طالعتنا الصحف منذ عدة أيام عن قرب إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952، العزل السياسي وحده لا يكفي طالعتنا الصحف منذ عدة أيام عن قرب إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952، والمعروف باسم قانون الغدر، مع تغيير الاسم ليصبح قانون إفساد الحياة السياسية، وأن من بين المقترحات المعلنة تلك المتعلقة بتطبيق القانون على أعضاء لجنة السياسات والأمانة العامة للحزب الوطني المنحل، باعتبار مسئوليتهم عن جميع القوانين التي كانت تصدر ويتم تنفيذها لمصلحة الشخصيات المنتمية لكل من اللجنة والأمانة العامة، وبالنسبة لباقي أعضاء الحزب – البالغ عددهم ثلاثة ملايين عضو – ممن ليست لهم صفة قيادية فيطبق عليهم القانون من خلال التحقيق في أي بلاغ يقدم ضدهم ويحدد كيفية المشاركة في إفساد الحياة السياسية مدعما بالأدلة. كذلك من المنتظر أن يحدد مرسوم إفساد الحياة السياسية عددا من الجزاءات على مرتكبي تلك الجرائم تشمل العزل من الوظائف العامة القيادية وسقوط العضوية في مجلسي الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية والحرمان من حق الانتخاب أو الترشح، والحرمان من تولي الوظائف العامة القيادية، والحرمان من الانتماء إلى أي حزب سياسي، والحرمان من عضوية مجالس إدارات الهيئات أو الشركات أو المؤسسات العامة لمدة تصل إلى خمس سنوات في حدها الأقصى. وقانون إفساد الحياة السياسية بصورته السالفة لا يفي بالغرض الذي وضع من أجله، لأنه بذلك سوف يستبعد من الساحة السياسية بضع عشرات من أعضاء الحزب الوطني المنحل الذين كانوا يمثلون لجنة السياسات والأمانة العامة، أما باقي الأعضاء المنتسبين للحزب الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين فاستبعدهم القانون من المساءلة إلا من خلال التقدم ضدهم ببلاغ يحدد فيه مقدمه كيف قام المشكو في حقه بإفساد الحياة السياسية، ليس هذا فقط وإنما يلزمه القانون بتقديم الأدلة الداعمة والمؤكدة لقيامه بهذا الفعل، وهذا قصور شديد في القانون إذ هناك الكثيرون الذين قاموا بالفساد السياسي وفسادهم واضح للعيان ولكن لا يملك أحد المستندات الدالة على هذا الفساد، كما أن هذا الوضع سيؤدي إلى إحجام المواطنين عن تقديم البلاغات خوفا على أنفسهم وذويهم خاصة في ظل أوضاع أمنية مهترئة، وسيفتح الباب لوجود المساومات من قبل من يملك أدلة إدانة ضد أحد الأعضاء السابقين، كما أنه يفتح الباب أمام الرشاوى من قبل المشكو في حقهم. وكان الأولى بالقانون في ثوبه الجديد أن يستبعد كل أعضاء مجلس الشعب السابق (2010) الذين نجحوا من خلال التزوير الذي باشره قادة الحزب الوطني المنحل، والذي كان أحد الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير، وكذلك استبعاد جميع أعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجالس الشعبية المحلية في جميع المحافظات دون الانتظار لوجود بلاغات ضدهم. وبالتوازي مع ما سبق لابد من بعض التعديلات على قانوني مجلسي الشعب والشورى فيما يتعلق بالمزايا التي يتمتع بها أعضاء المجلسين، وعلى رأس تلك المزايا الحصانة التي يتكالب من أجل التحصن بها أصحاب الثروات والأعمال والعصبيات لإيجاد غطاء يحميهم من المساءلة القانونية واستغلالها في التوسع في أعمالهم وتكوين ثروات لهم ولذويهم والاستفادة من المشروعات العامة والأراضي المملوكة للدولة، والتي يجب قصرها على وجود النواب داخل المجلسين وخلال الاستجوابات التي يقدمونها، كذلك من الضروري قصر عمل النواب على العمل السياسي ومتابعة التشريعات والقوانين التي تخدم المصلحة العامة بما يقضي على صفة نائب الخدمات لأنها مسئولية الحكومة. وإذا تم ما سبق فإننا سوف نقطع الطريق أمام المتطلعين للثراء والسلطة على حساب العمل السياسي الجاد الذي تمثله البرلمانات الحقيقية في الديمقراطيات التي نتطلع للحاق بركبها، وساعتها لن نجد إلا النائب المخلص القادر على التصدي للعمل العام، كما أن هذا سوف يفيد في العملية الأمنية لأنه سوف يكفينا شرورا كثيرة من المتوقع حدوثها ونحن مقبلون على انتخابات مجلس الشعب بعد أسابيع قليلة، لأن التركيبة السكانية في عموم الريف والصعيد تعتمد على العائلات والعصبيات والقبائل، وليس خافيا على أحد ذلك الاجتماع الذي عقد في الصعيد وحضره ما يقرب من 400 نائب من نواب الحزب الوطني يحشدون فيه أنفسهم لخوض غمار المعركة الانتخابية، ومهددين باستخدام العنف وتدمير المنشآت العامة وقطع الطرق الرئيسية ونشر الفوضى إذا طبق عليهم قانون الغدر، وهي تهديدات كانت كفيلة بوضعهم تحت طائلة القانون لما تنطوي عليه من تهديد للأمن والسلم وزعزعة الاستقرار. فهل نشهد في الأيام القادمة قبل صدور القانون بصيغته المقترحة تلافي تلك النقاط الكفيلة بتجنيب البلاد كوارث جديدة محتملة؟ [email protected] المزيد من مقالات حسام كمال الدين