برغم صعوبة التنبؤ بنتائج الاجتماعات التي بدأت في الدوحة أمس بين لجنة الجامعة العربية التي يرأسها الشيخ حمد بن قاسم رئيس وزراء قطر وزير الخارجية, ومسئولين سوريين كبار علي رأسهم وزير الخارجية وليد المعلم, إلا أن إخفاق الجانبين في الاتفاق علي خطوات واضحة ومحددة تصلح أساسا لتسوية الأزمة السورية ترضي عنها المعارضة السورية, سوف يفتح الباب واسعا لمزيد من التدخلات الغربية والدولية, وتصعيد العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد النظام السوري, الذي كان يرفض حتي الأمس القريب أية مبادرات خارجية, عربية أو غير عربية, ويعتبرها تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي السوري! لكن النظام السوري يقبل التعامل مع المبادرة العربية الآن ربما لأنها تمثل فرصة مهمة إن لم تكن أخيرة أمام نظام حكم الرئيس بشار الذي يعاني من عزلة دولية وعربية متزايدة, وربما لأنه يريد عزل الموقف التركي الذي يصف الي جوار المعارضة السورية وتجنب آثاره المحتملة علي الموقف العربي, وربما يكون هدف دمشق الحقيقي, كما يعتقد معظم فصائل المعارضة السورية, كسب المزيد من الوقت إلي أن يتمكن النظام من تنظيف البلاد من المنشقين عن القوات السورية الذين تزيد أعدادهم علي عشرة آلاف جندي وضابط, خاصة أن النظام السوري لم يتوقف عن عمليات قتل المتظاهرين التي راح ضحيتها ثلاثة آلاف شهيد, بينهم 35 سقطوا خلال مظاهرات يوم الجمعة الماضي, أي بعد أيام معدودات من اللقاء الأول بين الرئيس بشار وأعضاء اللجنة العربية في دمشق!. وفي ظل هذه الشكوك المتزايدة في صدق نيات الموقف السوري يصبح المطلوب من الموقف السوري في مباحثات الدوحة أن يحسم خياره النهائي, لأن قبول سوريا للمبادرة العربية يعني أن تتوقف دمشق فورا عن عمليات قتل المتظاهرين, وتسحب كل وحدات القوات المسلحة خارج المدن السورية وتعيدها إلي ثكناتها, وتفرج عن آلاف المعتقلين, وتنخرط في حوار جاد مع فصائل المعارضة للاتفاق علي برنامج إصلاح سياسي يبدأ بكتابة دستور جديد, يلغي المادة الثامنة التي مكنت حزب البعث السوري من احتكار السلطة لأكثر من 60 عاما, لكن المبادرة العربية علي الجانب الآخر ترفض التدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية, وتعتقد أن إصلاح النظام السوري محكوم بضرورات الحوار بين الحكم والمعارضة لعدم توافر بديل جاهز لتسلم سلطة الحكم, ولأن المواجهة الراهنة تسفر كل يوم عن خسائر جسيمة لدي الجانبين, فضلا عن أنها لم ترجح حتي الآن كفة طرف علي الآخر. ومالم تحسم دمشق خيارها النهائي في مباحثات الدوحة,سوف يزداد الموقف سوءا وتعقيدا,وسوف تتعرض الجامعة العربية للمزيد من ضغوط المعارضة السورية وضغوط الموقف الدولي التي تطالب الجامعة العربية بموقف أكثر حسما تجاه حكم الرئيس بشار يساعد علي حماية المدنيين وتحقيق مطالب المعارضة السورية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد