وزير التربية والتعليم يهنئ معلمي مصر بمناسبة اليوم العالمي للمعلم    أسعار الذهب اليوم السبت 5-10-2024.. اعرف آخر تحديث    بورصة الدواجن اليوم السبت 5-10-2024.. تحديث في أسعار الفراخ البيضاء    الطماطم ب20 جنيهًا.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ    ارتفاعات جديدة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 5 أكتوبر 2024    انفجار ضخم في قوة مشاة تابعة لجيش الاحتلال جنوبي لبنان    "يديعوت أحرونوت": إسرائيل تخطط لهجوم قوي على إيران قريبا    قوات الاحتلال تعتقل 4 فلسطينيين من الخليل بالضفة الغربية    "اليونيفيل" تقول إن قواتها ما زالت في مواقعها في جنوب لبنان رغم طلب إسرائيل نقل بعضها    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفا للحوثيين في اليمن    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي.. وظهور محمد صلاح مع ليفربول    اليوم.. الأهلي يبدأ استعداداته لبطولة السوبر المصري    القنوات الناقلة لمباراة الهلال والأهلي في الدوري السعودي.. والموعد    سيد عبد الحفيظ يكشف موقفه من تولي منصب مدير الكرة في أهلي طرابلس    حالة الطقس اليوم السبت 5-10-2024.. انخفاض درجات الحرارة ونشاط للرياح    قبل محاكمته.. ماذا قال ضحية الضرب من اللاعب إمام عاشور إمام جهات التحقيق؟    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    استعجال التحريات في ضبط سائقي ميكروباص بتهمة أداء حركات استعراضية بالقاهرة    اليوم.. نظر محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة    محافظ أسيوط يتفقد مجمع المحارق للوقوف على أعمال التطوير تمهيدًا للافتتاح    "ثقافة مطروح " تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    للراغبين في الزواج.. تعرف على سعر جرام الذهب اليوم    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر التفكك الاجتماعي في السياق الثوري
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2011

لو تابعنا بدقة الأحداث التي وقعت في مصر بعد 25 يناير‏,‏ لأدركنا أنه بدلا من العمل المنهجي المنظم لتحقيق شعار الثورة الشهير الشعب يريد اسقاط النظام‏,‏ بذلت قوي سياسية داخلية وخارجية جهودها ليس لإسقاط النظام فقط ولكن لاسقاط الدولة أيضا! والعمل المنهجي لاسقاط النظام كان يقتضي عدم القناعة بالمحاكمة الجنائية للرئيس السابق ورموز النظام فقط, ولكن أهم من ذلك كله اسقاط السياسات المنحرفة التي طبقها النظام السابق.
وكما أشرنا في مقالنا الماضي لم يستطع شباب الثوار تكوين جبهة ثورية من مهامها اسقاط سياسات النظام السابق, عن طريق النقد الموضوعي واقتراح بدائل لها, وضعا في الاعتبار تحولات المجتمع العالمي والظروف المحلية الخاصة بمصر.
وهذا النقد الشامل كان ينبغي أن يسبق محاولة رسم صور للمستقبل المصري, من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
غير أن ذلك لم يحدث, وأخطر من هذا التقصير محاولات هدم أركان الدولة والانتقاص من هيبتها, واثبات عجزها عن إعمال مبدأ سيادة القانون.
ولعل الحوادث الخاصة بالاعتداء علي أقسام الشرطة وحرق بعضها, والعدوان غير المشروع علي رجال الشرطة الذي تم في اطار هيستيريا النقد المرسل ضد جهاز الشرطة عموما. وقد أدي هذا النقد الذي أصاب الشرطة بوجه عام وليس عددا محدودا فقط من ضباط أمن الدولة المنحرفين, إلي خلق فجوة بين الشرطة والشعب, لم ترسم حتي الآن خطة استراتيجية شاملة لمواجهتها, مما أدي إلي شيوع الانفلات الأمني علي نطاق واسع, وقد أدي هذا الوضع إلي تهديد أمن المواطنين.
غير أنه أخطر من ذلك الهجوم المشبوه الذي قام به عدد من المثقفين الذين تصدروا مشهد الثورة في الفضائيات وكأنهم هم الذين خططوا لها ونفذوها, ضد المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
وهذا الهجوم تجاوز النقد السياسي المشروع للمجلس الأعلي للقوات المسلحة باعتباره يقوم بإدارة البلاد, إلي التشكيك في شرعيته وفي نواياه وفي القرارات التي يصدرها, حتي ولو كانت نتيجة مشاورات مع قوي سياسية متعددة.
وانتقل هذا الهجوم الخبيث إلي لغة الشارع بكل ما تزخر به من شعارات غير مسئولة, تطلقها تيارات سياسية لا تلتزم بقواعد المسئولية الوطنية ليصبح هتافات ضد حكم العسكر.
وقد لاحظنا أن بعض القوي السياسية التي تريد الانقضاض علي الدولة تدعو إلي إنهاء مهمة المجلس الأعلي للقوات المسلحة قبل أوانها, وتسليم السلطة إلي مجلس مدني يدير البلاد بدلا منه! ومعني ذلك بكل بساطة حرمان الدولة المصرية من السند الرئيسي للشرعية السياسية والتي يمثلها المجلس الأعلي للقوات المسلحة, ووضع المجتمع كله في مهب الخطر, وذلك لأن هذا المجلس المدني المزعوم والذي لن يتشكل إلا من خلال صراعات سياسية دموية بين كل الأطراف المتنافسة علي احتكار السلطة في مصر, لن يستطيع علي وجه الاطلاق في غيبة القوة الرادعة للقوات المسلحة أن يصدر قرارا واحدا قابلا للتنفيذ.
