السؤال كما نعرف لغسان كنفاني والإجابة كما نعرف أيضا غير حاضرة برغم مرور كل هذه السنوات.. والرواية التي نشرها غسان كنفاني في بداية الستينيات تحت هذا العنوان لماذا لم تدقوا الخزان تروي قصة ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة يلتقون حول ضرورة إيجاد حل فردي لمشكلة الإنسان الفلسطيني المعيشية عبر الهرب للكويت حيث الثروة والخلاص, وتتمحور الرواية حول رد الفعل السلبي للإنسان العربي خاصة والمثقف العربي علي وجه أخص, بما يصل بنا في السياق الاخير الي حيرة السؤال الذي نطرحه دون, جدوي: لماذا لم تدقوا الخزان؟ ان الواقع المعاصر يقول لنا ان الرواية التي صورت المأساة الفلسطينية تقطر شعورا بالذنب عند المثقف الفلسطيني والعربي بالتبعية لعدم استشرافه لضياع وطنه وتشرده, فقد أنهي غسان روايته بالسؤال الذي لم نجد عنه اجابة حتي اليوم برغم انه ردد واعيد ترجمته في عديد من الممارسات الدرامية والنظرية. إن غسان كنفاني وجد الاجابة في المصير الذي انتهي اليه اغتياله في سيارته ليصبح أشلاء لكنه ترك لنا السؤال قائما. نجد هذا في كتابات حليم بركات ومذكرات هشام شرابي وتتوالي الابداعات الحائرة لدي يحيي يخلف نجران تحت ورشاد ابوشاور اه يابيروت والبكاء علي صدر الحبيب الصفر, وليلي الأطرش امرأة للفصول الخمسة وثورة في عصر القرود وسحر خليفة في الميراث وافنان القاسم في اربعون يوما في انتظار الرئيس واحمد عمر شاهين زمن اللعنة واحمد حرب في بقايا ومحمود شاهين الارض الحرام ووليد ابوبكر الحنونة وادمون خبز المنافي 1989 شحادة الطريق الي بيرزيت وفدوي فؤاد عباس وغيرهم. وتتوالي الكتابات الفكرية بعد النص الروائي لتطرح جميعها الاسئلة الحائرة: اين المثقف؟ ولماذا لم يعبر عن الواقع الذي يحياه كل هذه السنوات؟ ولماذا لم يخرج من الشرنقة للبحث عن الفعل الإيجابي للخلاص؟ وبشكل أكثر وضوحا: لماذا لم تدقوا الخزان؟ الاجابة مازالت معلقة برغم مضي اكثر من نصف قرن علي طرح كنفاني هذا السؤال. المزيد من أعمدة د.مصطفى عبالغنى