واصل قادة العالم من أوروبا إلي الولاياتالمتحدة أمس محاولاتهم لإنقاذ منطقة اليورو من ديونها في تحرك يهدفون منه لحماية الاقتصاد الدولي من الدخول لمرحلة كساد جديدة, فبعد ساعات من إقرار البرلمان اليوناني إجراءات التقشف الجديدة شارك الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اجتماع عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة حول أزمة منطقة اليورو مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وشهدت اليونان مساء أمس الأول الحلقة الأولي من سلسلة التحركات الدولية التي جرت خلال الساعات الماضية لمواجهة شبح الكساد, حيث تمكنت حكومة رئيس الوزراء جورج باباندريو من تمرير مشروع القانون المثير للجدل الذي يتضمن إجراءات تقشفية جديدة رغم الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي صاحبتها أعمال عنف. وصوت البرلمان علي مشروع القانون- الذي يمهد الطريق لحزمة قروض جديدة لليونان بقيمة ثمانية مليارات يورو-11 مليار دولار- بأغلبية153 صوتا مقابل146 من مجموع300, وهو عدد نواب البرلمان. وتشمل خطة التقشف إقرار زيادات جديدة علي الضرائب وتخفيضات أخري في المعاشات والأجور, وفصل30 ألفا من موظفي القطاع العام, إضافة إلي تعليق عقود العمل الجماعية. ونجح باباندريو في الحصول علي هذا التمرير العسير لمشروعه رغم تصويت وزيرة العمل السابقة لوكا كاتسيلي ضد أحد بنود المشروع, مما حدا برئيس الوزراء إلي طردها من الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم. واضطرت الحكومة اليونانية لإقرار الإجراءات الجديدة لنيل قسط جديد من القروض من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد لتجنب عجز محتمل عن سداد ديون البلاد التي قدرت قبل أشهر قليلة بأكثر من400 مليار دولار. وكانت الإجراءات التي أقرها البرلمان قد أثارت خلال اليومين السابقين علي التصويت احتجاجات صاخبة في أثينا شارك فيها عشرات الآلاف, وواكبتها أعمال عنف نسبت إلي جماعات من الفوضويين. وتوفي رجل شارك في المظاهرات بعد نقله إلي المستشفي متأثرا بنوبة قلبية, في حين أصيب نحو مائة في أعمال العنف التي تدخلت الشرطة اليونانية لإخمادها, واعتقلت نحو ثمانين شخصا, وصاحب الاحتجاجات إضراب عام في قطاعات حيوية لمدة48 ساعة. أما الحلقة الثانية في سلسلة تحركات إنقاذ الاقتصاد الدولي فقد قامت بها ترويكا الدائنين الدوليين لليونان, حيث أوصي ممثلون في صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي, بسداد دفعة سادسة من أموال الإنقاذ لحكومة أثينا في أقرب وقت ممكن, وتبلغ قيمتها ثمانية مليارات يورو- عشرة مليارات دولار- رغم وجود عناصر مقلقة للغاية في كيفية تطور ديون اليونان. وكشف تقرير الترويكا أن انحدار الاقتصاد اليوناني كان أكبر مما هو متوقع, وأن تقدير النمو الاقتصادي للبلاد علي المدي القصير ينبغي مراجعته باتجاه تخفيض التوقعات, مضيفا في الوقت نفسه أن تنفيذ إجراءات حكومية جديدة فيما يخص زيادة الإيرادات وتقليص الإنفاق سيمكن اليونان من تحقيق الأهداف المرسومة فيما يتصل بعجز الميزانية في2012 وليس في.2011 وبينما كانت أوروبا تشهد هذه السلسلة من التحركات, اتسع نطاق البحث عن حل لأزمة اليورو ليصل للجانب الآخر من الأطلنطي, حيث أعلن البيت الابيض مساء أمس الأول أن الرئيس الامريكي باراك اوباما شارك في ندوة عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لبحث أزمة ديون القارة العجوز. وعقب هذا الاجتماع الذي يعكس ارادة أوباما في الانخراط في جهود حل الأزمة, وجه البيت الابيض تحية لساركوزي وميركل علي عملهما الفعال الرامي إلي إيجاد حل قابل للحياة سياسيا. وأضاف متحدث باسم البيت الأبيض في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية أن المستشارة ميركل والرئيس ساركوزي مدركان تماما للحاجة الماسة لحل المشاكل في منطقة اليورو ويعملان بشكل فاعل لايجاد حل شامل يواجه هذا التحدي ويكون قابلا للحياة سياسيا. وكان وزير المالية الألمانية قد كشف قبل ساعات من الندوة الرباعية النقاب عن أن بلاده توصلت إلي اتفاق مع فرنسا بشأن صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي, غير أنه أكد في الوقت نفسه أنه اتفاق ثنائي ولا يرقي إلي أن يكون اتفاقا أوروبيا علي حد تصريح فولف جانج شوبيله. وأضاف المسئول الألماني أن علي فرنسا وألمانيا مسئولية لقيادة أوروبا, ولكن هذا لا يعوض المباحثات التي سيجريها قادة الدول ال17 المكونة لمنطقة اليورو, وذلك قبل ساعات من القمة الأوروبية التي تعقد غدا- الأحد- في بروكسل والتي توصف بالفرصة الأخيرة للتوصل لخطة لحل أزمة الديون والحيلولة دون أزمة بنكية ضخمة في القارة. وانعكست تحركات الانقاذ الدولية علي حركة التداول في البورصات العالمية, حيث استقرت أسعار البترول الخام فوق مستوي109 دولارات للبرميل بعد تعافيها في الجلسة السابقة, وسط تفاؤل باقتراب التوصل إلي حل لأزمة ديون منطقة اليورو خلال قمة الفرصة الأخيرة التي يعقدها زعماء أوروبا غدا. وانخفض سعر مزيج برنت26 سنتا إلي109.5 دولار للبرميل بعد أن ارتفع لما يصل إلي110 دولارات, وزاد سعر الخام الأمريكي29 سنتا إلي86.36 دولار للبرميل. في الوقت نفسه, انخفض مؤشر نيكي الرئيسي للأسهم اليابانية انخفاضا طفيفا في أواخر التعاملات في بورصة طوكيو للأوراق المالية أمس إثر تداولات ضعيفة, حيث يترقب المستثمرون مزيدا من المؤشرات بشأن مساعي زعماء أوروبا لوضع تفاصيل خطة لاحتواء أزمة ديون منطقة اليورو. وفي بكين, أعلنت الخارجية الصينية أمس أن الاتحاد الأوروبي أرجأ القمة الصينية- الأوروبية التي كانت مقررة الثلاثاء المقبل بسبب انشغال زعماء الاتحاد ببحث أزمة الديون في القارة.