قضية توفيق أوضاع العمالة المصرية فى الخارج خاصة فى عدد من الدول العربية تحتاج إلى نظرة من حكومة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء كون هذه المشكلة لا تقل أهمية عن قضايا الوطن الداخلية المشغولة بها الحكومة حاليا بعد ثورة 25 يناير المجيدة، حيث يعانى منها ألاف من المواطنين المصريين الذين دفعتهم ظروف البطالة وندرة الحصول على فرصة عمل إلى الهجرة أو التسلل بطرق غير شرعية إلى دول مجاورة سعيا إلى الرزق. هؤلاء المصريون - رغم أنهم أخطأوا فى عدم الحصول على عقود عمل موثقة تحفظ حقوقهم لدى الدول المضيفة قبل السفر - إلا أنهم أبناء هذا البلد ومن دافعى الضرائب بالتالى يستحقون الرعاية والاهتمام. ولاشك أن الخارجية ممثلة فى سفاراتها بالخارج لا تألو جهدا فى تذليل العقبات وحل المشكلات التى يواجهها المصريون فى الخارج فى ضوء الامكانات المتاحة لها - رغم إتهامات بالتقصير موجهة لبعض السفارات - إلا أن ما قامت به السفارة المصرية فى الأردن من توفيق أوضاع أكثر من 50 ألف عامل مصرى هناك يستحق كل التقدير. السفير عمرو أبوالعطا سفير مصر فى الأردن أوضح بأن السفارة المصرية قد تمكنت حتى الآن من تصويب أوضاع ما يقارب 50 ألف عامل مصرى، سواء بنقل تصاريح عملهم من شركة إلى شركة أخرى داخل نفس القطاع أو باستصدار تصريح لهم بالعمل فى قطاع آخر مغاير للقطاع الذى وفدوا إلى الأردن للعمل فيه، مضيفا أن نجاح العملية والتعاون الذى تلقاه السفارة من الجهات الأردنية الرسمية قد دفع السفارة إلى مخاطبة تلك الجهات لمد فترة تصويب الأوضاع لمدة خمسة عشر يوماً آخرى لتنتهي بنهاية شهر أكتوبر. وأوضح أبوالعطا أن القسم القنصلي بالسفارة والمكتب العمالي تعاملا من بداية العام الجاري 2011 مع عدد ضخم من الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية للعمالة المصرية، حيث بلغ عددها 186 حالة تضمنت بعضها مطالبات غير قانونية مثل طلب إلغاء رسوم تصاريح العمل، وفتح قطاعات العمل المغلقة للأردنيين، وقد سعت السفارة للتحرك سريعا لاحتواء تلك الإضرابات، بما يحفظ للعمال حقوقهم ويضمن فى ذات الوقت احترام القوانين الأردنية حفاظاً علي سمعة مصر والعمالة المصرية ليس فقط فى الأردن ولكن في الخارج بشكل عام، وعدم إعطاء فرصة لاستغلال تلك الإضرابات بما يؤثر سلبياً علي وضعية كون العمالة المصرية في الأردن في المرتبة الأولي. وذكر أبوالعطا أن عملية تصويب الأوضاع الجارية تعد ثاني عملية تصويب أوضاع تقوم السفارة بترتيبها، حيث تمت العملية الأولي في عام 2009 وتم حينها تصويب وضع 75 ألف حالة، كما عملت السفارة منذ عام 2008 علي زيادة حجم العمالة المصرية في سوق العمل حيث ارتفع عدد العاملين من 250 ألف عام 2008 إلي 417 ألف في 30/9/2011، مما أدي لزيادة تحويلات العاملين المصريين من الأردن، فضلاً عن أنه يجري حالياً حث الجانب الأردني علي تعديل الحد الأدني للأجور لرفعه من 150 إلي 200 دينار أردني ، كما أبرمت السفارة عقد تأمين علي الحياة مع إحدى شركات التأمين استطاعت بموجبه تحميل الشركة نفقات شحن جثمان أى مواطن مصري يتوفي علي الأراضى الأردنية بصرف النظر عن عمره أو كونه مؤمن عليه من عدمه، حيث تم شحن جثامين 172 مواطنا مصريا منذ بداية عام 2011، وهو ما تكلف ما يقارب 110 ألف دولار أمريكي، فضلاً عن تحصيل مستحقات تعويضات من الشركة لصالح عدد 55 حالة وفاة تقدر ب622 ألف دولار أمريكي خلال هذه المدة فقط، وكذلك تعاون الشركة مع السفارة في تقديم مساعدات إنسانية تقدر بآلاف الدينارات سواء لحالات طبية تكون في حاجة للعلاج والجراحة العاجلة، أو حالات شديدة الإعسار. وفيما يتعلق بالرعاية القنصلية للمواطنين، أوضح أبوالعطا أن السفارة تمكنت من تأمين الإفراج عن وترحيل ما يزيد عن 250 مواطن حتى تاريخه معظمهم في محاولات تسلل من الأردن إلي لبنان عبر الأراضى السورية، وتم تمديد صلاحية عشرة آلاف جواز سفر مجانا للتسهيل علي المواطنين لاستخراج تصاريح العمل، كما تقوم السفارة بزيارات دورية للسجون (ثلاث مرات في الشهر) لتفقد أحوال المسجونين المصريين وتقديم المساعدة لهم سواء الدعم المعنوى أو المادي أو القانوني. أبوالعطا يناشد المواطنين إدراك حقيقة أن أى سفارة مصرية فى الخارج لا تبتدع ما تنفذه من قواعد وإنما هى جهة منفذة لتعليمات مختلف الجهات المعنية فى مصر، وهى حقيقة لا يعيها المواطنون مما يثير احتجاجهم أو اتهامهم للسفارات بالتقصير، مثال عدم وجود إمكانية فنية أو قانونية لدى السفارة لاستخراج بطاقة الرقم القومي، مما يؤدى إلى اتهامها بالتقاعس، وحقيقة الأمر أن التعليمات تقضى باستخراجها من مصر فقط، أو انتظار المواطن لحضور لجنة من وزارة الداخلية لديه فى الخارج لاستخراج البطاقات، وهو ما يجرى بالفعل فى إطار جولات تقوم بها الداخلية وتضم العديد من الدول. يشير السفير إلى مشكلة أخرى تتعلق باضطرار السفارة وفقا للتعليمات إلى قصر صلاحية جواز السفر لمدة عام للذين لم يستخرجوا بطاقة الرقم القومي أو انتهت صلاحية بطاقاتهم، وكذلك من هم في سن التجنيد ورفضوا العودة لتسوية موقفهم التجنيدى، مؤكدا أن حل تلك المشكلات يتطلب صدور قرارات بذلك من الجهات المعنية في مصر وليس من وزارة الخارجية، وأن السفارة بكامل طواقمها لا تدخر جهدا لمعاونة المواطنين المصريين وتذليل ما يواجههم من عقبات، وذلك فى إطار الإمكانيات المتاحة والأطر الرسمية التى تعمل السفارة بموجبها، سواء التعليمات المصرية أو القوانين الأردنية. المزيد من مقالات محمود النوبى