من الواضح ان الرأسمالية العالمية أثبتت فشلا ذريعا وبفرنسا نموذج واضح في الحكومة اليمينية الراهنة التي تلفظ آخر الأنفاس وبات الأمل يتضاءل في بقاء الرئيس نيكولا ساركوزي بقصر الاليزيه لحقبة رئاسية ثانية. اذ ان كل المعطيات المتاحة علي الساحة تشير الي ان الفرنسيين سيحسمون اختيار المرحلة المقبلة بتصويبهم تجاه اليسار ذلك قبيل الانتخابات الرئاسية المقرر لها جولتان(في ابريل ومايو).2012 وفي الوقت الذي تعيش فيه دول الجنوب ماأطلق عليه' ثورات الربيع العربي' تشهد دول الشمال الغربي مظاهرات' خريف الغضب'خرج فيها حشود من الملايين يعبرون عن امتعاضهم من هشاشة الأحوال الاقتصادية وسوء عدالة توزيع الموارد فضلا عن الأداء المصرفي الذي اثبت فشله علي كافة الأصعدة. وفي تلك الآونة التي تعم فيها صرخات الغضب ارجاء العالم غاص الفرنسيون( المعروف عنهم كثرة المظاهرات) في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي وكأنهم يبعثون برسالة واضحة وبطريقة مستحدثة لمظاهرات اكثر موضوعية اظهروا فيها حرصا غير عادي علي المشاركة...حيث حققت نسبة المشاركة في الجولة الاولي لتلك الانتخابات2.5 مليون فرنسي وزادت في جولة الاعادة بمشاركة قياسية قاربت3 ملايين ناخب.فاز فيها النائب الكوريزي(من مدينة كوريز) فرنسوا اولاند- الرئيس السابق للحزب الاشتراكي-بنسبة57% من اصوات الناخبين علي رئيسة الحزب الحالية مارتين اوبري ب43% من الاصوات.ليصبح اولاند بذلك علي موعد مع مرشح الحزب الحاكم نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية بعد ستة اشهر تقريبا من الان. ومما لاشك فيه ان خروج الفرنسيين المكثف من اجل التصويت في الانتخابات التمهيدية للاشتراكين زاد من توجس حزب اليمين الحاكم'الاتحاد من اجل حركة شعبية'ولوح الي ان الفرنسيين سئموا النظام الرأسمالي اليميني مما ينذر بسخونة الانتخابات الرئاسية المقبلة بل يري المراقبون فيما حدث مؤشرا صريحا للإطاحة بأحلام الرئيس نيكولا ساركوزي وسياسته الرأسمالية. وبالرغم من ان المظاهرات كانت علي موعد مع الغاضبين في82 دولة وحركة احتلال وول ستريت بامريكا الا ان باريس انشغلت( ايضا) علي المستوي الحكومي والرئاسي بانعقاد اجتماع لدول الثماني الصناعية الغنية وبقية مجموعة العشرينG20 من دول الاقتصاديات الناشئة ذلك في اطار تحضير رسمي للقمة المرتقبة في مدينة كان بجنوب شرق فرنسا الشهر المقبل يومي3 و4نوفمبر. وعلي نفس الصعيد وبمحاولة لإنقاذ مايمكن إنقاذه من ازمة الديون في منطقة اليورو استقبل ساركوزي كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي التي أعلنت بدورها عن التطور السلبي للجو الاقتصادي ومدي تأثيره علي دول الاقتصاديات الناشئة. وفي تلك الأثناء أعرب عدد من الدول الناشئة بينها البرازيل والصين عن مواقف مؤيدة لتعزيز الوسائل المالية المتاحة لصندوق النقد الدولي للسماح له بمساندة اوروبا في حال امتدت الأزمة الي قوي اقتصادية كبري مثل ايطاليا واسبانيا.الا ان هذه الفكرة لم تحظي بالإجماع.