تأتي عملية اكتشاف الكهف الجديد بطريق أسيوط البحر الأحمر الجديد في غاية الأهمية بغض النظر عن كونها قد جاءت بالصدفة البحتة شأنها في ذلك شأن الكثير من عناصر تراث مصر الطبيعي القابع في بطن الصحراء المصرية المترامية الأطراف. , فالكهف ظهر علي السطح بعد عمليات تفجير هائلة قامت بها احدي الشركات المصرية الشهيرة في مجال الطرق في بطن التلال والصخور, فكشفت عن تراث طبيعي رائع تكون منذ ملايين السنين, بل ويحمل مميزات جيولوجية هائلة تجعله جديرا بقائمة التراث الطبيعي المصري, ويضاف إلي ذلك الفصيلة منه والتي تضم كهف وادي سنور ببني سويف وغيره, ولقد أصابت هيئة المساحة الجيولوجية برئاسة فكري يوسف عندما اخذت بزمام المبادرة وسارعت بارسال بعثة استكشافية بقيادة اثنين من كبار الجيولوجيين بها وهم الدكتور مصطفي فهمي القاضي والدكتور هشام سليمان للقيام برحلة بحث واستكشاف ودراسة وفحص للعينات والتكوينات الجيولوجية الموجودة بالكهف والمناطق المجاورة, واجراء تقييم كامل للمنطقة التي اكتشف بها الكهف, كما جابت المناطق المجاورة والطرق الرئيسية والفرعية بالصحراء المحصورة بين تلك الطرق, خاصة الطرق القديمة للتجارة والحج والمدن القديمة وغيرها, وباحت النتائج الأولية عن العديد من الحقائق المهمة عن الكهف والمناطق, والأمل معقود للمحافظة وصون هذا التراث ان تبادر وزارة البيئة باجراء دراسات شاملة, واعداد ملف لمنطقة الكهف والمناطق المتاخمة لها وتحظي بعناصر تراث طبيعي لضمها لقائمة محميات مصر الطبيعية. وكما يقول الدكتور مصطفي فهمي القاضي مدير المتحف الجيولوجي المصري: يقع الكهف في منتصف طريق أسيوط البحر الأحمر الجديد, ولوحظ بعد تفجير احد التلال وجود فراغ في الجبل, وجاء تقرير بعض المهندسين الاستشاريين بأنه كهف يرجع عمره إلي عشرة ملايين سنة وبه صخور براقة رجحوا أن تكون في الغالب خام معدن البلاتين, ومن هنا كان لابد من حسم القضية علميا بواسطة هيئة المساحة الجيولوجية وأقسام الجيولوجيا بالجامعات المصرية القريبة لاعداد تقرير نهائي حول حقيقة الكهف, وبالفعل تم تشكيل فريق عمل الهيئة واجراء معاينة للكهف وجمع العينات وتحليلها, وتسجيل الاحداثيات بواسطة جهاز تحديد الاحداثيات, والكهف يقع علي الجانب الشرقي للطريق بنحو ثلاثة أمتار, ويبلغ طول الكهف عشرين مترا وعرضه عشرة أمتار, ويتدلي من سقفه صواعد وهوابط, وهذا الكهف تكون نتيجة لتأثر المنطقة الكائن بها بصدع( كسر) جهة الشمال وبمي15درجة غرب, والجانب الشرفي للكهف تنتشر به بكثافة الهوابط والصواعد, بينما جانبه الغربي يتكون من الصخور الطباشيرية( الحجر الجيري) الذي يحوي معقدات من الزلط أو الصوان وترجع للعصر الأيوسيني( أي قبل35 مليون سنة), ومن خلال المؤشرات الأولية تشير التوقعات إلي احتمال ان تثبت التحاليل أن يكون عمر الصدع الذي تسبب في وجود الكهف يرجع إلي حقبة تكوين البحر الأحمر, جيث انه يأخذ نفس اتجاه البحر الأحمر وخليج السويس, أي مايقرب من5 إلي10مليون سنة, ولم تكن الصواعد والهوابط كما كان يعتقد في بداية اكتشاف الكهف من البلاتين إنما من معدن الكالسايت( الحجر الجيري المتبلور), وقد تثبت المرحلة القادمة انه من أفضل أنواع الألباستر في العالم كله. وعن أهمية المنطقة التي يوجد بها الكهف الجديد يضيف الدكتور مصطفي القاضي: المنطقة القريبة من الكهف زاخرة بالكثير من عناصر التراث الطبيعي المهم, فقبل الوصول اليه يوجد معبد الحيطة ومحاجر مونس كلاوديانوس ومحاجر مونس بورفيريتوس وهي المحاجر التي كان قديما يستخرج منها أحجار السيماق الامبراطوري وهي من أغلي واروع واندر الانواع العالمية, ولاتوجد في أي مكان من العالم سوي في مصر ومن هنا اتجهت انظار العالم اليها للحصول علي أحجار السيماق, فالعديد من الأعمدة والتوابيت والدفايات في الكنائس والقصور الإيطالية التاريخية الشهيرة تم جلبها من تلك المحاجر عبر النيل حتي الإسكندرية ومنها عبر البحر إلي إيطاليا, وللآن يوجد بقايا أعمدة وتوابيت مازالت موجودة بالمنطقة وكان قد تم تقطيعها وتشكيلها ثم تجهيزها للشحن ولكنها أصيبت بشروخ وكسور فتركت مكانها, ومن الطرائف التاريخية ان نابليون بونابارت في حملته علي مصر حاول الوصول إلي تلك المحاجر إلا أنه فشل, وهذا يدلل علي الشهرة التاريخية لها, وعلي مسار الطريق توجد سلسلة من المحطات الرومانية منها محطة الحيطة( أو كما يطلق عليها حائط قنا), وتم العثور في الحيطة علي ثلاث عملات اثرية نادرة ترجع للقرن الرابع الميلادي, كما تم العثور علي قطع من الأوستراكا ترجع للعصر الروماني, أيضا يوجد حصنان احدهما يقع في الوادي والآخر يقع علي قمة التل المجاور والذي يبعد بمسافة تتراوح بين100 150 مترا شمال الحصن الأول وعلي ارتفاع40 مترا من بطن الوادي أي ان المناطق المجاورة بمفردات هائلة من عناصر التراث الطبيعي المتفرد, كما يوحي نفس الاكتشاف بان باطن الجبال ورمال تلك المناطق حبلي بالكثير والكثير من تلك الروائع التي لم تبح باسرارها وتحتاج إلي جهود وبعثات عملية واستكشافية متخصصة لكشف النقاب عنها.