في زيارة قصيرة لمصر علي هامش أعمال المؤتمر السنوي لجمعية أمراض الكلي, اجتمع بالقاهرة أعضاء الأمانة العامة لإعلان اسطنبول, والتي تعد أول جمعية دولية معنية برصد وتتبع عمليات الإتجار بالأعضاء عبر الدول. وخلال جدول أعمالهما المزدحم, حاورت لأهرام كل من دكتور جيريمي شابمان رئيس المجموعة الراعية لإعلان إسطنبول ورئيس جمعية زرع الأعضاء العالمية, والدكتور فرانسيس ديلمنكو السكرتير التنفيذي لمجموعة إعلان اسطنبول اللذين عرضا حجم المشكلة محليا ودوليا والجهود التي يقومان بها لنشر ثقافة التبرع الطوعي بعد الوفاة, كما أشادا بتصديق مجلس الشعب علي قانون زرع الأعضاء, واعتبراه أول الطريق للحد من ظاهرة تجارة الأعضاء بمصر. الأهرام: ما هو دور المجموعة الراعية'لإعلان اسطنبول'؟ د. شابمان: المجموعة الراعية لإعلان اسطنبول هي تجمع دولي عمره لا يتعدي عاما ونصف ويضم كبار الأطباء من مختلف دول العالم, هدفنا الحد من عمليات الاتجار بالأعضاء داخل الدول أو عبر الدول, وهي تعد مسألة غير أخلاقية يجب التصدي لها من خلال تحفيز الدول لإصدار القوانين التي تجرم الاتجار في الأعضاء وتثقيف الشعوب والمجتمع الطبي بأخلاقيات الزرع وحقوق المتبرع والمريض. وقد جاء إعلان اسطنبول بمبادرة من الجمعية الدولية لزرع الأعضاء والجمعية الدولية لأمراض الكلي, ونحن نسعي أن يكون إعلان اسطنبول بمثابة المرجعية المهنية والأخلاقية للعاملين بمجال زرع الأعضاء بالعالم, مثلما هو الحال مع إعلان هلسنكي والخاص بأخلاقيات التجارب الطبية علي المرضي, وخلال الشهور القليلة الماضية نجحنا في اعتماد إعلان اسطنبول كأحد المرجعيات في90 جمعية طبية دولية, كما نجحنا في التواصل مع العديد من الحكومات وإيقاف جزء من عمليات تجارة الأعضاء في كل من باكستان والصين والفليبين. الأهرام: ما هو سبب زيارتكم لمصر؟ د. ديلمنكو: هناك أسباب عديدة للزيارة أهمها تفعيل إعلان اسطنبول, حيث عقدنا اجتماعا مهما علي مستوي الأعضاء, وقررنا إنشاء6 لجان مختلفة لنشر مفهوم إعلان اسطنبول وجمع المعلومات, وإنشاء قاعدة بيانات عن المراكز المخالفة عالميا, وإعداد التقارير اللازمة وإرسالها لمتخذي القرار, إضافة الي تشجيع الدول علي سن قوانين لمكافحة الإتجار بالأعضاء, وهنا نود الإشادة بقانون زراعة الأعضاء الذي وافق عليه أخيرا مجلس الشعب المصري, والذي سيسهم بالتأكيد في الحد من ظاهرة الاتجار بالأعضاء بمصر. ومن ناحية أخري, نسعي لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء طواعية لدي الشعوب بحيث لا يبتز الأغنياء فقراء الدول العالم النامي. الأهرام: هل توجد أي إحصاءات عن عمليات الإتجار بالأعضاء عالميا؟ وحجم الأموال التي تنفق في مجال تجارة الأعضاء؟ د.ديلمنكو: طبقا لمنظمة الصحة العالمية فإن عمليات الاتجار بالأعضاء تمثل78% من مجمل عمليات زرع الأعضاء بالعالم, أما عن الأسعار التي تنفق في مثل هذا النوع من العمليات فهي ما بين60 إلي100 ألف دولار في عملية الزرع الواحدة, وللأسف فإن مثل هذه العمليات تتم في أماكن غير آمنة صحيا, سواء علي المرضي أو المتبرعين, وقد أصيب عدد كبير من المرضي بعد العمليات بأمراض فيروسية كالإيدز, فضلا عن تعرض المتبرعين الي مضاعفات صحية بالغة. الأهرام: كيف يمكنكم رصد عمليات تجارة الأعضاء؟ د.شابمان: كل مريض يجري عملية زرع يحتاج لمتابعة طبية مدي حياته, لذلك حين يأتي مريض ويطلب المتابعة الطبية نسأله عن المركز الذي أجري به عملية الزرع, بعض المراكز المخالفة عالميا تصدر وثائق للتأكيد علي أنها أجرت عملية الزرع, والبعض الآخر لايفعل خوفا من افتضاح أمرها, وعلي ذلك فإن ما نقوم به هو تبادل المعلومات عن المراكز المخالفة ونخطر بها متخذي القرار بالدول التي توجد بها مثل هذه المراكز الطبية. الطريف في الأمر أن بعض هذه المراكز تعلن عن نفسها علي مواقع الإنترنت, إلا أنه في الفترة الأخيرة بدأت هذه المراكز تتواري. الأهرام: ماهي أشكال تجارة الأعضاء المتداولة عالميا؟ د.ديلمنكو: هناك أشكال كثيرة من الاتجار بالأعضاء, منها ما يتم بالدولة من خلال اختيار المتبرع من نفس دولة المريض وإجراء العملية في نفس البلد, أو انتقال المريض لدولة أخري يتوافر فيها المتبرع والمستشفي الذي سيجري العملية, وغالبا ما تكون إحدي الدول النامية التي لا تتوافر فيها نظم رقابية أو قوانين تجرم تجارة الأعضاء, وهو ما يعرف بسياحة الإتجار بالأعضاء أما أصعب أشكال الإتجار والتي يصعب رصدها فهي تتمثل في انتقال كل من المتبرع والمريض لبلد ثالث تتم فيه عملية الزرع. وبشكل عام, فإن عمليات زرع الكلي الأشهر في عالم تجارة الأعضاء نظرا لكون التقنية المتبعة قديمة ومعروفة منذ سنوات تليها عمليات زرع الكبد والقلب. الأهرام: كيف تقيمون الوضع في مصر بعد صدور قانون زرع الأعضاء؟ د. شابمان: هناك العديد من الإيجابيات في القانون سواء في حجم العقوبة علي الطبيب المخالف, أو مدير المركز الطبي, ولعل ماهو أهم في المرحلة المقبلة أن يقتنع المصريون بأهمية التبرع التطوعي بالأعضاء, خاصة بعد الوفاة, فتبرع المتوفي بأعضائه يعطي الفرصة لثلاثة أشخاص في الحياة عشر سنوات أخري علي الأقل, كما أنه يقلل من نزيف الأموال الذي تتكبده الدول لإرسال مرضاهم للعلاج بالخارج. وأود الإشارة الي دراسة لمنظمة الصحة العالمية أجريت عام2007 علي حالات من مصر تبرعوا بأعضائهم مقابل المال, أوضحت أن78% من هذه الحالات عانوا من مضاعفات صحية بعد التبرع أعاقتهم علي العمل, كما أنهم أنفقوا الأموال التي حصلوا عليها خلال الأشهر الخمسة التالية للعملية, هذه النسب الإحصائية متقاربة لما يحدث في كل من الهند وإيران والعديد من الدول, لذلك من المهم أن يتكفل المجتمع بمرضاه, وأن توفر الدولة فرص زرع الأعضاء للجميع دون النظر للحالة المادية للمريض.