تحية حب ووفاء لزميل الدراسة بالكلية الحربية منذ أول ديسمبر 1939, فقد عشنا معا نهارا وليلا بين أسوار الحياة العسكرية, عشنا في خنادقها وملاعبها وعنابرها وحجرات دراساتها وتناولنا معا الخبز والعدس والحلاوة مع الأخضر والأحمر, وذقنا جرعات الخوف من قنابل الطليان الصفيح التي لم ترعبنا مثل ما أرعبتنا قنابل الألمان الثقيلة في الحرب العالمية الثانية. وفي 28 مايو 1942 تخرجنا ضباطا في القوات المسلحة وتفرقنا كل في اتجاه, فقد كان حظي في وحدات المشاة وحظه في المدفعية المضادة للطائرات بالإسكندرية, وكثيرا ما كنا نلتقي في كازينو اسبورتنج القديم, حيث كان يختار دائما مكانا بناحية من الكازينو كأنه في مركب وسط البحر, يكتب ويقرأ ونحن حوله نحسده علي هذه المنحة الإلهية التي وهبها الله له. فقد كان محبا لمصر يكتب عنها ولها, واشتركنا معا في حرب فلسطين 1948, ولما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان أحد أعمدتها القوية واتخذ طريق الحرب بالورقة والقلم, ليشبع رغبته في أن يكون جنديا محاربا في المدفعية مع التمتع بحرب الورقة والقلم والرأي الحر الصادق, ثم افترقنا كل في اتجاه إلي أن التقينا بعد نكسة 5 يونيو 1967 مرات, وبالذات في أثناء اشتداد حرب الاستنزاف عام 1970, حيث دعوته لزيارة في الجيش الثاني الميداني بالجبهة, وقضي معي ومع أسرة الجيش ساعات تحدث فيها مع الرجال, وزار مواقعهم ولمس بنفسه أعمدة القوة التي جعلته يكتب بصدق حقيقة قدرة الجندي المصري علي الصمود والصبر والرضا وشعوره بالعدل, مما جعله أكثر شجاعة وأكثر تضحية. وختم أحمد مقاله بأن الجندي المصري من ذهب, كما أعجب كثيرا بشعار (دائما مصر أولا), فهو الذي أنار للرجال ضباطا وجنودا أهمية حب الوطن والتضحية من أجله, وبث نور الحب في قلوب الجميع حتي نجحوا في دق إسفين في قلب عدوهم, وحقق لمصر نصر أكتوبر 1973 العظيم. ودارت الأيام بعد حرب أكتوبر وسعدت بلقائه في مناسبات عديدة في اللجنة المصرية للتضامن كان هدفها الحب لمصر.. وكنت وسأظل صديقا وفيا أمينا كما كنا معا.. تحية إلي روحه الطاهرة, وإنا لله وإنا إليه راجعون.