجية للجناة فكانت نسبة غير المتزوجين49.5% ثم المتزوجين36.5% ثم المطلقين9.5% والأرامل4.5% وذلك وفقا لعدد حالات العينة التي قامت عليها الدراسة والتي بلغت نحو250 حالة. (3) زني المحارم وفقا لنتائج هذه الدراسة لا يقتصر علي غير المتعلمين أو أنصاف المتعلمين, حيث أظهرت نتائجها أن توزيع الجناة طبقا لحالتهم التعليمية مقسم إلي15% أميين و21% يقرأون ويكتبون و10% حاصلين علي الابتدائية و20.5% حاصلين علي الاعدادية و18.5% علي الثانوية و15% من الجناة حاصلين علي شهادات جامعية, أما الضحايا26.5% فمنهم من لا يقرأ ولايكتب و15% منهم حاصل علي الابتدائية و13.5% علي الاعدادية ومن يحملن الثانوية منهن13% والحاصلات علي شهادات جامعية4%. وعن توزيع الجناة حسب طبيعة العمل, فقد أظهرت الدراسة أن نسبة الطلبة من الجناة تبلغ24% والعاطلين25% والحرفيين2.5% والباقي ما بين فلاحين وتجار وموظفين وأن الضحايا كانوا:22% منهم طالبات و26% لا يعملن و21.5% ربات بيوت و7.5% خادمات والباقي موظفات ومهنيات. .............. .............. يعني الجريمة لن تنتهي من حياتنا أبدا.. ولكنه الإسراف في القتل أو القتل بلا إحساس وبلا ضمير بسكين بارد.. هو ما يحدث الآن!.. ولكن ذلك في حديث آخر{