وإذا تركنا جانبا الآن ظواهر الانفلات الأمني الخطيرة والدعوات المشبوهة لهدم أركان الدولة, وانتقلنا إلي مجال السلوك الاجتماعي الذي تمارسه النخب السياسية والجماهير الشعبية علي السواء, لاكتشفنا أن المجتمع المصري الآن يمر بمرحلة خطيرة تتسم بالتفكك الاجتماعي الجسيم.
والتفكك الاجتماعي كما هو معروف في علم الاجتماع يتم نتيجة الانفلات من المعايير والقيم بل والانقلاب الصريح عليها, وممارسة سلوك غوغائي من خلال رفع شعارات تنادي بالعدالة والحرية ولكن علي غير أساس.
وحتي لا يكون حديثنا مجردا, لنضرب عددا من الأمثلة علي حالات الانفلات السلوكي الذي مارسته بعض فئات الجماهير وبعض فئات النخبة.
حين نطالع في الصحف أن عمال شركة في دمنهور هاجموا رئيس الشركة واتهموه بالظلم وطالبوا بإقالته ثم حاصروه في مكتبه واعتدوا عليه بالضرب حتي مات متأثرا بإصابته! ماذا يسمي هذا السلوك الهمجي والذي تم تحت شعار المطالبة بالعدالة؟
وفي نموذج خطير للإنفلات السلوكي والانقلاب علي كل المعايير, أحاط عدد من موظفي وعمال هيئة الاتصالات برئيس الهيئة والذي كان في زيارة تفقدية لسنترال الأوبرا, وحبسوه في غرفة لمدة سبع عشرة ساعة حتي حررته قوات الأمن!
ما هو وصف هذا السلوك الذي يطعن قيم التعامل بين الرؤساء والمرءوسين في الصميم؟
وإذا نظرنا إلي مظاهرات أمناء الشرطة التي تمت أمام وزارة الداخلية, والتي رفعت شعارات تدعو لبعض المطالب المشروعة في ذاتها, وإن كانت رفعت شعارات أخري تدعو لإقالة وزير الداخلية وتطهير الوزارة من القيادات, أليست هذه هي ذروة الاعتداء علي قواعد الضبط والربط العسكري؟
وكان قد نشر من قبل أن عددا من أمناء الشرطة في احدي المحافظات أغلقوا باب قسم الشرطة بالجنازير ومنعوا الضباط من دخوله!
وإذا انتقلنا إلي السلوك الغوغائي لبعض شرائح النخب المهنية المصرية, كيف نصف سلوك المحامين في بعض المحافظات الذين أغلقوا أبواب المحاكم ومنعوا القضاة ووكلاء النيابة من الدخول؟وكيف نصف قرار بعض القضاة وإن كان معقولا في ذاته بتعليق الحكم في الجلسات, إلي أن يتم تأمين المحاكم من بلطجة الجماهير التي أصبحت تحتج علي الأحكام في جلسات المحاكم وتعتدي علي القضاة, وإلي غوغائية بعض المحامين!
وكيف نصف اقتحام جموع المحامين لدار القضاء العالي والتي كان يعقد فيها اجتماع مهم للقضاة لمناقشة قانون السلطة القضائية, واطلاقهم الهتافات المسيئة للقضاء, ومنع أعضاء الاجتماع من الخروج ومحاولة الاعتداء عليهم, مما دفع بعض القضاة إلي اطلاق النار من مسدساتهم في الهواء لتفريقهم؟
لم يحدث في التاريخ المصري الحديث هذه الصراعات الغوعائية بين جناحي العدالة, والتي استقر العرف علي تسميتهم بالقضاء الجالس اشارة للقضاء, والقضاء الواقف اشارة للمحاماة.
ويزخر التاريخ المصري بنماذج مشرفة للمحامين الذين تولوا القضاء بعد ذلك, ونماذج رفيعة المستوي للقضاة الذين عملوا بالمحاماة بعد احالتهم للمعاش.
وأخيرا كيف نصف تعدي طلبة الجامعات علي أساتذتهم بدعوي ضرورة اقالة القيادات القديمة التي تم تعيينها في النظام السابق وانتخاب قيادات جديدة. وهكذا نسفت نسفا علاقات الاحترام التقليدية بين الطلبة وأساتذتهم, وشهدنا جموع الطلبة في احدي الجامعات الاقليمية يحاصرون سيارة فيها عميدان لكليات جامعية, لمنعهما من الاشتراك في انتخابات المجمع الانتخابي لانتخاب رئيس جديد للجامعة!
وهكذا من مطالعة هذه النماذج السيئة للسلوك الغوغائي الذي تمارسه بعض فئات الجماهير, والسلوك الهمجي الذي تمارسه بعض فئات النخبة سواء كانوا محامين أو أساتذة جامعيين للأسف الشديد, يمكننا أن نخلص إلي أن ظواهر الاحتلال الاجتماعي والتي تتمثل في الاعتداء الجسيم علي سلم القيم المرعية في المجتمع المصري, تكاد أن تكون أخطر وأفدح من الانفلات الأمني!
والسؤال: كيف سنواجه في المستقبل القريب هذا الوضع, وهل سنستطيع أن نعيد للقيم الراسخة في مجال العلم وفي مجال القضاء احترامها وممارسة السلوك في ضوء مثاليتها الرفيعة؟
لقد آن الآوان لكي تدرك كل فئات المجتمع أن هناك فرقا كبيرا بين الثورة والفوضي!
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.