نزل الرئيس اللبناني ميشيل سليمان بسقف الانزعاج الذي أبدته قوي14 آذار( الأكثرية) من اللقاء الثلاثي الذي عقد في دمشق قبل أيام وضم الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني أحمدي نجاد وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. باعلانه أن القمة السورية الايرانية هي قمة توحيد مواقف. وأن أي موقف قوي ضد إسرائيل فيه فائدة للبنان ويصب في مصلحته, واصفا الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من نجاد بأنه رسالة دعم قوي للبنان. كما لجم رئيس الحكومة سعد الحريري انتقادات شديدة اللهجة لهذا اللقاء بإعلانه أنه لايشك في نوايا السيد حسن بل نشك في نوايا إسرائيل. ومن ثم انخفضت حدة السجال حول سلاح الحزب قبل عقد الحوار الوطني والذي دعا إليه سليمان اليوم. فبعد فورة انفعالات اعتبرت اللقاء الثلاثي يضع لبنان قسرا في محور يجعل لبنان حصرا علي لائحة الاستهداف الإسرائيلي بالحرب من دون إيران وسوريا, والطرف الوحيد الذي سيدفع الثمن تدميرا دون أن يكون جاهزا, ودون أن يتشاور معه أحد, كما اعتبرت أن هناك من خطف لبنان ليقرر له حاضره ومستقبله دون أن يسأل اللبنانيين رأيهم.. بعد تلك الفورة هدأت حدة الانفعالات واتسمت بالهدوء بدون ان يفرط أي طرف في ثوابت موقفه. ويبدو أن سليمان بتصريحاته الهادئة والحريري بتصريحه الذكي في ضوء تشكيلة حكومته( حكومة الوحدة الوطنية) سعيا إلي إيجاد مناخ صحي وملائم بعقد الحوار الوطني الذي دعا سليمان الي عقدها اليوم لبحث الاستراتيجية الدفاعية وموضوع سلاح حزب الله الذي تطالب قوي14 آذار بأن يكون تحت السلطة الشرعية للجيش, وذلك تجنبا لأي تصعيد كلامي يهدد انعقاد المؤتمر بعد غياب, كما يبدو أن الأطراف المعنية قد تجاوبت مع هذا المسعي في تعاملها مع اللقاء الثلاثي ومع موضوع سلاح الحزب والمقاومة. فالسيد أنطوان زهرا النائب بالبرلمان عن حزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع يري أن سلاح حزب الله ورجاله من أهم الموارد الدفاعية التي يتمتع بها لبنان, لكنه يشدد علي ضرورة أن تكون هذه الموارد تحت السلطة الشرعية, موضحا أنه لا يعنينا إبعاد سوريا عن إيران إلا أن هناك نتائج سلبية من هذا التقارب, وليس من مصلحة لبنان الدخول في محاور إقليمية. ويلفت الدكتور وليد مبارك مدير مركز الدبلوماسية وإدارة الصراعات بالجامعة اللبنانية النظر الي أنه إذا كان البعض يريد فصل سوريا عن إيران, فإن ذلك يحتاج إلي خطوات( وليس كلاما) بأن تقوم إسرائيل بإعادة الجولان المحتل الي سوريا, وإلا فلن يكون ممكنا إقناع سوريا بشيء, مضيفا أن مشاركة السيد حسن نصر الله في اللقاء الثلاثي توضح أن لبنان أصبح في صلب استراتيجية سورية إيرانية بالمنطقة, لكن تهديدات اسرائيل لم تطل أيا منهما بل توجهت الي لبنان فقط. لكن من الملاحظ أن تصريحات الرئيس سليمان الذي اعتبر فيها قمة دمشق مفيدة للبنان وتصب في مصلحته تأتي قريبة من تصريحات قيادات ونواب حزب الله, فقد اعتبر النائب وليد سكرية أن هذه القمة تضع إسرائيل أمام واقع جديد, فهذا التحالف كما يقول ردع لإسرائيل عن القيام بعدوان علي لبنان, ومن ثم يبعد شبح الحرب. ويعرب سكرية عن اعتقاده في أن هذا التحالف قد غير موازين القوي في المنطقة, والعراق ينضم إليه بعد الانسحاب الأمريكي, وأضاف أن إسرائيل تدرك الآن أن أي عدوان ستشنه سيكون مدمرا لها أيضا, ومن ثم سترتدع لأنها تعلم الآن أنها لن تستطيع تحقيق الانتصار الذي يحقق لها أهدافها السياسية, مشددا علي أن المعادلة الجديدة في المنطقة باتت في غير صالح اسرائيل خاصة مع التعاون الإيراني التركي. وفيما يعد رسالة طمأنة للبنانيين يؤكد محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية أن الصورة( صورة نجاد وبشار ونصر الله) وحدها كانت كفيلة لردع العدو ليس لأن أطراف اللقاء يخططون للحرب, ولكن لأنهم يؤكدون أنهم قادرون علي المواجهة إذا فكر العدو في شن حرب, ومن ثم فاللقاء يجهض استراتيجية اسرائيل القائمة علي التهويل والإرعاب, وكان كافيا لإرعاب اسرائيل وقادتها. لكن السؤال هو: هل هذه المواقف تطمئن اللبنانيين الي تماسك الجبهة الداخلية, وإبعاد شبح الحرب؟ ستجيب علي ذلك نتائج اجتماعات طاولة الحوار الوطني اليوم. وتوضح المؤشرات المتوافرة حتي الآن أن هناك ثلاثة اتجاهات الأول: متفائل بحذر تجاه إمكانية دمج إستراتيجية دفاعية للدولة, والثاني: يري أنه إذا كان بعض الفرقاء ينتظر أن ينتهي الحوار بإنهاء سلاح الحزب فهذا مستحيل, والثالث: متشائم ولا يري جدوي من الحوار أساسا حول هذا الأمر.