ففرنسا تؤيدها بينما تتحفظ المانيا والولايات المتحدة. وبدون ادني شك ان هذا الاجتماع اتاح الفرصة لدول مجموعة العشرين القلقة علي النمو العالمي لمعرفة مواقف الدول الاوروبية بشان ملفات عدة بينها مصير اليونان وكيفية إيجاد خطة لإعادة هيكلة ديونها وإعادة رسملة المصارف الأوروبية وتعزيز قدرات الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي لمساعدة دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات. حيث ان الرئيس ساركوزي يحرص علي ان تعالج اوروبا مشاكلها قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين المرتقبة.ومن اجل الهدف ذاته ذهب الي برلين( مؤخرا)للقاء المستشارة الالمانية انجلا ميركل في محاولة للاتفاق المشترك علي اعادة رسملة المصارف والبنوك المنكشفة بهدف تأمين منح قروض للاقتصاد. واوضح بعد القمة ان فرنساوالمانيا ستقترحان تعديلات هامة للمعاهدات الأوروبية معربا عن تأييد اوسع للاندماج في منطقة اليورو في الوقت الذي بدأت تتعالي فيه اصوات بعض المرشحين الرئاسيين لمناهضة العولمة والسياسات الاقتصادية وهيكل الاتحاد الاوروبي. ومن تداعيات ذلك سيبحث قادة الدول الأوروبية في قمة بروكسل المزمع عقدها في23 اكتوبر سبل ايجاد حلول لازمة الديون.ويري وزير المالية الفرنسي فرنسوا باروان ان نتائج هذه القمة ستكون حاسمة للقضايا الملحة والعالقة خاصة الازمة اليونانية مشيدا بما وصفه التقدم الجذري لمجموعة العشرين حول تنظيم تدفق رسملة المضاربة الي الدول الناشئة والتي تهدد حركتها القوية الاستقرار الاقتصادي العالمي منذ.2008 ويذكر ان الازمة الاوروبية هيمنت علي الاولويات الاخري للرئاسة الفرنسية لمجموعة العشرين كموضوع العملة الصينية( اليوان) اذ ترغب فرنسا بحلول الشهر المقبل في الحصول علي جدول زمني من الصين لاضفاء مرونة علي عملتها من اجل اعادة التوازن الي الاقتصاد العالمي. وبالرغم من المجهودات الضخمة المبذولة من قبل الرئيس نيكولا ساركوزي لانقاذ منطقة اليورو وعجز ميزانيات مجموعة من دول الاتحاد الا ان الامر يزداد تعقيدا فهاهو اخر تقرير صادر من وكالة' موديز' لتقويم الاداء الاقتصادي ينذر ببداية تردي الاحوال الاقتصادية الفرنسية حيث ذكرت وكالة التصنيف الائتماني إنها ستنظر في وضع فرنسا بالاستناد علي مدي تقدم الحكومة في تطبيق الإجراءات التي تم الإعلان عنها للحد من عجز الموازنة وامهلت فرنسا ثلاثة اشهر قادمة قبل ان تعيد تصنيف مكانة فرنسا التي تتمتع حتي الان بمرتبة رفيعة في اقتصاديات العالم تخول لها حق الاقتراض من صندوق النقد الدولي لسد العجز في ميزانيتها بفوائد ضئيلة.واذا ما غيرت موديز توقعاتها المستقبلية لفرنسا الي السالب فان هذا يعني انها ستعمد الي خفض درجة التصنيف علي المدي المتوسط. وكانت وكالة موديز خفضت تصنيف12 مصرفا بريطانيا لمخاوف من سحب الدعم الحكومي للبنوك بينما خفضت وكالة'فيتش'للتصنيف الائتماني لكل من ايطاليا واسبانيا. والان. تري ستنجح اعادة رسملة البنوك في إنقاذ ازمة ديون بعض الدول..وهل ستقوي تلك البلاد(كاليونان)علي سد ما ستقترضه ام ستتحقق بعض المخاوف بكون العجز عن السداد سيزيد من تفاقم ازمة الديون ام سيكتب شهادة وفاة للاتحاد الأوروبي والعملة الموحدة اليورو.