كريم أسعد طبيب التخدير المصري ، خرج من مصر إلي انجلترا ليس باحثا عن المال والشهرة وإنما سعيا لاستكمال مسيرته العلمية بالحصول علي الدكتوراه كي يصبح استشاريا للتخدير .. فجأة تحول إلي جثة هامدة في دورة مياه حمامات مستشفى "ميرنسيس أفول" بمقاطعة "ويلز" بجنوب إنجلترا. تقول أسرة كريم أن الجثة بها آثار ضرب حتى الموت وبها آثار سجحات وكدمات وملابسه ملطخة بالدماء.. وتقول أيضا والرواية لأسرة كريم أن السفارة قامت بإرسال مندوبين أثنين غير متخصصين في الشئون القانونية مما اضطر أسرة كريم إلي توكيل محامين علي نفقتهم الخاصة .. أما وزارة الخارجية المصرية علي حد قول شقيقة المجني عليه فقامت بطرح المساعدة في نقل الجثمان مقابل سحب شكوى وجود شبهة جنائية للحادث . وردت وزارة الخارجية ببيان قالت فيه: "وبينما كانت الشرطة البريطانية تجري تحرياتها الأولية عن القضية أدلت أسرة الفقيد بتصريحات صحفية أكدت فيها مقتله في حادث عنصري؛ الأمر الذي دفع الشرطة البريطانية إلي التمسك بتشريح الجثة للبت في سبب الوفاة بعدما أثارته الأسرة من شكوك حول وجود شبهة جنائية في الوفاة." الخارجية المصرية تتحدث عن شكوك من جانب أسرة كريم بوجود شبهة جنائية وأن سبب التشريح من قبل السلطات البريطانية هو تصريحات أسرة كريم (هل هذا معقول)! هل ستقوم السلطات البريطانية بإجراءاتها القانونية لمجرد تصريحات أسرة كريم .. ثم يكمل البيان قائلا : "كما داوم القنصل المصري في لندن علي الاتصال بالأسرة خلال وجودها في ويلز لمتابعة التطورات معهم لحظة بلحظة، ونقل مطلبهم بعدم تشريح الجثة ونقلها لدفنه في مصر إلي السلطات البريطانية، إلا أن مسئولي التحقيقات الجنائية بشرطة ويلز رفضوا الطلب نظرًا لما يحيط بالواقعة من شبهة جنائية ". أي أن السلطات ستقوم بالتشريح لوجود شبهة جنائية بالفعل وليس مجرد تصريحات لأسرة كريم ..أظن التناقض واضح في طيات البيان . البيان يحمل في طياته تفاصيل كثيرة تجد أن الهدف منه هو تبرئة الخارجية والسفارة المصرية من أي تقصير ,وان المشكلة في أسرة كريم التي لم تتعاون مع القنصلية المصرية وان هدف هذه الأسرة هو تأكيد وجود شبهة جنائية وبالتالي بهدلة جثة كريم وتشريحها لسبب غير معلوم ، فأي أسرة ستقوم بتشريح جثة ابنها إلا إذا كانت متأكدة من مقتله .. هل هذا البيان منطقيا فالبيان بالكامل يتحدث عن إنجازات السفارة ورفض أسرة كريم أي تعاون معها رغم أنهم في بلد أجنبي وأي إنسان يبحث عن أي سند له في بلاد الغربة ، وما هو السر وراء تعنت القنصلية المصرية بلندن والخارجية المصرية التي امتنعت أن تعتمد شهادة الوفاة الإنجليزية باللغة العربية و أصرت على أن تتم كل الإجراءات بشهادة الوفاة الإنجليزية التي ذُكر فيها أن سبب الوفاة غير معلوم (unascertained) ، مما يثبت فيه السلطات الإنجليزية أصرت على إخفاء الحقيقة وإضاعة كل حقوق الطبيب (كريم أسعد) وهي نفس السلطات التي قامت بتشريح الجثة من قبل لوجود شبهة جنائية . وكيف يتم الاحتفاظ بجثمانه لأكثر من 35 يوم بنية التشريح حتى أصابه العفن والتحلل ولم يعد صالحاً للتشريح إلا إذا كان الهدف هو ضياع دليل مقتل كريم وإبعاد التهمة عن شخص إنجليزي وتلفيق تهمة للطبيب المصري بنفس المنطق القديم للداخلية المصرية وهي تهمة تعاطي المخدرات حتى الموت . بداية مازالت سفاراتنا في الخارج تتعامل مع المصريين بمنطق السادة والعبيد فأنت ما لم تكن مسئولا كبيرا في الدولة فمصيرك الإهمال والتجاهل .. وأين نشطاء الثورة والائتلافات الكثيرة التي نسمع عنها ولماذا لم يتم تصعيد هذا الأمر فهو لا يتعلق بأسرة كريم وإنما يتعلق بكرامة وسلامة كل مصري خارج وطنه وهل هناك ضرورة أن يكون الجريمة مرتكبها أحد رجال الشرطة المصريين لتنظيم مليونية أو احتجاج أو غيره ولكن في حالة أن يكون مرتكبها شخص أجنبي فهناك خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه. أين وائل غنيم وإسراء محفوظ وهما تم ترشيحهما لجائزة نوبل للسلام من أجل جهودهما في الثورة المصرية أي من أجل مصر .. أين المرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية ولماذا لا يدافعون عن كرامة المصريين الذين يتقاتلون من أجل حكمهم .. أين دور الأحزاب التي تتصارع من أجل الفوز بمقعد في مجلس الشعب .. هذه ليست قضية شاب قتل خارج وطنه ولكنها قضية كل مصري يجب أن تدافع الدولة بكل أجهزتها عنه وأن تقف بجانبه وكفانا إهانة وذل في العهد الماضي لمجرد أنني مصري غير مسنود أو ليس لي "ظهر" وبالتالي يمكن أن المزيد من مقالات عادل صبري