الأسبوع الماضي وتحديدا يوم31 أكتوبر2011 م بلغ عدد سكان كوكب الأرض سبعة مليارات نسمة, بالرغم من أن عدد سكان العالم في السنة الأولي الميلادية كان يقدر بنحو200 مليون نسمة, وبعد1840 سنة بلغ2000 مليون نسمة في1940 م. وتضاعف ثلاثة أضعاف من2 مليار الي6 مليارات نسمة عام2000( أي أنهم تضاعفوا3 مرات خلال60 سنة فقط) ثم زاد حاليا علي7 مليارات نسمة. ولهذا فإن نمو سكان العالم أصبح يحتاج عددا أقل من السنوات ليتضاعف, بينما لم يتغير حجم الأرض, فكوكب الأرض في ذلك القرن هو نفسه كوكبنا الحالي, إلا أنه قد نما فوقه أشياء واندثرت أشياء, فقد نما عدد البشر من سكانها وزاد حجم انتاجهم الاستخراجي والزراعي والصناعي, بل تضاعف عشرات المرات, ومع أن بعض البشر يتباهون اليوم بالانجازات الحضارية خلال القرون القليلة الماضية نتيجة الاكتشافات العلمية والاختراعات التقنية, إلا أن واقعنا يظهر العديد من الشواهد التي تظهر أن العامل اليوم لم يتقدم بل تدهور, فعلي الرغم من النمو وتراكم الثروات استمرت المنظومة الاقتصادية الدولية تتسم بالإجحاف في توزيع الدخل والثروات بين أقلية ثرية ومؤثرة وغالبية معدمة, وعدم مواءمة الزيادة المطردة في عدد السكان مع معدلات استهلاك الموارد في كثير من مناطق العالم مما أدي الي تدهور نوعية حياة سكانها وانتشار الفقر والجوع والمرض. فزاد عدد الفقراء حتي أصبح عدد الجوعي في العالم يفوق المليار نسمة, أي مايعادل سدس سكان العالم, ووفقا لنمط النمو الحالي للسكان تستضيف الأرض نحو78 مليون شخص اضافي كل سنة, ويعيش معظمهم(97 في المائة منهم) في الدول النامية والفقيرة, وهذا يعمق أهمية ايجاد استراتيجية للقضاء علي الجوع في العالم, وسبل زيادة الانتاج الغذائي بنسبة70 في المائة, لتأمين الغذاء لأكثر من تسعة بلايين نسمة. فالأمن الغذائي يعتبر حقا من حقوق الإنسان الذي يفرض علي أي دولة توفير احتياجات المجتمع من السلع الغذائية الأساسية كليا أو جزئيا. ومن المعروف أن كل أفراد المجتمع مستهلكون, ولكن منهم جزءا يقوم بإنتاج مايكفيهم ويكفي باقي أفراد المجتمع غير المنتجين وقد يفيض منه جزء للاستثمار, ولكن إذا عجزت الفئة المنتجة عن انتاج القدر الكافي لجميع أفراد المجتمع, فإن الاقتصاد يختل توازنه ويبدأ في الاعتماد علي الاعانات والقروض لمواجهة العجز في تلبية احتياجات الفئة المستهلكة. وبالتالي فإن مشاكل الدول النامية ليست في ازدحام السكان وكثرة المستهلكين, بل في قلة نسبة المنتجين أو قلة انتاجهم أو سوء توزيع هذا الانتاج, فلم يتسبب ازدحام السكان في وجود الفقر, بل إن السبب الأكثر وضوحا هو فشل الاستثمار في البشر ورفع انتاجيتهم, وبالتالي أجورهم وزيادة نصيب الفرد من الدخل ليس فقط كمطلب انساني وأخلاقي بل كمطلب اقتصادي. ويزيد نصيب الفرد من الدخل إذا زاد الدخل بنسبة أكبر من زيادة عدد السكان مما يستوجب زيادة انتاجية الفرد وتطوير قدراته وتمكينه من أن يصبح عاملا من عوامل التجديد في المجتمع وزيادة ثروته وبناء المستقبل, وقد قرأت انه منذ عام1780 م, احتاجت بريطانيا الي58 سنة لتضاعف نصيب الفرد من الدخل القومي, واحتاجت اليابان منذ عام1885 م, الي34 سنة لتضاعف نصيب الفرد من الدخل القومي, بينما احتاجت الصين وهي الأعلي من حيث كثافتها السكانية منذ عام1977 الي عشر سنوات فقط لتحقيق نفس الهدف, ولهذا لو اهتمت الدول النامية بنوعية سكانها, لزاد الانتاج وتطور الاقتصاد وقويت الدولة. فقد تسبب الاهتمام النوعي بالإنسان إلي ارتفاع متوسط العمر المتوقع في كل أنحاء العالم بمقدار يزيد علي20 سنة بسبب الاكتشافات الطبية والرعاية الصحية, وانخفض معدل الخصوبة الاجمالي في العالم بمقدار النصف تقريبا خلال50 سنة( ولتوضيح أهمية الخصوبة نجد أن عدد سكان ألمانيا82 مليون نسمة, وكذلك عدد سكان إثيوبيا, ولكن معدل الخصوبة في ألمانيا هو14 طفلا لكل امرأة, وفي اثيوبيا46 طفلا لكل امرأة, وبالتالي يتوقع أن يتراجع عدد سكان ألمانيا الي75 مليونا في2050 م, بينما يتضاعف عدد سكان اثيوبيا الي145 مليون شخص, وإذا استمرت الاتجاهات الحالية فسيزيد عدد الجنس البشري قليلا علي تسعة بلايين شخص بحلول عام2050 ويتعدي10 بلايين شخص بحلول نهاية القرن يعتمد كل منهم علي سلوك الآخرين, مما يستوجب إصلاح المنظومة الاقتصادية الدولية وازالة الإجحاف في توزيع الدخل والثروات. المزيد من مقالات د.سيد الخولى