ليسوا مواطنين.. وليسوا مصريين.. نعم فهم ليسوا منا.. ونحن لسنا منهم.. فالوطن ليس مجرد بطاقة هوية تحتضن أوراقها أجنحة' نسر صلاح الدين'.. أو جواز للسفر أخضر اللون. تستقبل صفحاته أختام بلاد يكتب أبناؤها حروف أبجدية لغتهم من الشمال إلي اليمين أو العكس.. أو حتي ملامح سمرة تكتسبها بشرة مواطنيه.. الوطن أيضا ليس مجرد خطوط تتقاطع علي خرائط الجغرافيا ويردد صغاره تعبير' حار جاف صيفا.. دفئ ممطر شتاء..'.. أو نشيد نردده برتابة مملة..!! والإنتماء ليس مجرد كلمات إختار مؤلفها أن يرتب حروفها بعناية لتغني' مصر هي أمي.. نيلها هو دمي' أو شعار أجوف' بالروح.. بالدم' يردده البعض في مناسبات تجاوزت أحداثها معناه ليشق حناجر مواطنين إستسلموا لترديده بآلية رتيبة!! الوطن قيمة نحملها داخلنا أينما كنا مهما باعدت بيننا المسافات.. حياة.. تاريخ.. أعزاء سكنوا في باطن أرضه.. والإنتماء احساس بالأمن.. الإطمئنان.. شعور جارف يدفعنا دوما لنعود مسرعين إلي تلك المساحة علي خرائط الجغرافيا التي تسري في عروقنا وأسمها مصر..!! نعم ليسوا مواطنين.. وليسوا مصريين.. ليسوا منا.. ونحن لسنا منهم.. هؤلاء الذين قتلوا.. أحرقوا.. دمروا.. أشعلوا نيرانا لتأكل ليس فقط' مصر الثورة' ولكن' مصر الوطن' فما جري مساء الأحد الماضي علي كورنيش نيل يجري في عروقنا أمر يوجب علينا أن نفيق ونواجه حقائق سعينا دوما أن نواجهها بردود أفعال أقل ما نصفها به أنها ساذجة.. قس يحتضن شيخا.. مائدة تحتل قاعات فنادق خمسة نجوم في شهر الصيام تتصدرها لافتة تحمل تعبيرا سخيفا' الوحدة الوطنية'.. إعادة بناء كنيسة هدمتها قوي متطرفة بدعوي الدفاع عن الإسلام.. وأخيرا إعدام سفاح- طال إنتظار المجتمع للقصاص منه صباح يوم شهدت ليلته مأساة دامية علي نيل' ماسبيرو' سدد فاتورتها25 مواطنا لم يكن أحد منهم يسعي لينهي حياته بل علي العكس خرج يحلم بوطن ومستقبل أفضل..!! نعم ليسوا مواطنين.. وليسوا مصريين.. ليسوا منا.. ونحن لسنا منهم.. من يسعي إلي هدم دولة أو إسقاط وطن.. من يشعل النيران في جسد الإنتماء بزجاجات مولوتوف.. من يرشق التاريخ بحجارة التطرف.. من يشرع أسلحة بيضاء في وجه التسامح.! ' أحداث ماسبيرو' نزعت أبواب حرصنا دوما علي أن نوصدها علي معاناة إخوة توهما منا بأنها غير موجودة باعتبار أننا لا نراها.. يتباطأ الأمن في ملاحقة من يعتدي علي إخوة له.. تتكرر المشاهد ونكتفي بترديد تهديدات فرغت من محتواها' ملاحقة وعقوبات مشددة' ونتوقف ولا نفعل شيئا وكأننا أدينا ما علينا.. نشرع الروتين لحصار مطالب مؤمنين ببناء كنيسة يوقدون شمعة أمام تمثال للعذراء تحتضنها جدران إحدي قاعاتها.. نقصي من اهتمامنا فرضت عليه طقوس دينه أن يرسم بيده اليمني صليبا علي صدره.. نعامله علي أنه مواطن من الدرجة الثانية.. وترتفع أصوات متطرفة تطالبه بسداد' الجزية' كما ولو كان غريبا عنا وليس شريكا لنا..'!! نعم ليسوا مواطنين.. وليسوا مصريين.. ليسوا منا.. ونحن لسنا منهم.. من إندس وسط مواطنين يسعون إلي التعبير عن مواجعهم بطريق سلمي فأشعل حرائق التطرف والعنف.. وإذا كان' أقباط مصر' يعانون من الإقصاء أو الإهمال فهم أول من بدأوا الطريق.. فمن صك منهم تعبير' شعب الكنيسة' إنما أعلن سواء بقصد وسوء نية أو بدون إنسلاخ مصريين عن إخوانهم.. أعاد فرز مواطنين علي أساس دينهم.. وكانت النتيجة: إنزواء إخوة في ركن صغير من الوطن.. وربما كانت ممارسات الحكومات المتعاقبة قد عمقت هذا الإحساس لدي الإخوة إذ أوكلت تلك الحكومات أجهزة الأمن فقط في التعامل مع الملف فلجأ شركاء الوطن إلي الكنيسة التي رأوا فيها بديلا عن الدولة' مؤسسة للدين والدولة أيضا' فبات الانزواء والإبتعاد هو المصير المحتوم..!! الوطن كله أصبح' مصلوبا' ومعظم مواطنيه ولا أقول مسيحي أو مسلم باتوا معتقلين داخل تصنيفات بالية وأصبحت أجراس الكنائس وآذان المساجد لدي البعض منهم ما هي إلا كلمة السر لتنطلق فرق التطرف لإغتيال الوطن.. فهل نرضي جميعا بأن نكون بالصمت مشاركين أو مجرد مشاهدين..؟!.. بالتأكيد إن' لا' هي الإجابة! المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش